إنشاء شركتين وفقاً لقانون الرياضة الجديد ولا يوجد استثمار حقيقى
بندان يتيحان الاستثمار للأندية الأهلية لم يستفد بهما أحد
400 مليون جنيه خسائر “الأهلى” و”الزمالك” من غياب الجماهير
ملعبان فقط يطبقان اشتراطات “الفيفا” لحضور المباريات
قيمة الدورى الممتاز المصرى لا تزيد على 2 مليار جنيه
الفيفا دعم مركز المنتخبات الوطنية بـ4 ملايين دولار
بلغت الاستثمارات الحكومية فى القطاع الرياضى حوالى 4 مليارات جنيه خلال عامين ما يعبر عن أزمة تتمثل فى غياب القطع الخاص عن الاستثمار بجدية بسبب ضعف البنية التشريعية وعدم وجود حوافز كافية للمستثمرين.
وقال الدكتور مصطفى عزام مدير التطوير والاستثمار بالاتحاد المصرى لكرة القدم، “لا يوجد استثمار حقيقى فى الرياضة، ووزارة الشباب والرياضة مطالبة بمراجعة الإجراءات الخاصة بالقانون الجديد رقم 71 لسنة 2017 لمعرفة أسباب عزوف المستثمرين عن الرياضة”.
أضاف فى حوار لـ”البورصة” أن قيمة الاستثمار الرياضى الحكومى فى مصر بلغت 4 مليارات جنيه خلال العامين الماضيين.
أوضح أن الحكومات تعتبر أكبر مستثمر بالمجال الرياضى فى العالم من خلال مشروعات البنية التحتية، والمثال واضح من خلال ما حدث فى كأس العالم والبطولات الأولمبية.
وتابع عزام “فى روسيا وصلت الاستثمارات الحكومية قرابة 10 مليارات دولار، والبنية التحتية الرياضية تضم ملاعب وحمامات سباحة وأندية ومراكز شباب ومدنا رياضية، وهى استثمارات متميزة لتنمية القطاع”.
وقال إن الاستثمار الرياضى بمصر بدأ فى الظهور بشكل واضح عام 2008، من خلال البث الفضائى للمباريات، ووزارة الشباب والرياضة كانت تدفع للأندية حوالى 17 مليون جنيه كان أغلبها يذهب للأهلى والزمالك بحكم الجماهيرية.
أضاف أنه بعد توقف الوزارة عن الدفع أصبحت القنوات تسدد تقريباً 5 ملايين جنيه نظير بث مباريات الدورى، حتى وصلنا لقيام الأندية ببيع حقوقها منفردة ما بين بث فضائى وحقوق تجارية.
أوضح عزام أن السوق بدأ يشهد تداول أرقام تصل 900 مليون جنيه مثل التى حصل عليها النادى الأهلى مقابل بيع حقوق الرعاية والبث الفضائى.
وقال: “عندما صدر قانون الرياضة الجديد كان العنوان الأبرز له هو الاستثمار، وبعد عام من صدور القانون و6 أشهر من صدور اللائحة التنفيذية، شركتان فقط هما من استفادتا من القانون الجديد، شركة نادى وادي دجلة، وشركة بروسيا بالعاشر من رمضان”.
أضاف أن القانون توجد به مشاكل إجرائية ووزارة الشباب والرياضة مطالبة بمراجعة المستثمرين لمعرفة أسباب عزوفهم عن دخول مجال الاستثمار الرياضى، ومحاولة إيجاد حلول.
أوضح أن صناعة الرياضة يجب مقارنتها بالصناعات الأخرى، والإحصائيات تقول إن الرياضة تساهم بنسبة 1% من الدخل القومى وهو رقم أشك فيه كثيراً لأن معظم الاستثمار حكومى”.
وتابع: “يوجد بندان لم يستخدمهما أحد فى القانون الجديد يمكن أن يفتحا الباب للأندية الأهلية فى الاستثمار، وهما إنشاء فروع فى صورة شركات مساهمة، عن طريق وجود ممولين بنظام الفرانشايز بنسبة 49% مثلاً وتكون العضوية خدمة رياضية وليس عضوية دائمة وستظل قائمة للأعضاء فى الفرع الرئيسى، ولا يكون العضو فى الفرع عضواً بالجمعية العمومية، والبند الثانى هو إنشاء شركات لكرة القدم يمتلك النادى 51% منها ويستفيد من تحقيق الأرباح”.
وقال إن البعض يشعر بالخوف رغم أن القانون يمنح الحق للنادى والأعضاء والجمهور والمستثمرين فى تمويل الشركة، ويمكن البدء بالأعضاء وتكوين شركة من صغار المساهمين وإنشاء كيان محترف خاص بشركة كرة القدم للنادى، وحسابها مستقل عن باقى الأنشطة، حتى لا تستهلك ميزانية كرة القدم حقوق الأعضاء.
أضاف أن المجال الرياضى غير جاذب للاستثمار، بسبب الارتفاع الكبير فى سعر الأراضى الذى لا يتناسب مع إمكانيات المستثمر الرياضى مقارنة بالأراضى الصناعية على سبيل المثال.
أوضح أن الدولة مطالبة بتوفير الحوافز للاستثمار فى مجال الرياضة، والضمانات لأن بعض المستثمرين يخشى من الخضوع لقوانين الشباب والرياضة التى تجعل النادى تجت طائلة الوزارة.
أشار إلى أن تجربة نادى “بيراميدز” تمثل أموالا خارجية يتم ضخها فى مصر، والبعض ينظر إليها بحس جماهيرى، وهذا لا يستقيم مع الاستثمار مطلقاً، فالأمر استثمارى بحت بعيداً عن العواطف، ويوجد مستثمرون يراقبون التجربة لمعرفة مدى امكانية خوض تجارب مشابهة لها.
وقال إن العزوف عن الرعاية فى الرياضات البعيدة عن كرة القدم سببه عدم وجود عائدات تحققها هذه الرياضات، وهذا فى كل العالم ويخصص لها صناديق تمويل من أجل الإنفاق عليها.
أضاف: “فى مصر كذلك تقوم الدولة بالإنفاق على هذه الألعاب قدر الإمكان مع مراعاة التركيز على الالعاب التى يمكن أن تحقق نتائج مثل المصارعة والملاكمة والكاراتيه والجودود والتايكوندو ورفع الأثقال وكرةاليد، لكن من الصعوبة أن تقوم هذه اللعبات بالإنفاق على نفسها مثلما يحدث فى العالم أجمع.. كرة القدم فقط فى مصر هى التى تنفق على نفسها”.
وعن معاناة الأندية من غياب الجماهير عن المباريات، قال عزام: “نحن لدينا ملعبان فقط لديهما الاشتراطات الأمنية الخاصة التى وضعها الفيفا لحضور المباريات وهما ستاد القاهرة وبرج العرب، وهما لا ينقصهما سوى نظام التذاكر والترقيم”.
أضاف أنه توجد صعوبة فى اختبار المعايير الموضوعة لحضور المباريات، والبعض يظن أن الأمر فقط يتمثل فى كاميرات المراقبة، والمناطق التجارية والترفيهية من كافتيريات ومطاعم أهم بكثير من ذلك، ولابد لمن يحضر المباريات أن يستمتع، وكل ذلك يعود بفائدة اقتصادية كبيرة على الأندية، لكن قرار حضور الجماهير فى النهاية قرار دولة لا يستطيع الرياضيون الحديث عنه.
أوضح عزام أن الأهلى والزمالك هما الأكثر تأثراً من عدم حضور الجماهير، ويمكن القول إنهما يخسران سنوياً 40 مليون جنيه لعدم وجود الجماهير، ولك إذا كان متوسط مباريات كل فريق 20 مباراة سنوياً دخل المباراة من التذاكر والمخصصات التجارية للبيع للجماهير يتجاوز مليون جنيه من المباراة لو أن كل مباراة يحضرها من 20 إلى 30 ألف جنيه مع متوسط سعر التذكرة 20 جنيهاً.
وتابع: “فى الأندية الكبرى بالعالم لو كان الدخل السنوى للنادى مليار دولار منها 200 مليون دولار من إيرادات يوم المباراة، وفى تقديرى خلال السنوات الخمس الماضية خسر الأهلى والزمالك 400 مليون جنيه”.
وعن رغبة مصر فى تنظيم مونديال 2030، قال عزام: “تنظيم كأس العالم مرتبط بتحديث الدولة بالكامل، الاستاد هو حدث نهاية اليوم، لكن فى كأس العالم لابد من وجود طرق وشوارع وأماكن ترفيه ووسائل معيشة، وبنية تحتية كاملة لأن المعيار الرياضى هو أقل مكون فى استضافة المونديال”.
أضاف أن كل ملاعبنا فى المدن القديمة وهى ملاعب تم بناؤها منذ 1952 وما بعد، سعتها كانت 12 إلى 15 ألف متفرج، والنموذج الحديث بالنسبة لنا فى الملاعب هو ستاد برج العرب.
أوضح أنه يجب التوسع فى بناء الملاعب بالمدن الجديدة وتوفير شبكة مواصلات لها لأن الملاعب القديمة مهما قمنا بتطويرها لن تصلح بسبب الزحف العمرانى المحيط بها.
أشار إلى أن لجنة التطوير والاستثمار فى اتحاد الكرة تعمل على تنمية الموارد وحالياً نركز فى إنشاء مركز المنتخبات الوطنية بميزانية قدرها 270 مليون جنيه، منها 4 ملايين دولار دعماً من الفيفا ونسعى للحصول على قيمة مماثلة وسيكون المركز جاهز للافتتاح فى 2020، كما نعمل على تطوير الحقوق ووضع أفكار جديدة لزيادة الإيرادات.
وقال إن الاستثمارات التى تضخها الأندية فى بطولة الدورى الممتاز لكرة القدم تتناسب مع المسابقة، ويمكن القول إن قيمة الدوري تقريباً كأصول بعيداً عن القيمة التسويقية حوالى 2 مليار دولار بناء على ميزانيات الأندية التى تشارك فى المسابقة.
كتب: عبدالرحمن الشويخ