بقلم: جوليان لى، استراتيجى البترول لدى وكالة “بلومبرج”
كان اتفاق خفض الإنتاج فى 2016 مصمم لأن يكون بمثابة صدمة قصيرة صادمة، ولكن يواجه أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” فترة طاحنة طويلة وبطيئة بلا نهاية فى الأفق.
وكان من المفترض أن يدوم الاتفاق الذى تم التوصل إليه مع العديد من الدول غير الأعضاء فى “أوبك” لخفض المعروض واستنزاف المخزونات الفائضة خلال 6 أشهر، ولكن بعد الوجه الهبوطى القبيح للأسعار الأسبوع الماضى، يبدو أن الاتفاق سوف يستمر للعام القادم بل وستضطر المجموعة لخفض المعروض أكثر فى 2019.
وكان من المفترض أن يؤدى استقطاع 1.8 مليون برميل من البترول يومياً من يناير 2017 إلى تقليص المخزونات بحلول منتصف هذا العام، وعودة الأسعار إلى مستوى “مقبول” غير محدد، وتوازن العرض والطلب، وبدلاً من ذلك استمرت التخمة.
ورغم أن الالتزام بالاتفاق كان أفضل من المتوقع فهو لم يكن كاملاً حتى تم تمديد الاتفاق، وبدأت السعودية في خفض الشحنات للولايات المتحدة فى منتصف 2017 حينها بدأت الأسعار فى الارتفاع بالفعل.
وساعد تمديد الاتفاق على دفع الأسعار إلى 80 دولارا للبرميل فى منتصف 2018، حينها تسببت انتقادات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، عبر تويتر فى تخفيف التخفيضات وارتفاع المعروض من جانب من لديهم القدرة الفائضة، خاصة روسيا والسعودية، ويعد إجمالى إنتاج “أوبك” حالياً هو الأعلى منذ قبل الاتفاق، بينما وصل الإنتاج فى روسيا إلى أعلى مستوى بعد تفكك الاتحاد السوفيتى عند 11.4 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضى.
وكان التعافى فى أسعار البترول سلاح ذو حدين للأوبك وأصدقائها، فبالطبع عزز الإيرادات لأغلبهم ولكنه أيضاً أوقد النار على إنتاج البترول الصخرى الأمريكى.
أظهرت أحدث البيانات الأسبوعية والشهرية أن ناتج البترول الأمريكية ارتفع بمقدار 2 مليون برميل يومياً على أساس سنوى، وهو ما يعادل إضافة إنتاج نيجيريا والجابون، العضوتين فى “أوبك”، مجتمعتين خلال فترة تعادل 12 شهرا، كما أن ذلك حدث فى وقت يعاق فيه نمو الإنتاج الصخرى بسبب نقص قدرة الأنابيب على نقل الخام من حوض برميان فى تكساس إلى مرافق التكرير والتصدير بخليج المكسيك، وهذه العقبة سوف تُزاح العام المقبل، ما سيسمح للمعروض بالارتفاع بمقدار مليون برميل يومياً بنهاية 2019، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، واستناداً على الأداء السابق لقطاع البترول الصخرى، فإن هذه التوقعات قد ترتفع بحدة.
وعلى عكس المتوقع، أضاف تجدد العقوبات على إيران على تصورات تخمة الإمدادات، وتراجعت صادرات الدولة بحوالى 40% منذ أبريل، الشهر الاخير قبل إعلان ترامب عن أنه سينسحب من الاتفاق النووى، ولكن، رفعت الإعفاءات السخية من العقوبات، والتى حصلت عليها العديد من الدول التى أوقفت بالفعل المشتريات، احتمالات أن تصعد فعلياً مبيعات البترول الإيرانية للخارج فى نوفمبر الجارى.
ويوجد حديث بالفعل بين السعودية وروسيا على الحاجة لمد قيود الإنتاج إلى 2019، وقد تفكر الدولتان فى تقليص إنتاجها مجدداً إلى المستويات الفردية المستهدفة بموجب الاتفاق، بعد زيادته في الشهور الأخيرة للتعويض عن بعض التراجع من فنزويلا وإيران.
ويظهر تحليل “أوبك” الخاص الحاجة إلى تمديد أو حتى تعميق التخفيضات، وإذا لم تغير المجموعة مسيرتها الحالية، سوف ترتفع مخزونات البترول العالمية بمقدار 1.8 مليوون برميل يومياً فى الربع الأول من 2019 وتواصل التراكم خلال العام.
وقد يحصل المنتجون على فترة راحة من انخفاض الأسعار فى الأسابيع القليلة المقبلة، نظراً لارتفاع الطلب من المصافى الأمريكية بحوالى 1.54 مليون برميل يومياً بنهاية العام مع عودة المصافى للعمل بعد الصيانة الدورية فى الخريف، ولكن صعود الأسعار سيكون قصير الأجل، ويبدو 2019 عاماً صعباً آخر لأوبك وأصدقائها.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”