أسعار قياسية للاعبين المحليين وتصاعد وتيرة تصدير المحترفين
مكاسب كبيرة للأندية بعد التعويم وتجارة اللاعبين تزدهر
عوائد البث الفضائى والرعاية تنعش خزائن الأندية
محمد مصيلحى: الأهلى والزمالك يستغلون إمكانياتهم وبقية الفرق متضررة
سمير حلبية: ارتفاع الأسعار خلق فرص للمكسب المادى أمام الأندية الصغيرة
يحيى على: زيادة معدلات الاستثمار الرياضى تبرر الصفقات الكبرى
رحاب أبورجيلة: صراع القطبين ووزيادة الدولار يشعلان السوق
محمد شيحة: إقبال الأندية الخليجية رفع أسعار اللاعبين محلياً
نادر السيد: يجب فصل الاستثمار عن النشاط الاجتماعى
تغيب الجماهير المصرية عن ملاعب كرة القدم منذ نحو 6 سنوات ومع ذلك تعيش صناعة كرة القدم واحدة من عصورها الذهبية من الناحية الاقتصادية.
وتتجلى الانتعاشة التى تشهدها الصناعة فى عدد من المؤشرات أهمها أسعار صفقات اللاعبين التى قفزت لمستويات غير مسبوقة بالمعايير المحلية وعقود الرعاية والقدرة على شراء اللاعبين الأجانب.
وخلال ربع قرن من تطبيق الاحتراف كانت البداية فى صيف عام 1993 عندما انتقل رضا عبدالعال من الزمالك إلى الأهلى مقابل 625 ألف جنيه، ووصلت هذا الشتاء إلى 35 مليون جنيه قيمة صفقة انتقال صلاح محسن من إنبى إلى الأهلى، و60 مليون جنيه فى محاولة فاشلة من نادى الزمالك فى الحصول على خدمات لاعب النادى الأهلى عبدالله السعيد.
وارتفعت إيرادات الأندية المصرية خلال السنوات الماضية بعد تسويق الدورى للقنوات الفضائية وخلال موسم 2017 – 2018 حصل النادى الأهلى على أعلى قيمة من عائدات الرعاية والبث الفضائى بواقع 127 مليون جنيه موزعة على 77 مليون من شركة صلة التى ترعى النادى و50 مليون جنيه عائد البث الفضائى من شركة بريزينتيشن مقابل 60 مليون للزمالك و25 مليون للإسماعيلى.
وأنفق النادى الأهلى 2.7 مليون دولار خلال الموسم الماضى لشراء لاعبين أجانب مقابل حوالى مليون دولار للزمالك وبلغ عدد اللاعبين الأجانب فى الدورى المصرى إلى 69 لاعباً من 23 دولة منها 14 لاعب من غانا.
كما تواجد عدد من المدربين الأجانب منهم الفرنسى ديسابر والبرتغالى بيدرو بارنى مع الإسماعيلى والمونتيجرى نيبوشا مع الزمالك.
وللسيطرة على عملية انتقالات اللاعبين وضع الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» قواعد اللعب المالى النظيف تتضمن الموارد التى يمكن أن تحققها الأندية والإيرادات التى تحصل عليها ليتماشى الإنفاق مع الإيرادات.
وتتضمن الإيرادات العوائد التليفزيونية وتذاكر المباريات وعوائد المبيعات فى الملاعب وعوائد بيع اللاعبين وإيجارات منشآت النادى والتذاكر الموسمية حقوق رعاية اللاعبين وعقود الرعاية والجوائز النقدية والاستثمارات وعوائد بيع منتجات النادى خارج الملاعب وفوائد الأرباح الرياضية السابقة وعائد إعارة اللاعبين ونسبة مساهمات الملاك.
فيما تتوزع المصروفات على رواتب اللاعبين والعاملين الرياضيين ومكافآت الإدارة ومصاريف المباريات ومكافآت اللاعبين وعمولات وكلاء اللاعبين وتكاليف الملعب والضرائب وتكاليف شراء اللاعبين والعقوبات والقضايا الرياضية وفوائد القروض ومصاريف استعارة اللاعبين ونفقات الكشف على اللاعبين وتكاليف فرق الشباب والكرة النسائية ونسبة أرباح المساهمين من الإيرادات.
ويرى يحيى على وكيل اللاعبين الأشهر حالياً فى مصر بحكم وساطته بصفقة صلاح محسن، وحسين الشحات من مصر المقاصة إلى العين الإماراتى، إن السيولة النقدية لدى الأندية الكبرى تشجعها على إبرام صفقات بمبالغ قد يراها البعض مرتفعة.
أضاف: «ما نقوم به هو جلب عروض أوروبية لمن يتميز من اللاعبين فى الدورى المصرى، الأمر الذى يجعل الأهلى والزمالك يقدمان عروضاً مالية بنفس القيمة، وأحياناً يفضل اللاعب البقاء فى مصر وترغب الأندية فى الحصول على القيمة المالية نقداً وتبيع العقد نهائياً وليس إعارة بنية البيع مثل العقود الخارجية».
أوضح على أن السبب فى ارتفاع أسعار اللاعبين من وجهة نطره يرجع إلى دخول الأندية الخليجية إلى مصر وعرضها أسعار كبيرة لإعارات اللاعبين وصلت إلى مبالغ تجاوزت 30 مليون جنيه مثلما حدث مع محمود عبدالمنعم «كهربا» ومصطفى فتحى.
وتابع: «بعد حصول الأندية المصرية على عائد مرفع من الإعارات تقوم بشراء لاعبين جدد بدلاً منهم، ومع الإعلان عن أسعار البيع الخارجية تطلب الأندية التى تبيع مقابل مالى كبير، وهى أمور تندرج تحت بند الاستثمار فى اللاعبين وعززها وجود سيولة نقدية لدى الأندية الكبرى».
وقال على إن ارتفاع فى أسعار اللاعبين لن يستمر وسيأتى وقت وينخفض مثل أى سوق استثمارى، وهذا سيحدث عندما تتوقف الأندية الراغبة فى الشراء عن دفع الأرقام المالية الكبيرة، وهو ما سيجعل من يريد البيع يقبل بأسعار أقل مما هو موجود حالياً على الساحة.
واستفادت الأندية المصرية التى تصدر لاعبين للخارج بشدة من تحرير أسعار الصرف قبل نحو 18 شهراً، حيث ارتفع سعر الدولار من 8.88 جنيه إلى نحو 18 جنيهاً وهو ما ضاعف مكاسبها من عملية بيع لاعبيها لأندية خارجية.
وتركت تلك المبالغ أثرها على عدد كبير من فرق كرة القدم فى مصر رغم أن ناديين فقط هما من يسيطران تقريباً على عملية تصدير اللاعبين للخارج.
ورغم أن معظم اللاعبين الذين خرجوا من مصر إلى الخارج فى الموسم الأخير كانت من النادى الأهلى، إلا أنه استخد جزءا من حصيلة بيع لاعبيه فى شراء لاعبين آخرين معظمهم من السوق المحلى، ما ساهم فى دفع أسعار اللاعبين المحليين بشدة واستفادت من ذلك الأندية الأخرى رغم أنها لا تصدر لاعبيها للخارج.
ويرى رحاب أبورجيلة عضو مجلس إدارة الزمالك السابق، أن الزيادة فى أسعار اللاعبين ترجع إلى سببين، الأول هو الصراع الأزلى بين الأهلى والزمالك على ضم اللاعبين، واعتبار الصفقات بطولة خاصة بين القطبين فى الفترة الأخيرة.
أما السبب الثانى من وجهة نظر أبورجيلة، كان تحرير سعر الصرف، الأمر الذى جعل قيمة اللاعب ترتفع فى مصر، فأصبحت الأندية تشترى اللاعبين بنفس قيمة الدولار، وهو ما كان له أكبر الأثر فى الزيادة الحالية.
وشهد الموسم المنتهى عقد صفقة اللاعب صلاح محسن الذى انتقل إلى النادى الأهلى بقيمة 35 مليون جنيه، كما حاول نادى الزمالك الحصول على خدمات اللاعب عبدالله السعيد لمدة 3 مواسم بقيمة تزيد على 60 مليون جنيه، وهى أرقام لم يكن من الممكن تصورها فى مصر قبل عامين.
وبلغت مكاسب النادى الأهلى من بيع اللاعبين فى موسم الانتقالات الشتوية الماضى نحو 170 مليون جنيه، معظمها من التعاقدات الخارجية.
وقال محمد شيحة وكيل اللاعبين إن رغبة الأندية الخليجية للحصول على خدمات اللاعبين المصريين ارتفعت مؤخراً بعد نجاح عدد منهم خاصة بالدورى السعودى، ما فتح الباب أمام انتقال مؤمن زكريا وأحمد الشيخ وعمرو بركات وحسين السيد وعصام الحضرى ومصطفى فتحى وشيكابالا.
ويرى شيحة أن الأهلى والزمالك أفسدا كرة القدم فى مصر، ووضعا نفسهما فى مأزق برفعهما لقيمة انتقال اللاعبين، وبات الأمر بالنسبة لهما بطولات خاصة يتحكم فيها الخوف من الجماهير على صفحات التواصل الاجتماعى.
أضاف «ما وصلت إليه الأسعار الحالية بات يهدد الأندية التى لا تمتلك موارد كافية لمواجهة سيطرة القطبين مثل الإسماعيلى والمصرى والاتحاد السكندرى».
وقال نادر السيد حارس مرمى منتخب مصر الأسبق والذى يمتلك شركة لتسويق اللاعبين، إن السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار اللاعبين يرجع إلى مجالس إدارات الأندية التى تعمل تطوعياً، وتستطيع فى الوقت ذاته اتخاذ قرارات بملايين الجنيهات، ومن السهل جداً أن ترحل فى اليوم التالى دون حسيب أو رقيب، حال تقدمها بالاستقالة، وانتهاء مدة إدارتها للنادى التى تقدر بـ4 سنوات.
وطالب بضرورة وجود إدارات منفصلة فى الأندية للنشاط الرياضى وأخرى للنشاط الاجتماعى، على أن تقوم الدولة بوضع قوانين يمكن من خلالها محاسبة هذه الإدارات على ما تنفقه من أموال يتم دفعها فى صفقات لاعبين قد لا يفيدون أو يستمرون مع الأندية.
ويرى محمد مصيلحى رئيس نادى الاتحاد السكندرى، أن الأهلى والزمالك يتحملان المسؤولية كاملة عن الارتفاع الجنونى فى أسعار اللاعبين.
أضاف: «ما يدفعه الناديان من أموال فى شراء اللاعبين لا يتناسب على الإطلاق مع قيمتهم الحالية، فحتى مع تحرير سعر صرف الدولار فإن الأسعار تعد غير مقبولة وتهدد بقاء أندية مثل الإسماعيلى والمصرى والاتحاد السكندرى لا تمتلك نفس الإمكانيات الموجودة فى الناديين».
أوضح مصيلحى أن تقليص عدد اللاعبين فى قوائم الأندية التى تشارك فى الدورى إلى 25 لاعباً، سيساهم فى الحد من الزيادات الكبيرة فى أسعار اللاعبين وكذلك التعاقد مع اللاعبين المنتهية عقودهم مع الأندية «صفقات الانتقال الحر».
وبالرغم من موقف رئيس الاتحاد السكندرى الذى اعتبر ارتفاع أسعار اللاعبين أزمة بالنسبة لناديه، إلا أن هناك أندية أخرى ترى فى الأمر فرصة مثل النادى المصرى صاحب الشعبية الكبيرة فى بورسعيد والحاصل على المركز الثالث فى الدورى خلال الموسم افلمنتهى.
وقال سمير حلبية رئيس النادى المصرى البورسعيدى، «لا توجد أزمة فى أرتفاع أسعار اللاعبين وسوق الانتقالات يرتبط بسياسة العرض والطلب، ومن حق كل ناد تدعيم فريقه بأفضل العناصر وفقاً لقدراته المالية فى ظل تطبيق الاحتراف».
أضاف أن ناديه تعامل مع الارتفاع الكبير فى أسعار اللاعبين من خلال الدفع بعناصر جديدة من قطاع الناشئين، والاستثمار فى نجوم الفريق ببيعهم بأسعار كبيرة للأندية الراغبة فى ذلك، وشراء بدلاء لهم يكونون بمقابل مالى أقل.
وتمكن عدد من الأندية من تحقيق مكاسب كبيرة من خلال هذه السياسة مثل فريق مصر للمقاصة الذى بلغت عائداته من بيع اللاعبين فى الموسم الشتوى الماضى أكثر من 11 مليون جنيه بينما بلغت مدفوعاته 3 ملايين جنيه، وفريق إنبى الذى بلغت عائداته أكثر من 35 مليون جنيه مقابل إنفاق لم يتخط مليون جنيه.
وباستثناء الدخل من بيع عقود اللاعبين وعقود الرعاية والبث الفضائى، لا يوجد دخل يذكر من الأنشطة الأخرى المرتبطة بكرة القدم فى مصر، فالمباريات تقام بدون جماهير منذ سنوات، كما أن شركات الملابس لا تدفع لمعظم الأندية باستثناء فريق الناددى الأهلى الذى يحصل على دخل محدود من شركة الملابس المتعاقدة منه.
وفيما يتعلق بالمبيعات من قمصان اللاعبين لا تحقق الأندية عائداً يذكر، وأكبر وأشهر الأندية فى مصر على الإطلاق يواجه مشاكل كبيرة فى تسويق قمصان لاعبيه فى مواجهة المنتجات المقلدة وسلسلة المتاجر التى أنشأها لهذا الغرض تحقق خسارة وتعانى صعوبات مالية، وبقية الأندية ليست مهتمة من الأساس بتسويق قمصانها.
ومعظم أندية كرة القدم فى مصر لا تشارك فى بطولات إقليمية أو دولية، باستثناء أندية المراكز الثلاثة أو الأربعة الأولى، ومعظمها يخرج من الأدوار الأولى حيث تكون المكافآت محدودة، والاستثناء الوحيد من ذلك هو النادى الأهلى الذى يعد المرشح الأول لأى بطولة قارية أو إقليمية يشارك فيها، إضافة إلى نادى الزمالك فى بعض الأحيان.
أعد الملف: عبدالرحمن الشويخ