تسببت أزمة العملة التي عانت منها الأرجنتين، في دخول الحكومة الإصلاحية بالبلاد، حالة من الاضطراب، وأبقتها في توتر مع المستثمرين، بجانب إلقاء الشكوك حول خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إنه في الوقت الذي استقر فيه البيزو اﻷرجنتيني نهاية اﻷسبوع الماضي، بعد يومين من الانخفاضات المتسارعة، أثيرت تساؤلات أساسية حول الملفات التي تقلق المستثمرين بشكل أكثر، وحول ما إذا كانت الأرجنتين قادرة على تلبية احتياجاتها المالية في السنوات المقبلة، في الوقت الذي تتجه فيه إلى ركود يلوح في الأفق وتضخم جامح قبل الانتخابات الرئاسية المقرر انطلاقها العام المقبل.
وقدرت مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”، إجمالي الاحتياجات التمويلية خلال ما تبقى من عامي 2018 و 2019 بقيمة 77 مليار دولار، وهو رقم صعب حتى في ظل الأوضاع الاقتصادية الأفضل.
وقد تزداد صعوبة تسديد ديون البلاد في ظل ضعف البيزو، لأن نحو 80% من إجمالي الديون السيادية في الأرجنتين مقومة بالدولار.
كما أن انخفاض قيمة البيزو، الخميس الماضي، أدى إلى زيادة كبيرة في حجم عبء ديون الأرجنتين، فعند المستويات الحالية قد تصل الديون الحكومية إلى 90% من إجمالي الناتج المحلي في 2018.
ونتيجة لذلك، ارتفعت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون الأرجنتينية بشكل كبير، لتشير بذلك المؤشرات إلى أن المستثمرين يعتبرون الأرجنتين ثاني أكثر المقترضين السياديين خطورة في العالم بعد فنزويلا، التي تعثرت بالفعل.
بالإضافة إلى ذلك، ظلت قيمة البيزو تنخفض نهاية اﻷسبوع الماضي رغم رفع البنك المركزي اﻷرجنتيني أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي بلغ 60%.. لكن من المؤكد أن السياسات النقدية اﻷكثر تشددا ستساعد في دعم العملة.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الحفاظ على ارتفاع معدلات الفائدة حتى ديسمبر المقبل، كما قال البنك المركزي، يدل على التزامه بتعزيز البيزو، ومع ذلك لا يزال المستثمرون يشعرون بالقلق.
فوقف انهيار البيزو، يعتمد على إيضاح الحكومة بالتفصيل كيفية تخفيض العجز المالي، وتلبية هدف صندوق النقد الدولي بوصول الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.3% بحلول 2019.
وأشارت الحكومة حتى الآن، إلى أنها ستقدم عدة تدابير، من بينها تخفيض الدعم على الطاقة وتخفيض الأجور للعاملين في القطاع العام، ولكن ليس من المؤكد كيف ستخفض بوينس آيرس الإنفاق بصورة جذرية وتتخطي العقبات السياسية التي تجعل كل هذه التحركات صعبة.
وربما تكون قيمة الدولار اﻷمريكي هي المتغير الاقتصادي اﻷكثر أهمية بالنسبة لمعظم أبناء اﻷرجنتين. فهي دولة عادة ما تحتفظ بالدولارات، وذلك بفضل التاريخ الطويل من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.
وبالتالي، فإن الأداء المروع اﻷخير الذي شهدته العملة اﻷرجنتينية يوحي بوجود قليل من التفاؤل حيال حزمة المساعدات المدعومة من قبل صندوق النقد الدولي، خصوصا بالعودة إلى الذكريات المظلمة في المرة الأخيرة التي انخرط فيها صندوق النقد داخل الحدود اﻷرجنتينية، لينتهي اﻷمر بمعاناة البلاد من انهيار اقتصادي في عام 2001.
ومع ذلك، من الواضح أن النوبة الأخيرة من تقلبات أسعار الصرف تعد أخبارا سيئة لفرص الخروج من الركود الاقتصادي في وقت مناسب قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذلك محاولات السلطات للسيطرة على التضخم الجامح.