10 مستشفيات حكومية وعسكرية فقط جاهزة لتقديم خدمات التأمين ببورسعيد.. وكيان خاص وحيد يتطلع للاعتماد
مستثمرون يطالبون بسرعة إقرار الهيئات الثلاث المطبقة للنظام وتسعير الخدمات ومنح حوافز واسعة
مطالب بطرح الحكومة خريطة صحية تشمل الفرص المتاحة والاحتياجات الطبية والمناطق المحرومة وعدد السكان
رغم رهان القطاع الخاص على مساهمة منظومة التأمين الصحى الشامل المزمع تطبيقها بمحافظة بورسعيد، فى إنعاش الاستثمار بالقطاع الصحي، إلا إن المستثمرين الرئيسيين فى القطاع لم يتخذوا أى قرارات استثمارية فى محافظات القناة وشبه جزيزة سيناء المقرر أن تطبق المرحلة الأولى فيها.
ويرى مستثمرون بالقطاع أن قانون التأمين الصحى الشامل ولائحته التنفيذية غير واضحين بصورة تحفز القطاع الخاص على اتخاذ قرارات استثمارية سريعة للتواجد فى المحافظات التى ستطبق المنظومة الذى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى يوليو الماضي.
وينص قانون التأمين الصحى على تأسيس 3 هيئات لإدارة المنظومة هى (الهيئة العامة للتأمين الصحى التى تتولى توفير تمويلات النظام، والهيئة العامة للرعاية الصحية، والهيئة العامة للاعتماد والرقابة والتى تتبع رئيس الجمهورية وتقر معايير الجودة فى المستشفيات والوحدات الصحية)، لكن جميعها لم تشكّل حتى الآن، إضافة إلى عدم إقرار أسعار الخدمات المزمع تقديمها عبر القطاع الخاص الراغب فى الانضمام للمنظومة، حسب المستثمرين.
وأعلنت وزارة الصحة قبل أشهر أن 11 مستشفى فقط بمحافظة بورسعيد (10 منها مستشفيات تابعة لوزارة الصحة والسكان، ومستشفى واحد تابع للقوات المسلحة)، بالإضافة إلى 40 وحدة رعاية صحية أولية، جاهزة لتقديم خدمات التأمين الصحي.
وقال سيد الشاهد مساعد وزير الصحة لـ«البورصة» إن الوزراة لم تتلق سوى طلب وحيد من مستشفى آل سليمان الخاصة ببورسعيد للانضمام للمنظومة، ويجرى بحث منحها شهادة الاعتماد.
ويرى وليد السيد، المدير التنفيذى لمجموعة علاج السعودية، إن القانون سيسهم فى زيادة استثمارات القطاع الصحى مستقبلاً، خاصة فى الأقاليم النائية التى لا تنعم بخدمات صحية، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت.
وأضاف السيد أن القطاع الخاص ينتظر تحديد أسعار الخدمة ووضوح معالم النظام لاتخاذ قرارات استثمارية فى المحافظات التى ستشهد تطبيق المنظومة.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة توجه المستثمرين الرئيسيين بالسوق المصرى للاستثمار فى محافظات القناة، إذا توافرت الحوافز الحكومية اللازمة لذلك، كأن يتم توفير أراض بأسعار مخفضة أو بالتقسيط أو طرح المبانى الصحية غير المستغلة لتنفيذ مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص، أو تقديم إعفاءات ضريبية أو دعم لتكاليف المياه والكهرباء.
وذكر أن «علاج» لا تفكر حالياً فى التوسع بالمحافظات التى ستطبق المنظومة، وانها تركز على تعزيز تواجدها فى القاهرة والإسكندرية والمنصورة.
ورصدت مجموعة علاج السعودية 300 مليون جنيه لشراء مستشفى جديد بمدينة المنصورة بسعة 100 سرير خلال الفترة المقبلة.
وتعد «علاج» أحد أكبر المستثمرين بالقطاع الصحى المصرى (تمتلك 8 مستشفيات)، بجانب مجموعة كليوباترا وألاميدا المالكة لمستشفيات السلام الدولى ودار الفؤاد.
وقال محمود بدر، مدير عام مسشتفى أندلسية، إن المستثمرين الرئيسيين فى السوق ينتظرون التطبيق الفعلى للقانون، لبدء التفكير فى التواجد فى المحافظات.
وأضاف بدر أن الخدمات الطبية تشهد إقبالاً كثيفاً فى القاهرة الكبرى التى تضم 22.5 مليون نسمة، وأن هذا العدد يدفع المستثمرين الكبار لمواصلة التوسع فيها، كما أنه يدفع المستثمرين الجدد من العرب والأجانب للمنافسة فيها.
وأشار إلى أن عدد السكان فى المحافظات لا يشجع على تنفيذ استثمار قوي، عكس القاهرة والجيزة والإسكندرية، وأن حل أزمة مركزية الخدمات سيتطلب وقتا طويلا وحوافز لتشجيع المستثمرين فى الأقاليم.
وذكر أن «أندلسية» تخطط لزيادة استثماراتها فى القاهرة خاصة بمنطقة المعادى ومدن القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر، وأنها تدرس تنفيذ استثمارات بمحافظة مطروح.
وترصد أندلسية ما يتراوح بين 400 و500 مليون جنيه لتنفيذ الاستثمارات الجديدة، خلال السنوات القليلة المقبلة، حسب بدر.
وقال ممدوح العربي، رئيس مستشفى العربى بقويسنا، إن منظومة التأمين الصحى ستخلق فرصا استثمارية كبرى بالمحافظات التى ستتطبق فيها، لكن الأمر يتطلب بعض الإجراءات المحفزة للاستثمار.
واقترح العربى إطلاق خريطة صحية لمصر، تتضمن الفرص الاستثمارية المتاحة فى المحافظات بناء على الاحتياجات الفعلية للمواطنين، كأن تعلن الحكومة عن احتياج كل محافظة لعدد أسرة العناية المركزة والحضانات ومراكز الأشعة ومعامل التحاليل ودور الرعاية الأولية.
وأوضح أن الخريطة من شأنها أن تتيح للمستثمر فرصة للاستثمار فى الاحتياجات الحقيقية للمواطنين، وبالتالى يكون نجاح مشروعه مضمونا وآمنا.
وطالب بضرورة العمل على إعداد الملف الطبى الموحد لكل مريض، بحيث يسمح للمريض بالعلاج فى أى مستشفى فى كل محافظات الجمهورية.
ويرى العربى أن تطبيق منظومة التأمين الصحى ستساعد على زيادة قاعدة العملاء، وارتفاع عوائد القطاع الخاص حتى بعد انخفاض أسعار الخدمة.
واستبعد اتجاه مجموعة العربى لإنشاء مستشفيات فى المحافظات التى ستطبق المنظومة، لكنه أبدى استعداده للتعاون مع جميع المستشفيات المقدمة للخدمة لعلاج المرضى التى لا توفر التخصصات العلاجية لهم فى محافظات التطبيق.
ويطبق نظام التأمين الصحى الشامل على 6 مراحل، تشمل الأولى (بورسعيد، السويس، جنوب سيناء، شمال سيناء، الإسماعيلية)، والثانية (أسوان، الأقصر، قنا، مطروح، البحر الأحمر)، فيما ستشمل الثالثة (الإسكندريةـ البحيرة، دمياط، سوهاج، كفر الشيخ)، والرابعة محافظات (أسيوط، الوادى الجديد، الفيوم، المنيا، بنى سويف)، والخامسة الدقهلية، الشرقية، الغربية، المنوفية)، والسادسة (القاهرة، الجيزة، القليوبية).
ومن المنتظر، أن يرتفع نصيب الفرد من الإنفاق الحكومى على الصحة إلى 1164 جنيهاً سنوياً بعد تطبيق القانون الجديد، مقابل 187 جنيهاً فى القانون المطبق حالياً بزيادة تزيد على %500.
ويسمح القانون الجديد باختيار المريض مكان تلقى الخدمة العلاجية والطبيب المعالج، بموجب تعاقد بين الحكومة ومقدمى الخدمات الصحية من القطاعين الخاص والحكومى.
وعلى الرغم من عزوف بعد المستثمرين على تنفيذ مشروعات بالمحافظات الخمس، إلا إن بعض المستثمرين أبدوا استعدادا لتنفيذ مشروعات مستقبلية فيها.
وتضع مجموعة مستشفيات السعودى الألمانى، محافظة الإسماعيلية ضمن المحافظات المستهدف إنشاء مستشفيات فيها الفترة المقبلة.
وتسعى المجموعة لإنشاء مستشفيات جديدة بمحافظة أسيوط والعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى التوسع فى مجال العيادات التخصصية.
وقال محمود لاشين، رئيس مجلس ادارة مجموعة سبيد المالكة لشركة مستشفيات ومعامل سبيد، إن تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل سيعمل على تحسين بيئة الاستثمار فى القطاع الخاص بمحافظات المرحلة الأولى التى تضم خمس محافظات.
وأضاف لاشين أن المجموعة تستهدف انشاء 24 فرعا للمعامل بمحافظات القناة «بورسعيد والسويس والإسماعيلية» بتكلفة استثمارية تصل 25 مليون جنيه.
وتابع أن اتجاه سبيد ميديكال لتلك المحافظات جاء بسبب قرب تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، مشيرا إلى أن سبيد تستهدف انشاء مركز للعيادات يضم 24 تخصصاً طبياً فى السويس باستثمارات 4 ملايين جنيه.
وتوقع لاشين، توسع بعض مستثمرى القطاع الخاص فى انشاء مستشفيات ومراكز عيادات فى محافظات الأقاليم الأقرب لتطبيق مراحل القانون الجديد للاستفادة من اعداد المواطنين التى ستنضم للمجموعة.
أشار لاشين إلى أن إلزامية تطبيق المشروع تعد احدى الحوافز للمستثمرين بالقطاع الخاص خاصة فى ظل وضع تسعيرة عادلة للخدمات يتم العمل عليها خلال الفترة الحالية.
وتابع أن تطبيق التأمين الصحى الشامل يعد حلما لجميع المصريين فى الحصول على خدمة طبية جيدة من خلال الكوادر الطبية المتميزة الموجودة فى مصر الامر الذى سيساهم فى تطوير منظومة الصحة خلال السنوات الـ10 المقبلة وقت تنفيذ القانون.
وقالت غادة الجنزورى عضو غرفة مقدمى خدمة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات ومدير مستشفى الجنزورى التخصصى، إن وجود تسعيرة جيدة تتخطى تكاليف التشغيل تعد أبرز المقومات للمستثمرين للتوسع بالقطاع بعد تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل.
وطالبت بضرورة أن تكون التسعيرة مرنة وفقا لكل محافظة وحسب تكلفة الخدمة الطبية لضمان الاستمرارية، وأن الهيئات الثلاثة المزمع تشكيلها بمشروع القانون ستضمن تسعيرا عادلا للخدمات الطبية ومراقبة جودة الخدمة المقدمة للمواطن مشيرة إلى أن مثلث الاسعار والجودة والرقابة تعد شرطًا أساسياً لتطوير صناعة الصحة فى السوق المصرى.
وشددت على أهمية توفير عناصر جذب للمستثمرين خاصة فى المحافظات فقيرة الخدمة الطبية من خلال تقديم تسهيلات على الأراضى ومعاملة الاستثمار الطبى بآلية خاصة تختلف عن القطاعات الاستثمارية الأخرى.
اشارت الجنزورى إلى أن تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل سيدفع المستثمرين بالقطاع الخاص للتوسع فى المحافظات بالمرحلتين الأولى والثانية للمشروع واقامة كيانات طبية جديدة.
وتابعت انه يجب اقامة كيانات طبية تستطيع تقديم الخدمة للمصريين والاجانب وكذلك المنافسة فى منطقة الشرق الاوسط.
ويرى خبراء بالقطاع الصحى أن منظومة التأمين وإن لم تفتح الباب للاستثمار فى المحافظات حتى الآن لكنها ساهمت فى إنعاش الاستثمار فى القاهرة الكبرى.
ومنذ مناقشة مجلس النواب القانون الجديد قبل أشهر، شهد القطاع الصحى صحوة استثمارية مفاجئة، إذ بدأت العديد من الكيانات المتوسطة والكبيرة تنفيذ توسعات واستحواذات كبرى بالقطاع بعد أشهر من الجمود.
وشهد الربع الأخير من عام 2017 اتجاه عدد من المستثمرين بالقطاع لبدء تنفيذ توسعات بمشروعاتهم القائمة، وظهر لاعبون جدد يتطلعون لمنافسة الكيانات الخليجية الأكثر استحواذاً على المستشفيات المصرية خلال السنوات الخمس الماضية، وفى مقدمتها مجموعة كليوباترا وألاميدا وأندلسية والسعودى الألمانى وعلاج السعودية.
وبدأ العام الجديد بالشراكة الأكبر فى القطاع، بين مجموعة ألاميدا المالكة لمستشفيات السلام الدولى ودار الفؤاد والإمارات للرعاية الصحية المملوكة لمجموعة الاستثمار (كى بى بى أو)، ومن المنتظر أن تسفر الشراكة عن توسعات استثمارية كبرى للمجموعتين فى السوق المصرى، خاصة بالمدن الجديدة كالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة.
ولم ينته الشهر الأول عام 2018 حتى أعلنت مجموعة مستشفيات «كليوباترا» المملوكة لمجموعة أبراج كابيتال الإماراتية، عن اعتزامها التقدم بعرض استحواذ على كامل أسهم مستشفى النزهة مقابل نحو 650 مليون جنيه، إضافة إلى تطلعها للاستحواذ على مستشفى آخر غرب القاهرة وإدارة مستشفى ثالث بالصعيد، وتنفيذ توسعات بمستشفى الشروق.
وبالتزامن مع التوسعات الكبيرة للكيانين الأكبر فى السوق المصرى (كليوباترا وألاميدا)، تتطلع مجموعة علاج السعودية التى تستحوذ على 5 كيانات طبية مصرية، لتنفيذ صفقتين جديدتين فى القطاع الصحى، الأولى شراء حصة كبيرة فى أحد معامل الأشعة، وحصة تصل إلى %15 فى مستشفى العيون الدولى.
ومن المنتظر أن يشهد السوق دخول لاعبين جدد ذوى ملاءة مالية كبرى، إذ أعلنت شركة مينا هيلث بارتنرز «MHP» (تحالف استثمارى مصرى سعودى يضم 15 رجل أعمال) نهاية فبراير الماضي، عن رصدها 3 مليارات جنيه لإقامة 4 مستشفيات بالقطامية والسادس من أكتوبر بطاقات سريرية 355 سريراً، وتجهز مجموعة سبيد ميدكال المؤسسة مؤخراً للاستثمار فى المعامل، لإنشاء مستشفيين آخرين باستثمارات تقترب من 500 مليون جنيه.
ويتطلع عدد من الجامعات الكبرى العاملة فى مصر لإنشاء مستشفيات جامعية لزيادة عوائدها الاستثمارية، وتقوم حالياً جامعتا الأهرام الكندية والجامعة الألمانية، بإنشاء مستشفيين عام ومتخصص.
ويتوقع الخبراء أن يسهم القانون الجديد فى إعادة تنظيم سوق الرعاية الصحية، وتحسين الخدمات المقدمة، وتوسيع قاعدة متلقى الخدمات الصحية، وزيادة عوائد المستثمرين.
وقال عصام الطوخي، خبير القطاع الصحي، إن قانون التأمين الصحى يساوى بين المدن الكبرى والأقاليم فى الخدمات الطبية، ما سيسهم فى زيادة عدد العملاء، وتوليد فرص استثمارية كبرى للقطاع الخاص.
وأضاف الطوخى أن القانون سيسهم فى زيادة عدد متلقى الخدمة الصحية من 10 أو 15 مليون مواطن إلى 100 مليون مواطن موزعين على جميع المحافظات، وهو ما سيتيح للمستثمرين الراغبين فى الانضمام للمنظومة لتحقيق عوائد كبرى.
وأشار إلى أن القانون سيحول وزارة الصحة من منافس فى تقديم الخدمة إلى مراقب على تقديمها من المستشفيات التابعة للتأمين الصحى ومثيلاتها فى القطاع الخاص، ما سيتيح للأخير فرصاً متكافئة لتحقيق أكبر عائد.
ودعا الطوخي، مستثمرى القطاع الخاص لاتخاذ قرارات فورية بالاستثمار فى المحافظات التى ستطبق منظومة التأمين الصحي، للاستفادة من عوائده.
وطالب الحكومة بجدول زمنى واضح لتنفيذ المنظومة ووضع خريطة صحية بالاحتياجات، والإعلان عن قائمة أسعار تقديم الخدمة عبر القطاع الخاص.