اقتصادنا يا تعبنا «85»
انتهت فعاليات كأس العالم فى روسيا 2018 هذا الأسبوع وتحديداً يوم 15-7-2018، والذى استمر فعالياته قرابة شهر، ولا ينبغى أن يمر حدث كهذا وكم الدروس التى يمكن أن نتعلمه منه كدولة وأفراد، السياسة قبل الاقتصاد، السياحة والخدمات، التحضر والرقى، التلقائية فى الفرح والحزن عند المكسب أو الخسارة،
كاقتصادى كيف نستفيد من هذه التجربة العالمية التى تجذب متابعين لها من جميع الدول حول العالم متقدمة أو نامية، أفراد وجماعات؟ وكيف ندرس ذلك لأولادنا وطلابنا ومن يتولون مناصب كبيرة أو صغيرة؟
فعلى مستوى الدولة، تكاتفت جميع أجهزة الدولة وبتنسيق عال على خروج هذا الحدث بأفضل صورة من حيث التنظيم والرعاية والخدمات المقدمة لجميع الزائرين فرق تلعب أو مشجعون أو سياسيون أو حتى اقتصادية وشركات تهافتت على هذا الحدث.. فلقد ظهرت روسيا بمظهر مشرف من حيث الرعاية والتنظيم.. حجم الدخل الذى تولد لهذه الدولة من السياحة والسفر والإنفاق والرعاية للشركات لا يقارن.. بل هو دعاية جدية جدا للدولة على المستويين السياسى والاقتصادي..
أما على صعيد روح الفريق.. فقد أظهرت الفرق التى تلعب بالنجم الأوحد فشلها كدول الأرجنتين والبرازيل والبرتغال ومصر.. فى حين أظهرت دول ككرواتيا.. وبلجيكا نموذجًا يحتذى به للدول.. دول ليس بها نجوم مثل ميسى ورونالدو ولكنها لعبت بروح الفريق والتزمت بتحقيق أهداف طموحة جعلت ببلد مثل كرواتيا تصل للنهائى وبلجيكا للنصف نهائى.. ولتحصل كرواتيا وهى خارج التصنيف على المركز الثانى وبلجيكا على المركز الثالث تاركة وراءها اسماء كبيرة تندب حظها…
إذا الاستعداد الجيد والالتزام من جانب الفريق ودعم أجهزة الدولة له دونما فساد أو مظهرة ونفخة كدابة.. جعلت هذه الفرق تفرض احترامها على الجميع.. فكرواتيا البلد الصغير بتعداد سكانى 4.5 مليون مواطن.. اتخذ شعار «بلد صغيرة بأحلام كبيرة» Small Country with big dreams.. ناهيك عن التشجيع الحضارى.. استطاعت أن تجذب أنظار العالم لها بمكاسب سياسية واقتصادية سياحية كبيرة على مستوى الترويج للبلد.. فرئيسة دولة تذهب من مالها الخاص وعلى الدرجة السياحية دون جذب فئة على حساب طرف آخر.. كل ذهب بحبه لبلده لم ينتظر من يحمله على كرسى ويدفع له.. لقد أثارت رئيسة كرواتيا إعجاب العالم بتشجيعها وسلوكها وتلقائيتها..
وعلى مستوى التحضر والرقى فى السلوكيات.. كانت اليابان تفرض نموذجها المعروف من النظافة والتحضر لتترك أثرًا طيباً وسمعة طيبة عن بلد.. وكذلك فعلت الدولة الأفريقية من دول العالم النامى السنغال..
أما عن أفكار خارج الصندوق فوجدنا المشجعين التونسيين يوزعون منشورات بدعوة كل من يقابلونه على زيارة تونس من أجل الترويج السياحى لها.. ناهيك عن السلوك الطيب الذى ظهر به المشجعون التونسيون.. فإذا أردت أن تروج لبلدك كن خير سفير لها.. ودعوات منح التأشيرات المجانية فى حدث كهذا.. مثلما فعلت رئيسة كرواتيا.. روسيا وطريقة تصميم دعوات حضور الماتشات من قبل روسيا حيث كانت تذكرة المونديال كتأشيرة مرور لجميع الخدمات (الفيزا- المواصلات).. منذ وصولك المطار وحتى وصولك الفندق..
أما عن التلقائية فأتحدث عن رئيس فرنسا ورئيسة كرواتيا.. إن التعبير عن الفرحة بالفوز لا يحتاج ذلك التملق والالتصاق بالكرسي.. عش ما يعيشه المشجع والمواطن العادى فرحًا وحزنًا.. دون تمثيل أو تزييف أو تعالٍ..
أما على صعيد التكتيك وخطط اللعب وتوليفة العناصر الجيدة لتحقيق الهدف.. فقد استحقت فرنسا لقب كأس العالم.. فقد جمعت بين الخبرات والشباب.. تحت قيادة مدرب كفء وله رؤية.. ولعبت بتكتيك عال.. كيف تلعب جيدا وتصل إلى المكسب كل مرة.. وتقترب خطوة خطوة من الهدف النهائى ألا هو كأس العالم.. فقد احتوى الفريق على لاعبين من جميع المستويات ولعبوا بروح الفريق رغم وجود مهارات فردية عالمية وشباب صغير.. كل فى مركزه ساهم فى تحقيق الهدف رغم الأخطاء القليلة القاتلة.. لكن كفريق تعالج الأمر وتنطلق نحو الهدف.. الدروس من هذا الأمر كثيرة.. الهدف عند الجميع كان واحدا ولكن الذى وصل إليه معدودون.. خطة عمل ينفذها فريق.. «مش بيتمرقع ولا بيلعب دفاع بس.. ولا رايح يلعب فردى.. اختيار جيد لعناصر الفريق والمدرب.. روح قتالية وفنية عالية.. تغيير الخطط بحسب سير الماتش.. دليل على المرونة فى مواجهة التغيرات والتحديات من قبل المنافسين الآخرين مع احترام المنافس ايا كان..مش رايحين نجيل اللعيب فلان عشان بيلعب فى فريق فلان او ابوه فلان او عشان يختم حياته يتسجيل رقم فردى.. او اتخانق عشان العب.. من استحق الانضمام تم ضمه دونما محاباة او تمييز… لم نسمع عن اتحادات هذه الدول فى كاس العالم.. وافراد اتحادات هذه الدول.. سمعنا عن مشجعين ودول ورؤساء دول كل كان على قدر المسئولية.. مش رايحيين يتفسحو.. الفسحة كانت على الهامش.. ولكن تحمل المسئولية كان واضحا.. اصلو ماكنش فرح سيدى العمدة.. بل كان تمثيلا ومسئولية.. كان تكليف بهدف التشريف..
الكلام قد يطول.. لكن الرسائل التى يمكن توجييها من مثل هذا الحدث والدروس كثيرة لمن يرغب فى التمعن والاستفادة… لكل دولة تبغى اصلاحا.. كان لدينا فى هذا الحدث العديد من التجارب لدول عديدة على مستوى السلوكيات ومعايير الاختيار والاداء والتنسيق وروح الفريق وتحقيق الاهداف والنتائج… وبالتالى التقدير والمكافآت.. انت تلعب مع من ولمن ولاجل ماذا.. وفى هذا فليتنافس المتنافسون.. تنوع الفرق فى سوق تتميز بالتنافس الشريف والوصول بالرقابة (التحكيم) الى افضل صورة تساعد على التنافس الشريف.. بقواعد ولوائح صارمة تتطبق على الكل دون تمييز.. وباستخدام التكنولوجيا المتطورة..ونظم الادارة المحترفة.. لتنافس جميعها على اللقب او تكسب احترام العالم او كليهما..
وما نبغى الا اصلاحا وتوعية..