اقتصادنا يا تعبنا «88»
صدر تقرير المراجعة الثالث لصندوق النقد الدولى فى 12 يوليو 2018.. ونشر على موقع الصندوق بهذا التاريخ..
وأنا أعتبره من أفضل التقارير التى أصدرها الصندوق من الناحية الموضوعية.. مع بعض التسييس الذى احتواه لكونه برنامجاً يخضع لإشرافه.. ولكنه كان تقريراً جيداً من حيث الموضوعية وعرض الموقف الاقتصادى لمصر من حيث الإيجابيات والسلبيات.. فقد أشاد التقرير بالتزام الحكومة بالبرنامج المتفق عليه.. مع استعراض للتطور الإيجابى لبعض المؤشرات الكلية، ومن ثم استعرض التأخيرات فى تنفيذ بعض الأمور المتفق عليها، ومن ثم عرض التحديات التى ما زال الاقتصاد المصرى يواجهها.
فعلى صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلى، أشاد التقرير بارتفاع معدلات النمو من %4.4 و%4.3 و%4.2 خلال السنوات 2014 – 2015 و2015 2016- و2016 2017- لتصل إلى %5.2 فى السنة المالية 2017 2018-.. حيث كان المتوقع فقط %4.8.. هذا النمو سببه تدفق الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة لسوق السندات واستثمارات قطاع البترول والطاقة وأذون الخزانة والاستثمارات الحكومية والاستهلاك.. مع ارتفاع النظرة التفاؤلية لمشروعات الغاز والبترول مستقبلاً.
ومن المتوقع أن يصل معدل النمو إلى %5.5 فى 2018- 2019 وفقاً لتوقعات الصندوق.. أما بالنسبة للبطالة فبعد انخفاضها من %13 سنة 2014- 2015 إلى %11.1 فى -2017 2018.. توقع الصندوق أن تنخفض أيضاً إلى %9.7.. وإن كان هذا لا يعكس الوضع الحقيقى فى وضع البطالة فى مصر التى تتخطى فى الواقع الـ%20.. فى ضوء ضعف دوران عجلة الإنتاج ومؤشرات الاستثمار.. وعدم وصول عوائد الصادرات والسياحة إلى سابق عهدها على الأقل وتحسنهما يعنى مزيداً من التشغيل والتوظيف.. وإن كانت مؤشراتهما تتحرك بإيجابية هذه الأيام.
كما أشاد بارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى مستوى 44 مليار دولار، ولكننا نرى أنها ليست ملكاً للدولة، وتمثل عبئاً إضافياً على التزامات الدولة.. لأنها ملزمة بسدادها وقت حلول آجالها أو تمديدها بفوائد تزيد من الأعباء.. وفى ضوء تلك المؤشرات، أبقت وكالة فيتش على تصنيف مصر عند B مع نظرة مستقبلية إيجابية، ولكنها ربطت تغيير هذا التصنيف إلى مستويات أعلى بحل مشاكل العجز المالى والدين الحكومى والخارجى نسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى وضعف الحوكمة والشفافية.
وهنا نعود مرة أخرى لمراجعة الصندوق الثالثة التى تؤكد على المخاطر التى ما زال الاقتصاد المصرى يعانى منها.. والتأخر فى تنفيذ بعض الأمور (مثل التأخر فى تنفيذ برنامج الطروحات وعدم سداد المستهدف من مستحقات الشركات الأجنبية).
وأهم ما جاء من مخاطر وتحديات دعا الصندوق إلى التصدى لها، وكذلك فعلت وكالة فيتش.. الدين العام الحكومى (محلى وخارجى الذى تجاوزت نسبته %110 من الناتج المحلى الإجمالى.. حيث تمثل فوائد الدين حوالى %37 من إجمالى الإنفاق فى الموازنة المصرية.. وهنا اتفقت الحكومة مع الصندوق على خفض نسبة الدين الحكومى إلى مستوى %86 خلال موازنة -2018 2019.
وهذا لن يتاتى إلا بزيادة الموارد وزيادة الاستثمارات.. ورغم أن الصندوق تحدث عن سد الفجوة التمويلية فى -2017 2018 فإنه أشار إلى أنها ستعود مرة أخرى فى موازنة -2018 2019 نتيجة ضعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة (ولا سيما فى القطاعات غير البترولية من وجهة نظرى الشخصية).. حيث انخفض الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة %9.. وفى ظل ضعف إيرادات قطاع السياحة والتصدير رغم تحسنها الفترة الماضية، فإنَّ الفجوة التمويلية المتوقعة خلال العام المالى -2018 2019 ستتراوح بين 1 و2 مليار دولار.. وهو ما يفرض تحدياً جديداً على الحكومة فى هذا الشأن.
هذا بالإضافة إلى تحديات ارتفاع معدلات البطالة والتضخم.. كما أشار الصندوق وغيرها من التقارير الدولية إلى أن هناك تحديات خارجية متعلقة بارتفاع أسعار البترول عالمياً وتباطؤ الاقتصاد العالمى وارتفاع حدة التوتر التجارى بين أمريكا والصين ودول أخرى مع اتباع أمريكا سياسة حمائية متشددة، وكذلك أزمات الاتحاد الأوروبى فى ضوء البريكسيت.. كما أشار الصندوق إلى البعد الاجتماعى والتخوف والقلق من الإجهاد الذى أصاب المواطنين من الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح على المواطن، وخوف الحكومة من هذا القلق، ما دعاه إلى توجيه الحكومة نحو زيادة الإنفاق على البعد الاجتماعى من صحة وتعليم وبرامج التغ
بقلم: إبراهيم مصطفى
خبير اقتصاد واستثمار وتطوير أعمال
[email protected]