المشجعون لا يهتمون بالدورى المحلى ويرغبون فى التأهل لمراحل متقدمة بالمونديال
من المعروف أن الكوريين يحبون كرة القدم، فقد شهد العالم كله هذا اﻷمر فى عام 2002 عندما قام مئات الآلاف من المواطنين ممن يحملون قمصان الشياطين الحمر بتعبئة الشوارع الرئيسية فى العاصمة سول لتشجيع فريقهم الوطنى، كما أنهم لطالما وصفوا كرة القدم برياضتهم الوطنية، بما أن البيسبول تعرف بكونها لعبة اليابان.
ويتذكر المشجعون الأكبر سناً فترة الستينيات والسبعينيات عندما كان منتخب كوريا الجنوبية هو بطل آسيا بلا منازع، حيث أتاحت لهم المباريات الوطنية بين كوريا واليابان الفرصة لترك الثأر العاطفى ضد القوة الاستعمارية السابقة.
ويعرف الكوريون بأنهم لاعبون جيدون، أو على الأقل يعتقدون ذلك، ولكن بعض السجلات تدعم تأكيدهم، مع العلم أن كوريا الجنوبية هى الدولة الآسيوية الوحيدة التى تأهلت للمشاركة فى المونديال لـ9 مرات على التوالى.
واستطاعت كوريا الجنوبية تسجيل لحظة رائعة فى مونديال روسيا بعد أن أصبحت أول فريق آسيوى يفوز على منتخب ألمانيا حامل اللقب، والفريق اﻷول على مستوى العالم فى ترتيب الفيفا فى كأس العالم، ليطيح به خارج البطولة، ولكن هذا الفوز لم يكن كافياً لتأهل الفريق إلى دور الـ 16.
كانت هذه المفاجأة صغيرة فقد ألقى بعدها بعض المشجعين الكوريين البيض على المنتخب الوطنى عند عودتهم إلى مطار إنتشون الدولى، ليظهر بعض اللاعبين دهشتهم من تصرفات الرفض وسط الجو العام الترحيبى الناجم عن فوزهم المذهل على ألمانيا، ذلك الفوز الذى طغى على خسارتهم السابقة ضد السويد والمكسيك.
ووفقاً لهذا الصدد، أعرب بعض الألمان عن دهشتهم أيضاً فى مدوناتهم، قائلين: «هل كان ينبغى علينا إلقاء الطوب على لاعبى كرة القدم لدينا، إذاً؟».
وقال الكاتب تشوى سونغ جين، فى مقال لصحيفة «كوريا تايمز» الكورية الجنوبية، إن ما حدث فى مطار كوريا الجنوبية أتاح لهم الفرصة للتفكير فى اﻷمر.
وأوضح أنه لا ينكر حرية المشجعين فى التعبير عن رأيهم، خاصة بعد اﻷداء المحبط للفريق فى أول مبارتين، ولكن بالتفكير فى الأمر ستجد أن أعضاء الفريق الوطنى محققى إنجازات نوعاً ما، رغم اعتقاد العديد من المشجعين أنه من الطبيعى وصول المنتخب إلى الدور الـ16 فى المسابقة.
ومع ذلك، يجب ألا نسمح للفوز غير المتوقع على ألمانيا بإخفاء الواقع العارى والمشاكل المزمنة التى تواجه كرة القدم فى كوريا، فقد قال مدرب كوريا الجنوبية شين تاى يونغ، الذى كان يشعر بضغوط هائلة عشية افتتاح كأس العالم، إن المشجعين الكوريين يشاهدون مباريات المنتخب الوطنى فقط ويصبحون 30 مليون مدرب وطنى.
وكان شين يشتكى من عدم اكتراث المشجعين بالدورى المحلى والنقد المبالغ فيه بشأن المباريات المفقودة، وقد يكون على حق ولكن المدرب الوطنى وغيره من قادة كرة القدم، بما فى ذلك اتحاد كرة القدم الكورى، هم من يتحملون مسئولية الوضع المؤسف.
وفى الوقت الحالى، يتخلف الدورى الكورى الجنوبى حتى عن البطولات المحلية لبعض دول جنوب شرق آسيا، مثل تايلاند وفيتنام، وذلك دون التحدث عن الصين الغنية باﻷموال النقدية واليابان المنظمة بشكل دقيق، كما أن لاعبى كرة القدم الكوريين الجنوبيين يتخلفون كثيراً عن نظرائهم اﻷوربيين واﻷمريكيين اللاتينيين فى المهارات اﻷساسية ويتضح من سيطرتهم المحرجة على الكرة وعدم النظام الذى يصيب لاعبى المنتخب الوطنى، ويرجع ذلك إلى عدم وجود نظام أكاديمى لكرة القدم خاص بالشباب كالذى يتواجد فى الدول المهتمة بكرة القدم.
واستشهدت مجلة «الإيكونوميست»، التى تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، بأربعة شروط للتحول إلى قوة عالمية فى عالم الساحرة المستديرة، وهم المال والحماس وتعزيز المواهب الشابة والحفاظ عليها بجانب الاستعدادات المناسبة لكأس العالم، وبالنسبة لكوريا فهى تمتلك ثروة وطنية وحماسة محتملة، لذا يمكن تلخيص البقية من خلال رعاية المعجبين من الشباب وتعزيز الفرق الإقليمية الجماهيرية من منظور طويل الأجل.
وقارنت المجلة البريطانية أيضاً بين كرة القدم الكورية واقتصادها، الغارق الآن فى فخ الدخل المتوسط والذى يفتقر إلى تحقيق قفزة أخرى إلى المجموعة المتقدمة، نظراً للافتقار إلى الإبداع والابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، يميل الكوريون إلى تجاهل العملية التدريجية السليمة سعياً وراء تحقيق نتائج سريعة فقط، وهو ما يلاحظ أيضاً فى أساليب اللعب المتناقضة فى كوريا واليابان.
وقد أثبت اتحاد كوريا الجنوبية لكرة القدم أنه غير قادر أو حتى راغب فى إصلاح دائرة كرة القدم الملوثة بالتصنع والالتزام بالأداء قصير اﻷمد وحتى الرشوة والتلاعب بنتائج المباريات المدبرة.
ويجب أن تبدأ كرة القدم الكورية بتطبيق خطة طويلة المدى، للحصول على مدرب ذى قدرة، سواء كان هذا المدرب محلى أو أجنبى، ومن ثم منحه كامل السلطة والمسئولية لفترة ممتدة، أو ربما تظل كوريا فريق منتظم المشاركة فى بطولة كأس العالم دون تقدم أكثر من ذلك، وبالتالى سيعذب المشجعون أنفسهم بأمل دون جدوى مرة أخرى بعد 4 أعوام من الآن.