قواعد العمل والضرائب تعرقل النمو رغم سياسة الاقتصاد الكلى الحكيمة
فعَّلت المكسيك كل ما هو جيد على مستوى إصلاح الاقتصاد الكلى، ولكنها انتهت بنتيجة خاطئة، فخلال السنوات العشرين الماضية، بلغ معدل التضخم حوالى 4%، وكان العجز المالى والحساب الجارى يساوى 1.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أنَّ المكسيك نجحت فى الاندماج فى الاقتصاد العالمى بسلسلة من الاتفاقيات التجارية، وهى تصدر سلعاً مصنعة أكثر من باقى دول أمريكا اللاتينية، ومع ذلك، فإنَّ نصيب الفرد من الناتج المحلى كان أسوأ مما هو عليه فى أى بلد آخر فى المنطقة باستثناء فنزويلا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تحصل فيه الشركات المكسيكية على أكبر قدر ممكن من الائتمان كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى تعادل فى ذلك منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وقال سانتياغو ليفى، مسئول كبير فى بنك التنمية للبلدان الأمريكية، إنها مفارقة حقيقية، فجميع الأشياء التى تتوقع أن تقوم بها الاقتصاديات فعلتها المكسيك، ولكنَّ أداءها كان مخيباً للآمال للغاية.
وأضاف «ليفى»، الذى شغل منصب نائب وزير المالية فى المكسيك بين عامى 1994 و2000 فى كتاب جديد تحت عنوان «الجهود المبذولة»، أنَّ السعى لتحقيق الرخاء فى المكسيك يتمثل فى معالجة قوانين الضرائب والعمل والتأمين الاجتماعى التى تخنق الإنتاجية، وتقوض الاستثمار فى البلاد فى مجال التعليم.
وحقق الرئيس المكسيكى لوبيز أوبرادور، فوزاً ساحقاً فى الأول من يوليو على أساس التغيير، وكان أحد تعهداته الأساسية هو تعزيز النمو.
وقال لوبيز أوبرادور، الأسبوع الماضى، إنَّ انخفاض معدل النمو أوجد نقصاً فى الوظائف، وأدى إلى انتشار الفقر والجريمة والعنف والهجرة.
وأضاف «من الضرورى أن ينمو الاقتصاد، فالعالم سينمو بنسبة 4% هذا العام، وستنمو بلادنا بنسبة 2% وعلينا أن نخرج من هذا المنعطف».
وأوضح «ليفى»، أنَّ احترام استقلالية البنك المركزى، واستمرار المرونة فى سعر الصرف، والالتزام بالتضخم المنخفض والإدارة المالية الحكيمة لن تجعل المكسيك تنمو، ولكنها ستضمن، فقط، أن الأوضاع فى المكسيك لن تزداد سوءاً.
وأضاف أن المكسيك لديها مجموعة من «الحوافز الضارة» بما فى ذلك أنظمة الضرائب والضمان الاجتماعى التى كانت قاسية بالنسبة للشركات.
وعلى سبيل المثال، اضطرت الشركات التى تستخدم عمالة بالأجر إلى دفع 30% من أجورها فى اشتراكات الضمان الاجتماعى، وواجهت قيوداً على عزل الموظفين، لكنَّ الحكومة دفعت اشتراكات التأمين الاجتماعى للعمال غير المتزوجين.
وفى الوقت نفسه، دفعت الشركات التى يقل حجم مبيعاتها السنوية عن 2 مليون بيزو أو ما يعادل 106 آلاف دولار نسبة 2% من قيمة المبيعات فى صورة ضرائب، بينما دفعت الشركات التى تجاوزت هذا الحد 30% من الأرباح فى الضرائب، وهذه المعوقات منعت المكسيك من أن تكون أكثر كفاءة وإنتاجية، على الرغم من أن لديها أطول ساعات العمل فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وقال «ليفى»، إنَّ الأسواق تسمح للشركات المنتجة بالازدهار، وتدفع الشركات غير المنتجة، ولكن فى المكسيك فإنَّ العكس هو الصحيح.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أنَّ الحوافز دفعت الشركات إلى أن تظل صغيرة وتعمل فى القطاع غير الرسمى، ولذلك نحتاج إلى زيادة الاستثمار فى التعليم؛ لإجبار العمال ذوى المهارات العالية على تعزيز الإنتاجية.
وأوضح «ليفى»، أن بعض هذه المشاكل لها جذور تاريخية عميقة تستند إلى المثل العليا التى يحميها دستور المكسيك منذ قرن من الزمن.
ولكن من المفارقات العجيبة، أنَّ النظام الذى تم تصميمه من أجل الإدماج الاجتماعى انتهى إلى استبعاد أكثر من نصف قوة العمل فى القطاع غير الرسمى.
وأشارت الصحيفة إلى أن لوبيز أوبرادور، لديه فرصة للتعلم من أخطاء الماضى، وعليه أن يسعى إلى مساعدة الشركات الصغيرة.
ومن خلال إعادة تقييم قواعد الضمان الاجتماعى والضرائب والعمل التى تعيق التقدم يمكن للمكسيك المساعدة فى تحقيق النمو والشمول الاجتماعى الذى وعد به الرئيس الجديد.
وعقب فوزه بالانتخابات أعلن لوبيز أوبرادور، أنه سيقوم بحملة واسعة وجذرية لاستئصال الفساد من البلاد، مؤكداً أنه سيدقق فى العقود التى منحتها شركة البترول الحكومية لعدد من الشركات الخاصة خلال عهد الرئيس المنتهية ولاية أنريكه بينا نيتو؛ للتأكد من سلامة إجراءات منحها، وعدم وجود أعمال فساد مرتبطة بذلك.