«جوبتا»: تحرير سعر صرف الجنيه أدى إلى تقليل الاختلالات الخارجية
البنك المركزى سيتخذ موقفًا حذرًا تجاه خفض الفائدة لموازنة الضغوط التضخمية
الوضع المالى استفاد من الإصلاحات فى إطار برنامج صندوق النقد الدولى
تصنيف مصر يمكن أن يتأثر سلباً حال تعطل خطة تخفيض الدين الحكومى تدريجيا
قالت ذهبية جوبتا محللة التصنيفات السيادية بوكالة التصنيف الائتمانى ستاندرد آند بورز، إن التصنيف الائتمانى لمصر يظل مقيدا بسبب العجز المالى والخارجى الواسع، والدين العام المرتفع، ومستويات الدخل المنخفضة.
وذكرت أن النظرة المستقبلية المستقرة لتصنيف مصر الائتمانى من قبل ستاندرد آند بورز تعكس التوازن بين عجز الحساب الجاري، وانخفاض مستويات التضخم، وآفاق النمو القوى مقابل المخاطر الناجمة عن العجز المالى المرتفع، وارتفاع الدين الحكومى قصير الأجل.
وأضافت أن وكالة ستاندرد آند بورز يمكنها رفع نظرتها لتصنيف مصر الائتمانى إلى إيجابى حال إذا كان نمو مصر يتفوق بشكل كبير على التوقعات، وإذا أدى الإصلاح إلى وضع الحساب الجارى إلى تخفيض حاد لمتطلبات التمويل الخارجى لمصر ومستويات الديون الخارجية، وتخفيض الدين الحكومي.
وتتوقع محللة ستاندرد آند بورز، أن ينمو الاقتصاد المصرى خلال العام المالى الحالى بنسبة %5.2، على أن يصل إلى %5.5 نهاية العام المالى 2020-2021.
وأشارت جوبتا إلى أن تصنيف مصر يمكن أن يتأثر سلبا، إذا خرجت خطة الحكومة عن مسارها لتخفيض الدين تدريجيا؛ بسبب انحرافات مالية، أو ارتفاع تكاليف الاقتراض، أو انخفاض كبير فى قيمة العملة عما كان متوقعًا، لو تراجع مستويات احتياطى النقد الأجنبي، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية الناجمة عن التأثيرات الأمنية التى تؤثر على الاستثمار والسياحة.
وقالت جوبتا إن رفع تصنيف مصر الائتماني، مايو الماضي، جاء انعكاسا لتحسن نمو الناتج المحلى الإجمالى وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى الخارجي، إلى جانب تنفيذ الإصلاحات التى يدعمها برنامج صندوق النقد الدولى لمدة ثلاث سنوات بمبلغ 12 مليار دولار.
وأضافت أن تحرير سعر صرف الجنيه نوفمبر 2016، أدى إلى تقليل الاختلالات الخارجية وزيادة التحويلات المالية وتدفقات المحافظ، ما ساهم فى ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية، وتعزيز عائدات الصادرات السلعية، والسياحة.
وأشارت إلى أنه بالرغم من أن انخفاض قيمة العملة أدى إلى تراجع القوة الشرائية، إلا أن التضخم بدأ يتراجع، ويعود ذلك جزئياً إلى التأثيرات الأساسية لكنه يعكس أيضاً زيادة فعالية السياسات النقدية.
وتتوقع جوبتا أن تعزز الإصلاحات الاقتصادية والمالية الحالية الثقة فى الأعمال التجارية وتدعم تدفقات رأس المال؛ ما يؤدى إلى زيادة احتياطيات مصر من العملات الأجنبية.
كما تتوقع أن يكون المصدر الرئيسى لتمويل عجز الحساب الجارى هو صافى الاستثمار الأجنبى المباشر بمتوسط يقترب من %3 من الناتج المحلى الإجمالى سنويا.
وقالت جوبتا إنه خلال السنوات الثلاث المقبلة، سيحدث نموًا قويًا فى الاستثمار، مدفوعًا بسلسلة قوية من المشاريع الاستثمارية، وإنتاج الغاز الطبيعى المتنامي، والانتعاش المحتمل فى السياحة، وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.
وأضافت أنه من المتوقع استمرار النمو فى الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، بما فى ذلك المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع شبكة الطرق المحلية.
وأوضحت أن الحكومة تدعم بيئة الاقتصاد الكلى من خلال القوانين الجديدة التى تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال، والتى شملت قانون الترخيص الصناعي، والقوانين المتعلقة بالاستثمار والغاز الطبيعى والإفلاس.
وأضافت أن هناك بعض المخاطر منها مركزية السلطة والتى تثير الخلاف، بالإضافة إلى هشاشة البيئة الاجتماعية والسياسية فى مصر على خلفية ارتفاع معدلات البطالة ومعدلات التضخم، ومن المتوقع أن يظل كلاهما أعلى من %10 العام المالى الحالي.
وأعلن جهاز التعبئة العامة والإحصاء مؤخرا عن تراجع البطالة إلى %9.9 بينما تراجع التضخم الأساسى إلى %8.5 فى حين سجل التضخم العام %13.5.
وقالت جوبتا إن تراجع قيمة العملة بعد تحرير سعر الصرف، ساعد فى معالجة الاختلالات الخارجية الكبيرة فى مصر وتعزيز ثقة المستثمرين، متوقعة انخفاضًا كبيرًا فى عجز الحساب الجارى مع تدفقات رأس المال إلى حد معقول خلال السنوات الأربع القادمة.
وأضافت أن هناك العديد من العوامل التى ستؤدى إلى تضييق العجز الخارجى فى مصر، متمثلة فى النمو القوى فى إنتاج الغاز المحلى من حقل ظهر وحقول الغاز الأخرى، ما يساعد على خفض فاتورة استيراد الطاقة، خاصة مع نهاية عام 2019.
وذكرت أن الوضع المالى استفاد من الإصلاحات فى إطار برنامج صندوق النقد الدولي، خاصة مع إدخال ضريبة القيمة المضافة وإصلاحات الدعم وإصلاحات فاتورة الأجور الحكومية.
وتتوقع جوبتا أن يصل العجز المالى الكلى للموازنة خلال العام المالى الحالى %9 من الناتج المحلى الإجمالى، على أن ينخفض إلى %8.1 العام المالى المقبل.
وقالت إن الحكومة ستعمل على السيطرة على عجز الموازنة وفقاً لبرنامج الإصلاح من خلال التخفيضات المستمرة فى دعم الوقود، وارتفاع أسعار الكهرباء، واحتواء فاتورة الأجور للخدمة المدنية، متوقعة نمو عائدات الضرائب وزيادة النمو الاقتصادي، مشيرة إلى أن الحكومة تخطط لمواصلة توجيه بعض المدخرات من إصلاحات الدعم إلى الإنفاق على الصحة والتعليم والإسكان الاجتماعي.
وأضافت جوبتا أن التحدى المالى الرئيسى أمام مصر هو مدفوعات فوائد الدين الحكومي، والتى تشكل تقريبا كل عجز الميزانية، وتعادل %45.6 من إجمالى الإيرادات العامة.
وتتوقع أن تزيد تكاليف الفائدة الحكومية خلال العامين المالى الماضى والحالى بسبب ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية وإعادة إصدار الديون المستحقة للبنك المركزى المصرى بما يقرب من %14 من الناتج المحلى الإجمالى بأسعار سوقية أعلى.
كما تتوقع أن تنخفض مستويات الدين الحكومى تدريجيا على خلفية تراجع العجز المالى وتصل إلى %87 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول نهاية السنة المالية 2021.
وترى أن مرونة السياسة النقدية فى مصر تتحسن، ما يعكس انخفاض مخاطر البنك المركزى المصرى (إلى جانب النظام المصرفي) إلى الدين المحلى للحكومة والتضخم المرتفع.
وأضافت أنها تتوقع من البنك المركزى اتخاذ موقف حذر تجاه خفض أسعار الفائدة لموازنة الضغوط التضخمية المقبلة مع انخفاض الاستهلاك الخاص وارتفاع تكاليف خدمة الدين الحكومية.