جاد الله : المشروعات العقارية الكبرى كانت الخيار الأفضل أمام الحكومة لإحداث تنمية سريعة وحل مشكلة البطالة
اتخاذ القرارات عادة ما يكون سهلا لكن كيفية التنفيذ هو الأصعب وهو ما نجح فيه البنك المركزى بحرفية عالية
تحسن الاقتصاد أخذ وقتا أقل بكثير مما كنا نتوقع وظهور نتائج برنامج الاصلاح يحتاج لوقت
البنوك على استعداد تام لتمويل أية مشروعات طالما ثبتت جدواها الاقتصادية ودورها سيتعاظم خلال الفترة القادمة
نستهدف تحويل البنك العقارى من بنك ممول لشراء العقارات لبنك تجاري واستثماري يمول مختلف المشروعات
وجه عمرو جاد الله نائب رئيس “البنك العقاري المصري العربي” رسالة للمستثمرين الأجانب من خلال “ديلي نيوز إيجبت” ، مفادها أن “الاستثمار طويل الأجل فى مصر أصبح افضل لكم من استثماراتكم السريعة فى ادوات الدين الحكومية ، خاصة بعد تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى ، ووجود بنية تحتية قوية ، وعائد استثمارى طويل الأجل أفضل من أى مكان آخر” .
وأكد جادالله ، فى حوار خاص لديلي نيوز ايجبت ، أن اتجاه الحكومة لانشاء المشروعات العقارية الكبرى مثل العاصمة الادارية كان الخيار الأفضل أمامها لإحداث تنمية سريعة وحل مشكلة البطالة .
وبحسب جادالله ، فإن اتخاذ القرارات عادة ما يكون سهلا لكن كيفية التنفيذ هو الأصعب ، وهو ما نجح فيه البنك المركزى بحرفية عالية ، مؤكدا على أن تحسن الاقتصاد أخذ وقتا اقل بكثير مما كان متوقع ، وإن كان ظهور نتائج هذا التحسن على المواطنين قد يحتاج لوقت أطول .
وأكد أن البنوك على استعداد تام لتمويل أية مشروعات طالما ثبتت جدواها الاقتصادية ، وان دورها سيتعاظم خلال الفترة القادمة ، مشيرا إلى أن ادارة البنك العقارى تستهدف تحويله من مجرد بنك ممول لشراء العقارات لبنك تجاري واستثماري يمول مختلف المشروعات .
والى نص الحوار :
- ما هى رؤية سيادتكم للاقتصاد المصرى ، خاصة بعد تنفيذ الجزء الاكبر من برنامج الاصلاح الاقتصادى ، وما الذى يحتاجه الاقتصاد لينمو بشكل اكبر واسرع ؟
بداية يجب أن أوضح أننا كنا نتوقع ان يأخذ الاقتصاد وقتا طويلا حتى يتحسن مع بدء تنفيذ برنامج الاصلاح ، لكن الخطوات التى اتخذها البنك المركزى بعد التعويم ، والتى كانت جريئة والتي كان تتمتع بحرفية عالية ، كان لها أكبر الآثر على تسريع نمو الاقتصاد وتحسنه
وأنا أرى أنه من الممكن أن تتخذ قرارات ، لكن الأهم من ذلك هو كيفية تنفيذ هذه القرارات ، وهو ما نجح فيه البنك المركزى بشكل كبير وباحترافية شديدة.
فلا يخفى على أحد أن قرارات المركزى أدت لتسريع نمو الاقتصاد ، وإلى احتواء معدلات التضخم ، حيث كانت كل التوقعات تشير إلى احتمال بقاء التضخم فى المستوى ما بين 20 و 30 % لمدة عامين او ثلاثة على الأقل ، وهو مالم يحدث وانخفض التضخم فى الوقت الحالى إلى مستويات جيدة للغاية .
أيضا وصل احتياطى النقد الاجنبى لمستويات قياسية لم نشهدها من قبل ، كل ذلك يجعلنى متفائلا بأننا على الطريق الصحيح ، خاصة مع تحسن نظرة مؤسسات التصنيف الدولية فى الاقتصاد المصرى ، والذى يعد شهادة على نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى ، ونجاح الاجراءات التى اتخذها المركزى .
- لكن كل هذا النجاح الذى تتحدث عنه سيادتكم المواطن ما زال لا يشعر به حتى الان ، فما السبب ؟
هذا الأمر يحتاج لوقت ، وهناك خطة لدى الحكومة بدأت في تنفيذها بالفعل لتحسين مستويات المواطنين ، خاصة الأكثر تضررا من تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى وتحرير سعر الصرف .
نحن الان نتحدث عن نمو كبير فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنوك بعد إطلاق المركزى مبادرة لتمويل تلك المشروعات ، حيث وصلت نسبة النمو فى تمويل تلك المشروعات لنحو 40% مقارنة بما كانت عليه قبل إطلاق المبادرة .
وأيضا هناك اهتمام كبير من جانب القيادة السياسية والبنك المركزى بالتمويل متناهى الصغر سواء بشكل مباشر من جانب البنوك ، أو من خلال الجمعيات والمؤسسات العاملة فى هذا النشاط .
ولا يخفى على أحد أهمية هذا النوع من التمويل ، حيث يؤثر على تحسن أحوال المواطنين بشكل مباشر وسريع ، خاصة فى الصعيد وبعض مناطق الوجه البحرى ، وهى المناطق التى تحتاج لتحسين أحوال المعيشة لمواطنيها بشكل كبير وعاجل .
ومع ذلك نحن نحتاج لوقت حتى تظهر نتيجة هذه التحركات على أحوال المواطنين ، هذه الخطوة اصعب بكثير من تنفيذ برنامج الاصلاح نفسه .
- من وجهة نظركم ما هى المشروعات أو القطاعات التى يمكن أن تدفع النمو الاقتصادى لمزيد من التحسن بشكل أكبر ؟
أنا أرى أنه يجب التركيز بشكل كبير على الصناعات التكميلية ، والتى تدخل فى تصنيع المنتجات للعمل على زيادة التصدير .
ونحن أيضا نمتلك فرصا كبيرة فى قطاع الادوية خاصة بعدما اصبحت مصر من أرخص دول العالم فى تصنيع الدواء ، واليوم لدينا أسواق أفريقيا ، وشرق اسيا ، وأوروبا ، يمكن أن نخترقها بهذه الصناعة ، وبالتالى زيادة صادراتنا .
وهناك من يتحدث عن الاهتمام بالزراعة ، وهى مهمة بالطبع لكنها ستأخذ بعض الوقت ، لكن على الأقل يجب أن نركز على زراعة السلع التى تحقق لنا الاكتفاء الذاتى محليا وتقلل من عمليات الاستيراد .
لكن الأساس هنا هو الصناعة ، حيث أن تأثيرها أسرع ، وهنا يبرز دور وزارة التجارة والصناعة ، ثم هيئة الاستثمار ، ثم يأتى دور البنوك فى التمويل ، ونحن مستعدون لذلك .
- وما هو الدور الذى يمكن أن تلعبه البنوك فى دعم الاقتصاد وتنشيطه ؟
دور البنوك لا غنى عنه ، لإنها المحرك الأساسى لأى مشروع ، بدءا من المشروعات متناهية الصغر أو الصغيرة أو المتوسطة أو حتى المشروعات الكبرى .
ونحن حريصون فى البنوك على أن نكون على أهبة الاستعداد لتمويل المشروعات ، بعد إجراء الدراسات الائتمانية لهذه المشروعات ، وأنا أرى أن دور البنوك سيزيد ويتعاظم بشكل أكبر خلال الفترة القادمة .
- وما هو دور البنك العقارى فى هذا الشأن ؟
نحن فى البنك العقارى بدأنا تغيير استراتيجية عمل البنك ، والتحول من مجرد بنك يمول شراء العقارات ، وبالتالى يمول الاستهلاك ، إلى تمويل مشروعات تفيد المجتمع بشكل أكبر .
نعم نحن مستمرون فى تمويل العقارات لكن بفكر مختلف ، حيث نركز حاليا على تمويل انشاء المدارس والجامعات والمستشفيات .
وما يهمنا بشكل أكبر هو أن نستخدم رخصتنا كبنك تجارى وليس عقارى فقط ، بأن نمول المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وأيضا المشروعات الكبرى
وخير دليل على ذلك هو أننا اشتركنا بالفعل فى قرض مشترك لتمويل هيئة البترول ، بجانب ضخ تمويلات فى قطاعات الأسمدة و الأدوية و الغاز و وأيضا عمل تسهيلات ائتمانية لشركات استيراد الحبوب .
- دائما كانت هناك انتقادات للبنوك بالاستسهال والاستثمار في أدوات الدين الحكومية ؟ هل ما زال هذا الأمر ساريا ؟
بالتأكيد لا ، فلو أننا قارنا بين استثمارات البنوك فى تلك الأدوات بنهاية عام 2015 واستثماراتها بها بنهاية عام 2017 سوف نجد أنها تراجعت بشكل ملحوظ .
وفى المقابل هناك زيادة كبيرة فى القروض والتسهيلات الائتمانية لمختلف القطاعات الاقتصادية ، خاصة القروض الصغيرة والمتوسطة وأيضا قروض الشركات الكبرى ، وذلك بالرغم من الارتفاع الكبير فى أسعار الفائدة .
هذا الأمر فى حد ذاته يعد مؤشرا على إيجابية الاقتصاد المصرى ، حيث يوجد من يرغب فى الاقتراض من البنوك بسعر فائدة مرتفع ، لأنه يدرك ان مردود الاستثمار الخاص به سيكون أعلى من سعر الفائدة الذى سيدفعه مقابل الاقتراض .
- نريد من سيادتكم كلمة توجهها للمستثمرن الأجانب الذين سيحضرون مؤتمر اليورومنى هذا العام ؟
أقول لهم ” بدلا من الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية التى تمنحكم عائدا مرتفعا لفترة قصيرة ، عليكم بالاستثمار فى مشاريع طويلة الاجل ، خاصة وأن مصر أنشأت بنية تحتية قوية جدا ، تسمح بالاستثمار فيها لسنوات طويلة وبعائدا أعلى بكثير من فائدة الاستثمار فى ادوات الدين” .
ما حدث فى قطاع الكهرباء ومد شبكة الطرق فى مختلف أنحاء الجمهورية والمشروعات العقارية الكبرى التى تقوم بها الدولة مثل العاصمة الإدارية وغيرها يعد بحق انجاز غير مسبوق .
- لكن هناك من ينتقد الحكومة على التوسع الكبير فى المشروعات العقارية ؟ فما هو رأي سيادتكم ؟
المشكلة هنا هى قلة المعرفة وعدم الوعى بأهمية هذه المشروعات .
هذه المشروعات مهمة للغاية لنمو الاقتصاد المصرى وتحسين مؤشرات البطالة والفقر ، حيث أن هناك ما بين 130 الى 150 مشروع صغير مغذى لهذه المشروعات الكبرى يتم تشغيلهم .
وهنا أحب أن أشير الى أنه بعد الحرب العالمية الثانية لجأت جميع الدول التى تضررت اقتصاداتها جراء تلك الحرب لهذه المشروعات لإعادة النمو لها مرة اخرى .
وأنا أرى أن القطاع العقارى هو بحق قاطرة أى اقتصاد إلى النجاح ، فمثل هذه المشاريع هى أسرع وأقوى الطرق لمعالجة مشكلتى الفقر والبطالة ، وذلك لحجم العمالة الكثيفة التى تستوعبها .
وإذا تحدثنا تحديدا عن دول شرق آسيا وأوروبا نجد أنها نمت بسرعة بسبب هذه المشاريع العقارية الكبيرة ، ومنها سنغافورة مثلا والتى كان جزء كبير منها حتى عام 1987 عبارة عن عشوائيات ، إلى أن قررت القضاء على تلك العشوائيات وإقامة مشروعات سكنية عملاقة ، مثلما يحدث فى مصر حاليا ، وهو ما كان له أثر كبير على نهضتها ونمو اقتصادها بشكل سريع .
فالبعض يتحدث عن امكانية إنشاء مصانع لتحقيق نمو وازدهار للاقتصاد ، وأنا اتفق بالطبع على أهمية التصنيع ، لكنى أرى أن إنشاء المصانع وبدء إنتاجها سيأخذ وقتا طويلا ، ولا أتصور أن الحكومة كانت ستنتظر كل هذا الوقت .
- لكن هناك تخوفات من حدوث فقاعة عقارية فى مصر وأزمات على غرار ما حدث بأمريكا وأوروبا وتسبب فى حدوث الازمة المالية عام 2007 ؟
من الممكن أن تشهد أسعار العقارات فى مصر انخفاضا بالفعل ، لكنى استبعد تماما حدوث أية أزمات على غرار ما حدث بأمريكا وأوروبا ،لأن القروض العقارية فى مصر ليست كبيرة بالشكل الذى يمكن أن ينتج عنه أزمات ، كما أن الأزمة العقارية كان لها أسباب أخرى تتعلق بكيفية تعامل البنوك هناك مع القروض العقارية ، ونحن فى مصر بعيدون تماما عن مثل هه الأمور.