«دويتشه بنك»: أوروبا والمكسيك الرابحتان المحتملتان من التعريفات القياسية
مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يرى البعض فى أماكن أخرى أنها بريق أمل لتعزيز النمو وزيادة الاستثمارات.
ومن الممكن أن تسمح المعركة بين واشنطن وبكين للشركات فى أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان بالاستيلاء على فرص المنافسين الذين يواجهون عوائق أكبر أمام ممارسة الأعمال التجارية فى الولايات المتحدة والصين.
ولكن من المحتمل أن يكون هذا تحدياً أكبر بكثير للاقتصادات الناشئة فى جنوب شرق آسيا التى تم دمجها بالفعل فى سلاسل التوريد الصينية.
وقالت سيسيليا مالمستروم، مفوضة التجارة فى الاتحاد الأوروبى، رداً على أحدث تعريفة جمركية للرئيس الأمريكى، إن الحروب التجارية ليست جيدة وليست سهلة الانتصار ولكنها لن تمنع الاقتصاديين والمستثمرين من البحث عن الفائزين.
وأوضحت دراسة أجرها «دويتشه بنك» بعد فرض واشنطن وبكين تعريفات قياسية على بعضهما البعض الأسبوع الماضى، أن المكسيك وإلى حد ما كندا ومنطقة اليورو قد تستفيد من العوائق المتزايدة أمام الشركات الصينية فى السوق الأمريكية.
وكشف البنك فى دراسته أن فرض رسوم جمركية من جانب الولايات المتحدة على الصين يوازى الصدمة الإيجابية للتجارة بالنسبة لباقى دول العالم؛ حيث أصبحت الواردات خارج الصين فجأة أرخص نسبياً للمستهلك الأمريكى.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أنه عندما تزيد الرسوم الأمريكية من تكلفة الواردات الصينية تستعد البلدان الأخرى لجنى الأرباح.
وعلى سبيل المثال، تظهر بيانات لجنة التجارة الدولية الأمريكية، أن الصين قامت العام الماضى بتصدير ما قيمته 147 مليار دولار فى الآلات الكهربائية وهى فئة واسعة تشمل المنتجات التى تضررت من أحدث تعريفات ترامب التجارية.
ولكن المكسيك التى تتمتع بالفعل بميزة جغرافية فى تجارة السلع مع جارتها الشمالية فى وضع جيد لزيادة حصتها بالسوق.
ولكن توجد مسألة أخرى وهى الوصول إلى الاقتصاد الصينى البالغ 12 تريليون دولار والذى من المتوقع أن يصبح صعباً على الشركات الأمريكية.
وأكد غابرييل فيلبيرماير، مدير مركز «إيفو» للاقتصاد الدولى، وهو مؤسسة فكرية مقرها ميونيخ، أن أوروبا يمكن أن تظهر باعتبارها الرابح الأكبر من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وقال فيلبيرماير، إن الشركات المصنعة الأصغر من ألمانيا التى تعتبر القوة المحركة للتصدير فى الاتحاد الأوروبى يمكن أن تستفيد على وجه الخصوص إذا لم تكن لديها عمليات فى الولايات المتحدة أو الصين، وبالتالى يمكن أن تفلت من التأثير المباشر للتعريفات.
وأوضح كيث ويد، كبير الاقتصاديين بشركة «شرودرز»، أن المؤسسات الأوروبية واليابانية فى وضع جيد للحصول على حصة سوقية فى الصين لتحل محل الموردين الأمريكيين للمركبات والطائرات والمواد الكيميائية، وقد تتجاوز العقبات أمام الشركات الأمريكية فى الصين.
وأفاد جونترم وولف، مدير مركز «بروجل»، مركز أبحاث مقره بروكسل، بأن بكين قد تقيد الوصول إلى الشركات الأمريكية وتحظر عمليات الاستحواذ الأمريكية، ويمكن أن يكون هناك بعض المساحة والانفتاح، خاصة إذا كان الصينيون سيزيدون من استعدادهم لمنح الشركات الأوروبية فرصة الوصول إلى الأسواق مع الإقرار بأن التأثيرات الصافية للتعريفات هى سلبية بسبب تأثيرها على سلاسل التوريد العالمية.
لكن من المرجح أن تكون الشركات خارج أوروبا أكثر عرضة لمثل هذه الاضطرابات. وأضاف ويد: «بما أن 45% من القيمة المضافة للصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة نشأت خارج الصين فإن هناك مجالاً كبيراً للأضرار التى تلحق بالاقتصادات الأخرى.. والمصدرون بجنوب شرق آسيا بما فى ذلك تايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة سيكونون من بين الأكثر عرضة للخطر».
وقد يكون تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمى محدوداً، أيضاً، على الأقل فى الوقت الحالى، ولكن من المرجح أن تؤدى المعركة المتبادلة بين واشنطن وبكين إلى تراجع النمو العالمى.
وكشفت الصحيفة البريطانية، أن التدابير التى تم الإعلان عنها حتى الوقت الراهن لا تؤثر إلا على 2.5% من التجارة العالمية. لكن الأسواق الناشئة يمكن أن تعانى بطرق أخرى حيث تغذى التوترات التجارية بالفعل تدفقات الملاذ الآمن إلى الدولار، ما يزيد الضغط على البلدان التى تكافح بالفعل لاحتواء انخفاض قيمة العملة.
وإذا أصبح الصراع التجارى متعدد الأطراف وليس ثنائياً فقط سيكون تأثيره الاقتصادى أكبر بكثير، ما يجعل العثور على فائزين من تعريفات ترامب، أكثر صعوبة.