تزايد القلق بين المستثمرين لا يرحم الاقتصادات النامية الأكثر قوة
محلل: تركيا قد تكون العامل المحفز لحركة بيع عالمية
اشتدت علامات ضعف الأسواق الناشئة يوم الأربعاء مع انتشار المشكلات إلى ما وراء الأرجنتين وتركيا إلى أسهم وعملات دول مثل الصين وأندونيسا وجنوب أفريقيا وروسيا وبولندا والمكسيك.
وتراجع مؤشر “إم إس سى آى” لأسهم الأسواق الناشئة متوسطة ومرتفعة القيمة السوقية بنسبة 1.6% خلال تداولات أمس الأربعاء، ما يجعل إجمالى التراجعات فى الجلسات الست الماضية 4.4%.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن الأسهم الاندونيسية هى الأسوأ أداء فى آسيا، وانخفضت بأكثر من 4%، فى حين هبط مؤشر “سى إى آى 300” الصينى بنسبة 2% بعدما أظهرت البيانات أن النمو الاقتصادى يتباطأ، وتراجع مؤشر “هانج سينج” فى هونج كونج بنسبة 2.6%.
ووسط المخاوف من العدوى الأوسع وموجة بيع عالمية، هبطت الأسهم الأوروبية صباح أمس، بينما أشارت العقود الأجلة للأسهم الأمريكية إلى افتتاح ضعيف للجلسات فى نيويورك.
ورغم أن المشكلات المحلية فى تركيا والأرجنتين جعلتهما من أضعف الدول عبر الأسواق الناشئة العام الجارى، فإن هناك علامات على أن المستثمرين القلقين سيسعون إلى تقليص تعرضهم لعملات وأسهم وسندات العالم النامى بشكل عام.
ويعد البيزو المكسيكى والزلوتى البولندى من العملات الأكثر سيولة بعملات الأسواق الناشئة وعادة ما يلجأ إليهم المستثمرون عندما تزداد حدة اتجاه تجنب المخاطر.
وقال دويفور إيفانز، من شركة “ستايت ستريت جلوبال ماركتس”، إن المستثمرين لا يتطلعون للحالات الفردية وإنما ينظرون بشكل عام على انتقال عدوى التقلبات وأى الاقتصادات أكثر عرضة لذلك.
وأدى ارتفاع الدولار منذ أبريل الماضى إلى تفاقم المشكلات بالعديد من الأسواق الناشئة بسبب تضاعف قيمة ديونها المقومة بالدولار إلى 3.7 تريليون دولار على مدار العقد الماضى، وفقاً لبنك التسويات الدولية.
وفى نفس الوقت، عادت التوترات التجارية التى تهدد الاقتصاد العالمى إلى محور التركيز مجدداً، وتنتهى فترة المشاورات بشأن اقتراح الرئيس دونالد ترامب بفرض تعريفات على 200 مليار دولار إضافية من المنتجات الصينية اليوم الخميس.
وعانت أسهم بورصة جاكرتا، عاصمة أندونسيا، من أسوأ ضغط وتراجعت بنسبة 3.8%، وهى النسبة الأعلى منذ ثلاث سنوات، وتم تداول الروبية بالقرب من أدنى مستوى لها منذ الأزمة المالية الآسيوية فى 1998 عند 14930 روبية للدولار، ويخشى المستثمرون من أن انخفاض العملة سيرفع تكاليف اقتراض الشركات.
ورغم أن الأسواق الآسيوية كان أداؤها أفضل حتى الآن من بقية الأسواق الناشئة، يحذر المستثمرون من أن المنطقة لديها مشكلاتها الخاصة، وقال الاستراتيجيون فى بنك “مورجان ستانلى” إن استقرار الرنيمبى الصينى عزز أداء آسيا خلال الشهر الماضى، ولكن أضافوا أن “المخاطر تتزايد” فى أسواق العملات الآسيوية.
وأوضحوا أن ازدياد التوترات التجارية لن يساعد الأسواق الآسيوية، مؤكدين أن تأثيرها سيكون أقل فى حال نجح البنك المركزى الصينى فى المحافظة على استقرار الرنيمبى.
وعلاوة على ذلك، قالت وكالة أنباء “بلومبرج” إن الاضطرابات فى الأسواق الناشئة لا تبدى أى علامات على الهدوء فى ظل ضعف العملات واقتراب الأسهم من حالة السوق الهابط.
وأضافت أن الراند الجنوب أفريقى قاد موجة البيع، وتراجع إلى أدنى مستوى له خلال أكثر من عامين بنسبة 5.7% حتى الآن الأسبوع الجارى، ويقلق المستثمرون من أن تخفض وكالة “موديز” التصنيف الائتمانى للدين المقوم بالعملة المحلية إلى دون الدرجة الاستثمارية فى مراجعتها القادمة، بينما هبط البيزو المكسيكى بنسبة 1% فى تداولات أمس.
ويزيد هبوط الأسواق الناشئة أمس الأربعاء من المخاوف من أن قلق المستثمرين بدأ يؤثر حتى على الاقتصادات الناشئة الأكثر قوة، وبدأت المشاعر السلبية من أول أمس الثلاثاء بسبب تقرير التصنيع الأمريكى الذى عزز احتملات رفع الفيدرالى للفائدة ورفع قيمة الدولار أكثر، بينما أظهرت البيانات دخول اقتصاد جنوب أفريقيا فى ركود خلال الربع الثانى من العام الجارى.
وفى تركيا، تبقى المخاوف بشأن عدم اتخاذ البنك المركزى خطوات كافية لتعزيز الليرة فى اجتماعه الأسبوع المقبل، وهبطت العملة التركية لليوم السابع على التوالى، كما هبط الروبل الروسى بنسبة 0.4%، وقفزت السندات الحكومية الروسية لأجل عشر سنوات بمقدار تسع نقاط أساس إلى 8.89%، وقالت محافظة المركزى الروسى، إلفيرا نابيولينا، الثلاثاء، إن هناك عوامل تحابى رفع أسعار الفائدة فى اجتماع الأسبوع المقبل.
وقال سمير جويل، مدير الاستراتيجية الكلية فى بنك “دويتشيه”الألمانى، إن الأمر لم يعد يتعلق بالأسس الاقتصادية للأسواق الناشئة وإنما بشأن العدوى التى تحدث عادة بسبب الحمل المشترك لأصول الدول النامية الضعيفة والدول الأكثر قوة.
وهبط مؤشر “بلومبرج باركليز” للأسواق الناشئة بحوالى 4% العام الجارى، وبالتالي يتجه لأول أداء سنوى سلبى له منذ 2013، عندما اجتاحت الأسواق نوبات تقلبات خوفاً من الهبوط الحاد فى الاقتصاد الصينى.
ويقول كاى فان بيترسن، استراتيجى اقتصاد كلى فى “ساكسو كابيتال ماركيتس”: “سيسوء الأمر كثيراً قبل أن يتحسن.. وعندما تحدث العدوى يتم التخلص من كل أصول الأسواق الناشئة ونحن لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، وقد تكون تركيا هى الحافز الرئيسى لموجة البيع العالمية”.