حذر صندوق النقد الدولي، منذ أكثر من عام من ارتفاع مستويات الديون في البلدان المنخفضة الدخل وها هو الآن يجرى محادثات إنقاذ مع باكستان إلى جانب طلبات مساعدة من أنجولا وزامبيا وغيرها من بلدان العالم النامى بسبب ارتفاع مستوى الاقتراض من الصين
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الصين دخلت في الفجوة التي خلفتها الجهات المانحة الغربية في العقد الماضي بعد أن قدمت تمويلات بدون شروط للحلفاء السياسيين وللمشاريع التي تعمل على تعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية.
وفي غياب البيانات الرسمية من الصعب تقييم حجم الإقراض ولكن الباحثون في جامعة “جونز هوبكنز” قالوا إن الحكومة الصينية إلى جانب مصارفها ومقاوليها قاموا بإقراض الحكومات الأفريقية والشركات المملوكة للدولة بين عامي 2000 و2017 حوالى 143 مليار دولار.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن هذه القيمة بمثابة تحد كبير لصندوق النقد الدولي، حيث أن تقييم القدرة على تحمل الديون يقع في صميم كفاءة عمل صندوق النقد.
وكان أول اختبار لتصميم صندوق النقد الدولي، على معالجة القضية هو تأجيل طلب باكستان للحصول على برنامج انقاذ حتى يناير المقبل بعد أن انتهت زيارة مسئولى الصندوق للبلاد الأسبوع الماضى دون اتفاق.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن سمعة الصندوق، باتت على المحك حيث ينبغى عليه أن يشرح لماذا تواجه باكستان التى انتهى برنامجها الأخير للإنقاذ المالي في عام 2016 صعوبات فى السداد .
لكن الطبيعة الغامضة للإقراض الصيني تجعل من الصعب الحكم على مدى استدامة ديون البلاد.
كشفت البيانات أن ديون باكستان السيادية مرتفعة بالنسبة لكونها سوق ناشئة حيث تمثل القروض حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويمكن أن يصل نصف هذا المبلغ إلى الصين التي تعهدت بتمويل مشاريع تبلغ قيمتها حوالى 60 مليار دولار وجعلت باكستان حجر الزاوية في مبادرة “الحزام والطريق” حيث تخطط بكين لتمويل وبناء البنية التحتية في أكثر من 80 دولة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما سئلت كريستين لاجارد، رئيسة الصندوق عن باكستان الشهر الماضي أصرت على أن “صندوق النقد” سيطالب بـ “شفافية مطلقة” بشأن طبيعة ديونها وحجمها وشروطها وكان هذا المطلب أحد النقاط الشائكة في المحادثات الأخيرة.
ولكن الفرق في النهج بين الصين وصندوق النقد، يكشف عن عدم تطابق أكبر بين رؤيتين متنافستين للتنمية العالمية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه سيكون هناك الكثير من الأمور على المحك في ضوء احتمال أن الدول الأخرى سوف تصطف قريباً لتطرق أبواب الصندوق.
وفي الشهر الماضي، حذر صندوق النقد الدولي، من أن أكثر من 45% من البلدان ذات الدخل المنخفض كانت معرضة لخطر شديد للتخلف عن السداد أو أصابها بالفعل ضائقة ديون مرتفعة تزيد بمقدار الثلث عن مستويات عام 2016 ومستوى الربع عن عام 2014.
وبالفعل طلبت العديد من حكومات افريقيا جنوب الصحراء المساعدة من الصندوق ولكن القروض الصينية كانت أحد أهم العقبات التي تعترض تقدم المحادثات مع أنجولا التي قدمت الطلب لصندوق النقد الدولي، في أغسطس الماضى وزامبيا التي دخلت في مفاوضات فعلية قبل عدة أشهر.
وذكرت “فاينانشيال تايمز” ان العديد من البلدان الأخرى التي اختارتها الصين كمشاركين في مبادرة “الحزام والطريق” غير آمنة مالياً.
وتوقع تيد ترومان، وهو زميل في معهد “بيترسون” للاقتصاد الدولي ومسؤول سابق في صندوق النقد الدولي، أنه قد يكون هناك دعوات أكبر لصندوق النقد الدولي، في غضون بضع سنوات.
وأضاف “عاجلاً أم آجلاً نعتقد جميعًا أن فنزويلا التي لديها ديون كبيرة لصالح بكين ستحتاج إلى برنامج انقاذ مالى من قبل صندوق النقد الدولي”.
وأوضحت الإدارة الأمريكية أنها لن تدعم أي برنامج إنقاذ من جانب صندوق النقد الدولي، قد يهدف ببساطة لمساعدة متلقيه على سداد ديون بكين.
وقال غابرييل ستيرن، وهو مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي، يعمل حالياً في “أوكسفورد إكونوميكس” إنه لن يكون من السهل إعادة جدولة القروض الصينية التي تصدر في كثير من الأحيان بشروط تجارية من قبل بنوك الدولة وغيرها من الجهات الفاعلة.
وأكدّت كارمن راينهارت، أستاذة بجامعة “هارفارد ” أن ميل الصين إلى تقديم القروض المضمونة مثل القروض المدعومة بأصول البترول فى أنجولا والإكوادور يمثل تحديًا لأن شروطها قد تؤثر على ترتيب الأقدمية بين الدائنين.
وأثبتت الصين في بعض الأحيان استعدادها لتقديم قروض جديدة أو تأجيل عملية السداد عندما يواجه المقترضون الصعوبات .
وفى الوقت الحالى قد ترغب بكين لتكون مرنة جزئيا لتجنب المزيد من الصراع مع الولايات المتحدة لأنها تشعر بالقلق من أن العديد من القروض قد لا يتم سدادها.