تريليون دولار هربت من صناديق الاستثمار البريطانية منذ الاستفتاء
وافق زعماء أوروبا على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لينهوا بذلك مفاوضات استمرت 18 شهراً ومهدت الطريق لمعركة برلمانية بريطانية قادمة.
وقال جان كلو ديونكر يونكر رئيس المفوضية البريطانية إن الموافقة على الصفقة تمثل “يوما حزينا” للقارة العجوز حيث أن رؤية بلد مثل بريطانيا تغادر الاتحاد الأوروبي ليس لحظة للابتهاج أو الاحتفال.
وأكد دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي على موقع التواصل الاجتماعى “تويتر” أن زعماء الاتحاد الأوروبي الـ27 الذين اجتمعوا لعقد قمة خاصة في بروكسل ووقعوا معاهدة خروج بريطانيا من الكتلة الموحدة باتفاقية تضم 585 صفحة تحدد شروط رحيل المملكة المتحدة من الكتلة بالإضافة إلى الإعلان السياسي حول العلاقات المستقبلية مع بريطانيا.
وقال مارك روتي، رئيس الوزراء الهولندي لدى وصوله إلى اجتماع القمة “هذه أفضل نتيجة لا يوجد فيها رابح أو خاسر سياسي وإذا كنت أعيش في المملكة المتحدة فأعتقد بأنني سأوافق على هذا الاتفاق”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن هذه الصفقة تمثل لحظة تاريخية في رحلة بريطانيا نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي وتمثل نهاية لمفاوضات بدأت عندما قدمت المملكة المتحدة خطاب الانفصال في مارس 2017.
وأوضحت الصحيفة أن الأنظار ستتحول فى الوقت الحالى إلى البرلمان البريطاني الذي يجب أن يقرر ما إذا كان سيدعم الاتفاقية أم أنه لن يصوت عليها.
وقال ميشيل بارنييه، كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي، وهو في طريقه إلى الاجتماع “هذه الصفقة خطوة ضرورية لبناء الثقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وقد حان الوقت لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم”.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيسة الوزراء تيريرزا ماى، تتحمل الآن معركة شاقة لتمرير الصفقة في الداخل قبل التصويت البرلماني في الشهر المقبل حيث أعلنت أحزاب المعارضة رفضها للاتفاقية كما سجل أكثر من 90 نائباً فى البرلمان انتقاداتهم علانية.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز” أن بعض الوزراء وأعضاء البرلمان يناقشون أيضا خطة بديلة إذا ما فشلت رئيس الوزراء فى تمرير صفقتها مع الاتحاد الأوروبى.
وفي قمة يوم الأحد قال قادة الاتحاد الأوروبي لبريطانيا إنها لن تكون قادرة على الحصول على شروط أفضل من ذلك.
ووصف يونكر، هذه هي الصفقة بإنها أفضل اتفاقية ممكنة ولن يغير الاتحاد الأوروبي موقفه الأساسي عندما يتعلق الأمر بهذه القضية “لذا أعتقد أن البرلمان البريطاني سوف يصدق على هذه الصفقة”.
وفي محاولة لكسب التأييد للصفقة طالبت تيريزا ماى، الشعب البريطاني بالتجمع مرة أخرى كشعب واحد واعترفت بأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي لا يمثل سوى بداية تحدٍ هائل في محاولة إقناع النواب بالتصويت على الاتفاق الأمر الذي يترك جوانب كثيرة من علاقات بريطانيا المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي غير واضحة.
يذكر أن المستثمرين سحبوا أكثر من تريليون دولار من صناديق الأسهم التي تركز على المملكة المتحدة منذ الاستفتاء على الخروج الاتحاد الأوروبي في عام 2016 وسط تزايد المخاوف بشأن التأثير المدمر لخروج بريطانيا من الكلتة الموحدة على قطاع الشركات.
وأوضح صندوق المحافظ الاستثمارية الناشئة “إى بى إف آر” أن عدم اليقين الشديد في قطاع الأعمال بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بالإضافة إلى احتمال تشكيل حكومة عمالية بقيادة جيريمي كوربين، أفقد صناديق الأسهم البريطانية بريقها وهو الأمر الذى تسبب في هروب 1.101 تريليون دولار من صافي التدفقات الخارجة منذ يونيو 2016 .
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن المستثمرين سحبوا الأموال من صناديق الأسهم في المملكة المتحدة أسبوعياً منذ أن صوتت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وارتفعت التدفقات الخارجة إلى 19.4 مليار دولار في الأسبوع الذى قدمت فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مسودة خطة الانسحاب إلى مجلس الوزراء وهو أعلى مستوى من التدفقات الخارجة منذ الأزمة المالية العالمية.
وفي الأشهر الـ12 التي سبقت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جذبت صناديق الأسهم البريطانية تدفقات بلغت 127 مليار دولار.
وأجرت شركة “شرودرز” لإدارة الأصول، دراسة استقصائية الشهر الحالى لعدد 400 مستشار مالي أفادوا بأن 35% من عملائهم قاموا بنقل الأصول خارج المملكة المتحدة العام الجارى أو يفكرون في القيام بذلك بزيادة قدرها 21% في مسح العام السابق.
وصنفت الشركة التى تتخذ من لندن مقراً لها الولايات المتحدة على أنها الوجهة الأولى للأموال التي أعيد تخصيصها من أصول المملكة المتحدة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى اكتسبت فيه الأسهم اليابانية والأسواق الناشئة أيضًا أعمالًا جديدة من عمليات إعادة التخصيص.
وأشار المحللون في المملكة المتحدة إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى هو أكبر قلق يواجه عملاءهم خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وفي الشهر الماضي كشف مسح أجراه “بنك أوف أمريكا” أن سوق الأسهم في المملكة المتحدة أصبح الأقل شعبية بين فئات الأصول العالمية.
وقال مارك هيفيلي، كبير مسؤولي الاستثمار العالمي في بنك “يو بى إس” السويسرى إن العديد من المستثمرين يعتقدون أن الأسواق المالية في المملكة المتحدة ليست قابلة للتحليل الاقتصادي الرشيد فى الوقت الحالى.
وحذر البنك السويسرى من أن المزيد من المؤسسات الدولية يمكن أن تلغي العقود مع الشركات البريطانية مع اقتراب نهاية العام الحالى اذا لم يتم التوصل لاتفاق بين المملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي.
وقالت لوسي ماكدونالد، رئيسة قسم الاستثمار في الأسهم العالمية لدى “أليانز جلوبال إنفستورز” إن المخاطر المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبحت أفضل في الوقت الحالي لكن المخاوف حقيقية وغير قابلة للتحديد إلى حد كبير لذا يبدو من الأفضل الانتظار حتى نرى المزيد من القيمة تظهر في الأسهم البريطانية من جديد .