تصعيد التوترات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين يزعزع استقرار اﻷسواق المالية
بدأ الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب فرض الرسوم الجمركية على المزيد من الواردات الصينية البالغ قيمتها 200 مليار دولار، فى خطوة تصعيدية كبيرة للحرب التجارية بين قوتين اقتصاديتين، أحدهما تتحدى الشركات الأمريكية مباشرة.
وتستهدف القائمة الجديدة للتعريفات الجمركية الشركات متعددة الجنسيات التى تعتمد على الصين فى مصادر مثل المواد والمكونات، بما فى ذلك قطع غيار السيارات والمكونات الغذائية والبناء، وفى حالة تنفيذ هذه التعريفات فإن التأثير اﻷكبر لها سيكون على المستهلكين الأمريكيين مقارنة بالتعريفات التى فرضت الأسبوع الماضى على ما قيمته 34 مليار دولار من البضائع، والتى ركزت بدورها على مكونات التصنيع.
وقالت الإدارة اﻷمريكية إن ترامب أخبر الممثل التجارى للولايات المتحدة روبرت لايتايزر ببدء الاستعدادات لرسوم بنسبة 10%، بعد تحديد قائمة بالمنتجات التى يمكن استهدافها.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن الخطوة التى اتخذتها الإدارة اﻷمريكية جاءت بعد أن اتهمت بكين الولايات المتحدة بـ«التنمر فى التجارة»، ومن ثم فرضت تعريفات على ما قيمته 34 مليار دولار من الصادرات الأمريكية.
ووفقاً لهذا الصدد، قال لايتايزر إن الخطوة التى اتخذتها الصين خلال الأسبوع الماضى جاءت دون أى أساس قانونى دولى أو حتى مبرر.
أضاف أن إدارة ترامب حثت الصين بصبر لأكثر من عام على وقف ممارساتها غير العادلة وفتح سوقها والانخراط فى منافسة حقيقية فى السوق.
وأوضح لايتايزر: «لقد كنا واضحين ومفصلين للغاية بشأن التغييرات المحددة التى ينبغى على الصين القيام بها، ولكن للأسف لم تغير الصين سلوكها، ذلك السلوك الذى يعرض مستقبل الاقتصاد الأمريكى للخطر».
وسيبدأ مكتب الممثل التجارى الرسمى الآن عملية الإشعار والتعليق العام خلال شهرى يوليو وأغسطس، قبل فرض التعريفات النهائية.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس اﻷمريكى أخبر الصحفيين أنه كان يرغب فى النهاية بفرض تعريفات جمركية على ما تصل قيمته إلى 500 مليار دولار من واردات الصين من السلع.
واستهدفت الصين الصادرات اﻷمريكية من المزارع والطاقة، بما فى ذلك فول الصويا، رداً منها على التدابير المفروضة، كما أن وزارة التجارة قالت إن الصين صدمت بسبب تحركات واشنطن، فهذه الإجراءات تؤذى الصين وتؤذى العالم بأسره وتؤذى الولايات المتحدة نفسها، مشيرة إلى أن الإجراء غير العقلانى كان غير شعبى.
وأصر المسئولون الأمريكيون على أن البلاد فى وضع جيد من الناحية الاقتصادية للتعامل مع الحرب التجارية، فقد ظلت أرقام الوظائف الأخيرة قوية، حيث أضافت الولايات المتحدة 213 ألف وظيفة خلال شهر يونيو الماضى.
وكانت إدارة ترامب قد حاولت فى السابق تجنب التأثير المباشر على المستهلكين، فى ظل تعريفاتها الجمركية المفروضة على الصين، ولكن النطاق آخذ فى الاتساع الآن.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المنتجات الصينية المدرجة فى قائمة الولايات المتحدة تتراوح بين أنواع معينة من الأثاث والأمتعة، ووصولاً إلى الزوارق القابلة للنفخ وأجزاء الدراجات وأجهزة الإنذار ضد السرقة.
وقال ديفيد فرنش، نائب رئيس العلاقات الحكومية من مؤتمر الاتحاد الوطنى للبيع بالتجزئة، إن الإجراءات سترتد لإلحاق الضرر بالعائلات والعمال الأمريكيين، فالتعريفات على هذا النطاق الواسع من المنتجات تصعب فكرة تفادى المستهلكين الأمريكيين لهذه الزيادة الضريبية لأن أسعار المنتجات اليومية سترتفع.
أضاف أن الانتقام التالى لهذا اﻷمر سيؤدى إلى تدمير الآلاف من الوظائف فى الولايات المتحدة وإلحاق الضرر بالمزارعين والشركات المحلية والمجتمعات بأكملها.
وأفاد محضر اجتماع مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى يونيو الماضى أن الشركات كانت تقول، إن التعريفات قد تسببت بالفعل فى قيام بعض الشركات بتعليق جزء من الاستثمارات أو تخفيضها.
بينما قال تشو هاى بين، كبير الاقتصاديين لدى بنك «جيه.بى مورجان»، إن 70 من بين أهم 100 مصدر من الصين هم شركات أجنبية، مما يضعهم بشكل مباشر فى مرمى النيران، وسيكون هناك الكثير من الأضرار الجانبية بالنسبة للشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الأجنبية، كما أن التأثير، بما فى ذلك على الولايات المتحدة نفسها، سيكون أكبر بكثير من تقديرات ترامب.
وأدت خطوة ترامب التصعيدية إلى تراجع الأسهم وارتفاع الدولار وانخفاض السلع وأصول الأسواق الناشئة، وتستعد الأسواق لجولة أخرى من التصعيد فى الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين.
واتجه مؤشر «ستاندرد آند بورز» لأكبر خسارة فى أسبوعين، وأنهى مؤشر «ستوكس 600» أفضل فترات ارتفاعه، وهبط مؤشر «مورجان ستانلى كابيتال انترناشونال إم إس سى آى» لمنطقة آسيا المحيط الهادى بعدما أصدرت حكومة ترامب أطول قائمة حتى الآن من المنتجات الصينية التى ستضربها التعريفات، وتعهدت الدولة الآسيوية بالرد، وقادت بورصة شنجهاى موجة التراجع فى أسهم البلاد، وانخفضت قيمة اليوان.
وأثار التصعيد المحتمل ارتفاعاً فى الدولار وسندات الخزانة ومعظم السندات الأوروبية، وتراجعت الأسهم والعملات فى الأسواق الناشئة.
وهبطت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» فى جلسة أمس بنسبة 0.6% فى الساعة السابعة صباحاً بتوقيت نيويورك بعد هبوطها 1.1% فى وقت سابق، وأغلق مؤشر «ستوكس 600» هابطاً بنسبة 1.1%، كما تراجع بنفس النسبة مؤشر »فوتسى 100» البريطانى.
وهبط مؤشر «توبكس» اليابانى بنسبة 0.8%، وانخفضت بورصتى هونج كونج بنسبة 1.3% وخسر مؤشر بورصة شنجهاى 1.8% من قيمته.
وارتفع الدولار بنسبة 0.3%، بينما هبطت سندات الخزانة الامريكية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطة أساس إلى 2.84%.
وتراجع خام غرب تكساس الوسيطةبنسبة 0.7% إلى 73.62 دولار للبرميل، وفقد الذهب 0.4% ليقف سعره عند 1250.89 دولار للأوقية.