شهد قطاع العلاقات العامة فى مصر نمواً ملحوظاً – وفى بعض الأحيان طفرات متقطعة – على مدى العشر سنوات الماضية، فهو باعتباره جزءاً حيوياً من العملية التسويقية، استطاع أن يكون بمثابة مرآة عاكسة للمشهد الاقتصادى بصفة عامة، وفى إدارة الأزمات بصفة خاصة.
ففى الفترة التى سبقت ثورة 25 يناير 2011، كانت العجلة الاقتصادية فى مصر مستقرة، بل مبشرة من حيث مؤشرات النمو الاقتصادى، مما انعكس بصورة ايجابية على الحركة التسويقية وقطاع العلاقات العامة الذى ساهم فى أداء دوره كممثل إعلامى للمستثمرين العاملين فى مصر، المحليين منهم والشركات الأجنبية – بالإضافة إلى المستثمرين الجدد الذين كانوا يخططون لدخول السوق المصرى لأول مرة من خلال مشاريع فى مختلف القطاعات، مما خلق ازدهاراً وحركة سوقية إيجابية.
وتغير الوضع منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 ليؤثر سلباً على الاقتصاد المصرى بصفة عامة ليرتفع معدل التضخم إلى %11، بالإضافة إلى خلق حالة أمنية غير مستقرة طالت مؤسسات الدولة وخلقت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، دفعت بعض المستثمرين للتخارج من السوق، بينما فضل البعض الانتظار لما تسفر عنه الاحداث. وفى ظل بعض العشوائية التى طالت العديد من المستثمرين ورجال الأعمال المحليين بتهم فساد وتحقيقات، برز دور العلاقات العامة فى إدارة الأزمات، حيث استعان بعض رجال الأعمال والعلامات التجارية بشركات العلاقات العامة للتعامل مع هذه السلبيات، وعلى صعيد آخر، لعبت شركات العلاقات العامة دوراً مهماً فى متابعة الأخبار التى يتم نشرها فى القنوات الإعلامية بصفة دورية عن العديد من المستثمرين وأعمالهم، وهذا لا يعنى أن القطاع لم يتأثر اقتصادياً، ولكنه استطاع بسبب آلياته أن يكون له دور برغم الآثار السلبية التى نتجت عن هذه المرحلة.
ثم حدثت ثورة 30 يونيو 2013، لتخلق مرحلة جديدة من التحديات شابها العديد من عدم الاستقرار نتيجة الخلافات السياسية الدولية وحيرة المستثمرين فى القدرة على التنبؤ بالمستقبل، ولكن تخللتها العديد من الفرص على المستوى المحلى، حيث لعب قطاع العلاقات العامة دوراً مهماً فى الانتخابات الحزبية والرئاسية، ثم كان شريكاً مهماً فى دعم المشاريع المحلية الكبرى، وعلى رأسها افتتاح قناة السويس والعديد من المبادرات التى قامت بها أجهزة الدولة، وذلك بالإضافة إلى نمو قطاع منظمات المجتمع المدنى منذ اندلاع ثورة يناير والذى استعان أيضاً بخبراء العلاقات العامة.
ثم كانت المحطة الأخيرة بقرار الدولة تحرير سعر صرف الجنيه المصرى، وهو قرار كان له أكبر الأثر فى الحركة الاقتصادية، فمن ناحية رحب به المستثمرون، ومن ناحية أخرى أدى إلى زيادة غير مسبوقة فى الأسعار أدت إلى زيادة معدل التضخم إلى حوالى %33 (فبراير 2017) أثرت سلباً على المستهلك المحلى الذى يعتبر هو الهدف الرئيسى للعديد من الشركات العاملة فى السوق المصرى، وهنا كان لقطاع العلاقات العامة دوراً مهماً فى إدارة منصات وسائل الإعلام الاجتماعى، حيث تأثرت العديد من الشركات العاملة فى السوق المحلى العديد من الانتقادات بسبب زيادة الأسعار، مما اضطر العديد من الشركات الاستعانة بخبراء العلاقات العامة لإدارة هذه الأزمة والتواصل مع المستهلك مباشرة من خلال هذه المنصات لتصحيح المفاهيم وتخفيف حدة آثار هذه القرارات.
مها سعد
المدير التنفيذى لشركة بلو أوشن للاستشارات الإعلامية