يبدو أن احتمالية توصل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى اتفاق بشأن إنتاج البترول تزداد، فى ظل ابتعاد إيران عن التهديد باستخدام حق الفيتو ضد أى اتفاق من شأنه أن يرفع الإنتاج، وتقديم السعودية مقترحاً يضيف نحو 600 ألف برميل يومياً إلى السوق العالمى.
قالت وكالة أنباء بلومبرج، إنه بعد مرور يومين من اجتماع وزراء المنظمة بشكل رسمى فى مدينة فيينا لاتخاذ قرار بشأن سياسة البترول، حاول المندوبون إيجاد خطة لزيادة الإنتاج، وتخفيف قلق المستهلكين حول أسعار البترول المرتفعة التى لن تؤدى إلى استخدام حق النقض.
وقال المندوبون، إنَّ الاقتراح السعودى ينطوى على حساب معقد يستند إلى مدى خفض المجموعة للإنتاج بما يتجاوز الرقم المستهدف المبدئى المحدد فى عام 2016، والذى يبلغ 1.8 مليون برميل فى اليوم.
وتقدر السعودية وحلفاؤها، أنَّ إجمالى الاستقطاعات فى الإنتاج وصل الآن إلى 2.8 مليون برميل، ولكن الاتفاقية الورقية سوف تشهد زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً؛ لإعادة المجموعة إلى الكمية المستهدفة، ومع ذلك، نظراً إلى أن معظم الدول لن تستطيع زيادة الإنتاج، فمن المحتمل أن يترجم هذا اﻷمر إلى 600 ألف برميل فقط تعود إلى السوق، وهو ما يعادل زيادة فى الإنتاج العالمى مقدارها 0.5% تقريباً.
وتظهر الخطة المعقدة الصعوبة التى تواجهها السعودية فى سد الفجوة بين روسيا، التى دفعت إلى زيادة أكبر فى الإنتاج، وإيران التى تعارض ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتراح السعودى لم يحصل بعد على دعم جميع أعضاء أوبك، بل إنه ربما يواجه مقاومة من الدول الأكثر تشدداً فى المجموعة، بما فى ذلك فنزويلا والجزائر وإيران، فالسعودية ترغب – تحت ضغط من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب- فى تخفيف تخفيضات الإنتاج من خلال تعزيز العرض بشكل معتدل فى النصف الثانى من العام الجارى، كما أن روسيا تدفع لزيادة أكبر فى الحصص بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً.
ورفضت إيران، حتى الآن، مع بعض الدعم المقدم من فنزويلا، أى زيادة مقترحة، بما فى ذلك تسوية سرية طرحها بعض مسئولى أوبك لرفع الإنتاج بما يتراوح بين 300 ألف و600 ألف برميل يومياً فى النصف الثانى من العام الجارى.
وأوضحت الوكالة اﻷمريكية أن هناك سبباً وجيهاً لمعارضة الدولتين، ولا يتعلق هذا السبب بقدرتهما على زيادة الإنتاج الخاص بهما، فإيران تواجه قيوداً على صادراتها النفطية بعد أن أعاد ترامب فرض العقوبات عليها فى مايو الماضى، كما أن صناعة البترول تنهار فى فنزويلا إثر سوء الإدارة واﻷزمة الاقتصادية التى دامت لسنوات.
وقالت الوكالة اﻷمريكية، إنه عندما وافقت أوبك وحلفاؤها، بما فى ذلك روسيا وكازاخستان والمكسيك، على خفض الإنتاج فى نهاية عام 2016، أعلنوا عن تخفيض بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً، ولكن المشاكل التى تعانى منها كل من فنزويلا والمكسيك ودول أخرى تدل على أن الانخفاض فى مايو كان أعلى من ذلك بكثير.
وارتفعت أسعار البترول بنحو 75%، لتصل إلى 80 دولاراً للبرميل، بعد أن اتفقت أوبك وحلفاؤها على خفض الإنتاج فى أواخر عام 2016، ما دفع الرئيس الأمريكى للشكوى على موقع التغريدات القصيرة (تويتر) من أن المنظمة ضخمت الأسعار بشكل مصطنع.
وانخراط «ترامب» فى تلك الاتفاقية يصعب على إيران الموافقة على أى حل وسط، فوزير البترول الإيرانى بيجان نمدار زنكنه يقول، إن الرئيس اﻷمريكى مسئول عن ارتفاع الأسعار؛ بسبب انسحابه الأحادى الجانب من الاتفاقية النووية الدولية.
وأضاف «زنكنه»، فى تصريحات أدلى بها الثلاثاء الماضى: «أوبك منظمة مستقلة وليست منظمة مخصصة لتلقى تعليمات من ترامب، فهى ليست جزءاً من وزارة الطاقة فى الولايات المتحدة«.
وعادة ما تتخذ أوبك قراراتها بالإجماع، وبالتالى إذا استخدمت إيران حق الفيتو، فإنها ستترك بذلك السعودية أمام خيار تجميع تحالف الدول الراغبة فى تجاوز معارضة طهران، كما أنه يمكن للرياض، أيضاً، زيادة الإنتاج من جانب واحد مثلما فعلت فى عام 2011 بعد انتهاء الاجتماع بقسوة دون التوصل إلى اتفاق.
من جانبه، قال بوب دادلى، الرئيس التنفيذى لشركة بريتش بتروليوم، على هامش مؤتمر أوبك فى فيينا: »تستمع أوبك للمستهلكين، فهى تعير الدول المستهلكة اهتماماً«.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية عززت إنتاجها اليومى من البترول فى مايو الماضى، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر الماضى، وذلك قبل الاجتماع المقرر بين روسيا ومنتجى البترول العالميين الآخرين، والذى قد يشهد اقتراحاً بزيادة الإنتاج بقدر أكبر، والتخلص التدريجى من التخفيضات الطوعية التى دامت لـ18 شهراً.
وقالت السعودية، التى تحاول جنباً إلى جنب روسيا لحشد الدعم لرفع حدود الإنتاج، لمنظمة الدول المصدرة للبترول »أوبك«، إنَّ إنتاجها اليومى ارتفع بمقدار 162 ألف برميل يومياً، ليصل بذلك إلى 10.03 مليون برميل فى مايو الماضى، مقارنة بالشهر السابق، وذلك بحسب ما قاله شخص على دراية باﻷمر.
وأظهرت روسيا، أيضاً، دلائل على التزام أضعف بتخفيض العرض؛ حيث رفعت إنتاجها قبل المحادثات التى سوف يتم عقدها مع »أوبك” بشأن مستقبل الاتفاق للحد من الإنتاج، فقد عززت البلاد إمدادات البترول الخام إلى أعلى مستوياته فى 14 شهراً فى الأسبوع الأول من يونيو الجارى.
ويقال إن الولايات المتحدة طلبت من السعودية والدول الأخرى تخفيف القيود المفروضة على الإنتاج، التى وضعت بداية العام الماضى، خاصة فى ظل تشكيل أسعار البترول التى تقترب من 80 دولاراً للبرميل تهديداً للنمو الاقتصادى العالمى.