انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية والقروض قصيرة الأجل مصدر قلق المنطقة
فى أعقاب الكشف الأخير عن ديون ماليزيا المتضخمة فى عهد رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، ظهر قلق متزايد من أن حملة البنية التحتية فى جنوب شرق آسيا ستدفع المنطقة نحو أزمة ديون.
وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أنه تم تحديد «لاوس» الدولة الواقعة فى منطقة جنوب شرق آسيا، من قبل صندوق النقد الدولى، بأنها معرضة لخطر شديد من أزمة الديون. ويمكن أن تتبعها دول آخرى فى هذه المنطقة.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن هناك أوجه شبه مع منطقة جنوب آسيا، إذ اقترضت سريلانكا من الصين مؤخرًا وتحتاج 99 عامًا حتى يتم السداد، كما تتحمل ماليزيا ولاوس أعباء ديون بمليارات الدولارات لمشاريع فى إطار مبادرة طريق الحرير الصينية.
ومن أجل الحد من الإنفاق المستقبلى، تسعى الحكومة الماليزية الجديدة إلى إعادة التفاوض بشأن المشاريع المدعومة من الصين والتى وافقت عليها حكومة نجيب رزاق، بما فى ذلك إنشاء خط سكة حديدية بقيمة 14 مليار دولار لربط ميناء كلانج، أكثر موانئ البلد ازدحاماً الواقع على ساحلها الغربى بالساحل الشرقي.
ومن ناحية أخرى تفضل «لاوس» التغاضى عن ضغوط الديون الصينية، رغم حقيقة أن المشروع الصينى البالغ قيمته 5.8 مليارات دولار لربط ميناء «كونمينغ» فى جنوب الصين، بعاصمة لاوس وهى «فينتيان»، سيستهلك موارد تعادل حوالى 40% من إجمالى الناتج المحلى للبلاد.
واستخدمت الصحيفة تقرير البنك الدولي، عن إحصاءات الديون العام الحالى، لتقييم مدى خطورة الديون فى جنوب شرق آسيا باستثناء بروناى، وتيمور الشرقية وسنغافورة.
واستناداً إلى نسب الدين الخارجى إلى إجمالى الدخل القومى، حددت الصحيفة 6 بلدان فى جنوب شرق آسيا من حيث مستويات ديون أعلى من المتوسط بالنسبة للعالم النامى.
وكشفت البيانات، أنه يوجد فى لاوس، أعلى مستوى من الديون الخارجية فى جنوب شرق آسيا، بنسبة 93.1%، مقارنة بمتوسط قدره 26% لجميع البلدان النامية.
وفى ماليزيا وكمبوديا وفيتنام، تبلغ نسبة الديون 69.6% و54.4% و45.6% على التوالى مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى.
وأشارت الصحيفة، إلى أن ثلثى ديون لاوس مقومة بالعملات الأجنبية، ولذلك فإن الانخفاض المفاجئ فى قيمة العملة المحلية يشكل أكبر خطر على خدمة الديون فى البلاد، وعملت الدول الست، على تكديس قروض أجنبية فى السنوات الخمس الماضية لاسيما كمبوديا ولاوس وفيتنام.
وسجلت كمبوديا نمواً بنسبة 142% فى ديونها الخارجية وهى الأكبر فى المنطقة، وتعد الصين أكبر الدائنين مع تقديمها حوالى 70% من ديونها الخارجية فى عام 2016 وهى أيضاً أكبر دائنى «لاوس»، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولى.
ورغم النمو السريع لمعدل الاقتراض، فإن الألم فى كمبوديا أقل من الخطر فى لاوس وماليزيا وإندونيسيا بسبب انخفاض نسبة احتياطياتهم من العملات الأجنبية إلى الديون الخارجية قصيرة الأجل وارتفاع نسبة الدين الخارجى إلى الصادرات.
وبالنظر إلى بيانات عام 2016 كانت احتياطيات النقد الأجنبى لماليزيا تمثل 1.1 مرة فقط من حجم الديون الخارجية المستحقة خلال عام واحد وتدهورت هذه الحالة منذ عام 2008، إثر إعلان وزير المالية «ليم غوان إن»، أن إجمالى ديون البلاد وغيرها من الخصوم تزيد بنسبة 60% تقريباً عما أبلغته حكومة نجيب رزاق، مع وجود عبء الديون قصيرة الأجل.
وذكرت الصحيفة، أن الاحتياطيات الأجنبية تمثل حائط السد أمام تايلاند وفيتنام، إذ تحتفظ كل منهما بنحو 6.1 أضعاف مبلغ الديون الخارجية قصيرة الأجل.
واضافت أن لاوس، وماليزيا، وإندونيسيا، لها أقل نسب مواتية للديون الخارجية للصادرات وهو مؤشر يستخدمه البنك الدولى، لتقييم قدرة البلد على سداد الديون.
وبالنسبة لماليزيا وإندونيسيا، ينبغى أن يؤدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية التصديرية إلى تحسين قدرتها على سداد ديونها، ونتوقع أن تعزز الفوائض التجارية احتياطياتها من العملات الأجنبية فى العام المقبل.
وفى إندونيسيا من المحتمل أن تصبح الديون المتصاعدة خصوصاً من الصين قضية سياسية كبيرة قبل الانتخابات العامة فى العام المقبل عندما يسعى الرئيس جوكو ويدودو، للحصول على فترة رئاسة ثانية كما هو الحال فى ماليزيا خلال الانتخابات العامة الأخيرة، ومن المرجح أن تفوز الحركات المناهضة للصين ببعض الأصوات.
وتضاعفت حصة الصين من القروض الثنائية الشاملة لإندونيسيا، من 4.5% فى عام 2014 إلى 9.2% تحت حكم ويدودو، وأصبحت بكين ثالث أكبر مقرض لإندونيسيا بعد سنغافورة واليابان، ومن المتوقع أن تصبح أكبر مقرض فى إندونيسيا فى وقت مبكر من العام المقبل.
ومع ذلك لا تمثل القروض الصينية سوى حوالى 4.6% من إجمالى الديون الخارجية لإندونيسيا، مما لا يشكل خطراً كبيراً على قدرة البلد على تحمل الديون.