فيما يتعلق بفيروس سى كانت مصر دائماً ذات سمعة دولية، فمن واحدة من أشهر بلدان العالم الموبؤة بالفيروس المسبب لالتهاب الكبد، إلى قصة نجاح عالمية فى معالجته، مروراً بمحاولات لعلاجه بطرق غير علمية اتخذ فشلها بعداً عالمياً أيضاً.
الطفرة حدثت بعد الاكتشافات الدوائية الجديدة التى جعلت إمكانية علاج الفيروس أكثر نجاحاً، كما أن الحكومة غيرت خطتها للتعامل مع المرض من خلال أسلوب المواجهة الشامل وهو نهج جديد نتج عنه نجاحات كبيرة.
وقبل عام 2014 كان ملايين المصريين تحت رحمة أدوية وسياسات حكومية محدودة الفاعلية فى مواجهة فيروس منتشر بشكل وبائى يعمل بصبر وفى صمت على قتل الآلاف منهم سنوياً.
أحرزت مصر تقدماً ملموساً فى علاج مرضى فيروس «سى» خلال السنوات الخمس الماضية، وتحديداً منذ أعلان منظمة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» عن اعتماد عقار «سوفالدى» الذى ابتكرته شركة جلياد الأمريكية، والذى تحول فى شهور قليلة إلى أحد أشهر الأدوية التى يحفظ اسمها المصريين عن «ظهر قلب» مثل بقية الأدوية الشائعة.
اتخذت الحكومة خطوات سريعة لاستيراد كمية تقترب من ربع المليون عبوة من «سوفالدى» فى 2014، تبعها مباشرة فتح الباب للشركات المحلية لإنتاج مليون عبوة محلياً خلال العام نفسه.
مع استجابة 5 شركات محلية هى (جلوبال نابى ومالتى فارما وفاركو وماش وإيفا فارم) لتسجيل العقاقير المحلية المثيلة لـ«سوفالدى»، بدأت الحكومة رفع سقف الطموحات تدريجيًا لعلاج أعداد أكبر من المرضى قدرتها وزارة الصحة وقتها بنحو 6 ملايين.
وبدلاً من الإجراءات البيروقراطية للحصول على دواء الإنترفيرون، العلاج السابق والمكلف للفيروس، على نفقة الدولة، اتبعت الحكومة نهجاً مختلفاً وأطلقت منصة إلكترونية لتسجيل المرضى الراغبين فى الحصول على الدواء الجديد بتكاليف محدودة، وتمكن النظام الجديد من القضاء على قوائم الانتظار بعد شهور من إطلاقه.
نجحت وزارة الصحة فى علاج 65 ألف مريض مصاب بفيروس سى فى الشهور الأولى لتسجيل سوفالدى الأمريكى فى مصر عام 2014، من إجمالى 900 ألف مريض سارعوا بالتسجيل على موقع وزارة الصحة للعلاج بالاكتشاف الجديد، حتى بدأ إنتاج السوفالدى المحلى فى يناير 2016.
ساهمت الخطوات المتسارعة للحكومة لتنفيذ خطة القضاء على فيروس «سى» فى علاج 1.8 مليون مريض بالفيروس منذ 2014، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
وبدأت الحكومة مسحاً شاملاً للكشف عن المصابين بالفيروس بالتزامن مع اتجاه شركة برايم فارما المؤسسة حديثا لاستقطاب مرضى من جميع أنحاء العالم للعلاج من الفيروس على أرض مصر ضمن حملة «تور آند كيور» للسياحة العلاجية.
وترى منظمة الأمم المتحدة أن مصر أصبحت نموذجًا يحتذى به فى سائر العالم فى مكافحة «فيروس سى»، ليس فقط لإعطائها الأمل فى القضاء على المرض وإنما لتكاتف جميع الجهود فى خطة عمل قومية تشمل الوقاية بزيادة الوعى المجتمعى تجاه طرق الإصابة بالفيروس وكيفية العلاج منه وتوفيره للمصابين به والمتابعة والتقييم المستمر لخطة العمل.