«بن محفوظ»: تصفية «جسور المحبة» لعدم جدواها الاقتصادية.. وتأسيس 30 شركة بديلة بـ 6 مليارات جنيه
شراكة مرتقبة بين «أرامكو» و«سابك» مع شركات قطاع الأعمال العام لتنفيذ مشروعات ضخمة
3.1 مليار دولار قيمة التبادل التجارى بين القاهرة والرياض فى 10 أشهر
جسر الملك سلمان مرهون تنفيذه بموافقات دولية.. وصندوق الاستثمار المشترك أوشك على التفعيل
صرف مليار دولار لاستكمال مشروعات تنمية سيناء على مرحلتين خلال عامى 2019 و2020
مجلس الأعمال يناشد الحكومة حل نزاع «الشربتلى» و«الكعكى» والشروع فى تسوية 95 مشكلة أخرى
مصر أرض خير تحظى ببيئة جاذبة للاستثمار من عند الله وكل من يضع فيها جنيه يكسب
مساعى لتنفيذ مشروعات بهدف التصدير للسوقين الأوروبى والأفريقى
مشاورات سعودية مصرية لتنفيذ مشروعات بتروكيماويات وتعدين وزراعة وسياحة
مستثمرو المقاولات بمصر والمملكة والإمارات جاهزون للمشاركة فى مشروعات إعادة إعمار ليبيا والعراق
مباحثات لتسجيل الأدوية المصرية فى الرياض وأبوظبى بأسعار جديدة لزيادة الصادرات
«كثير من الناس يصنف الزيارات السعودية لمصر كنوع من التطبيل الإعلامى.. أقسم بالله العظيم هذا غير صحيح.. ما بين الزيارة الأولى للمستثمرين السعوديين لمصر فى مارس الماضى وحتى نوفمبر الحالى تم تأسيس 229 شركة جديدة، إيماناً منا بأن مصر الأعلى نمواً على مستوى الشرق الأوسط بالكامل بما فيه السعودية والإمارات»، هكذا بدأ الدكتور عبدالله بن محفوظ، رئيس مجلس الأعمال السعودى المصرى، حواره مع «البورصة» فى أحد الفنادق المطلة على نيل القاهرة على هامش ترأسه ويرأس وفداً من رجال الأعمال السعوديين يصاحبون ولى العهد الأمير محمد بن سلمان فى زيارته لمصر.
وأوضح «بن محفوظ»، أن الاستثمارات السعودية التى تدفقت الأشهر الماضية نفذها عدد كبير من المستثمرين البارزين منهم عبدالرحمن الشربتلى، وعبدالله العثيم، وخالد الغامدى، فى العديد من المجالات الاستثمارية بمختلف المحافظات، خاصة مدن القناة وشرم الشيخ.
وقال إن الوفد الاقتصادى المرافق لولى العهد فى الزيارة للقاهرة استمع إلى كلمة الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى بمؤتمر دافوس الصحراء الأخير حول الإنجازات الاقتصادية التى تحققت فى مصر، وما نفذ من استثمارات زراعية وصناعية والفرص الاستثمارية المتاحة فى جنوب مصر، وأبدينا اهتماماً كبيراً بالاستثمار فى تلك المنطقة التى تحوى فرص سياحية وتعدينية تتوافق مع رغبة مستثمرى المملكة.
وأضاف: «هذه الزيارة السادسة لنا منذ عام 2013، ونريد أن نستعرض فيها إنجازات مستثمرى المملكة فى المشروعات السياحية والعقارية والصناعية التى تم تنفيذها بعد تلك الزيارات، وبحث الفرص المشتركة فى قطاعات استثمارية أخرى على رأسها الزراعة والتعدين والصحة والتعليم».
وتوقع «بن محفوظ»، أن تشهد مصر استثمارات كبرى فى قطاعى الصحة والتعليم الفترة المقبلة لحاجة القطاعين الكبيرة للتطوير، ويتطلبان استثمارات أجنبية أكثر منها عربية لامتلاكهما التكنولوجيا والمعرفة مثلما حدث فى الأردن.
وذكر أن الاستثمار فى القطاع الصحى يتطلب توفير خريطة استثمارية واضحة للقطاع، وإعطاء ضمانات للمستثمرين بأن الأنظمة والقوانين المتبعة لن تتغير أو تتبدل، عبر إصدار تشريع مثل قانون الاستثمار الجديد الذى يصلح بصورته الحالية للبقاء 50 عاماً.
وأشار إلى مناقشات تجرى بين حكومتى السعودية ومصر للشراكة فى مجال التعدين، التى تولى له المملكة أهمية خاصة الفترة الحالية وترصد له استثمارات ضخمة، خاصة فى قطاعات استخراج الألومنيوم والفوسفات والذهب.
وتابع: «السعودية نظرت أخيراً لأهمية التعدين والفوسفات والألومنيوم والذهب واستثمرت فى تعدين هذه المنتجات 55 مليار دولار.. المعادن الثلاثة الموجودة فى شمال السعودية، متوفرة أيضاً فى جنوب مصر، وأتمنى ان نتعاون فى هذا المجال سواء على مستوى الحكومات أو القطاع الخاص».
وقال إن القطاع الخاص السعودى يصاحب ولى العهد محمد بن سلمان فى زياراته الخارجية، للاستفادة من الاستثمارات التى يمكن تنفيذها فى مختلف القطاعات، وتشهد الزيارة الحالية لمصر تنفيذ أى فرصة استثمارية يتم التباحث بشأنها لتنفيذ مشروعات جديدة.
وأضاف أن الوفد السعودى يركز خلال زيارته لمصر على فرص الاستثمار فى قطاعات السياحة والتعدين، إضافة إلى المشروعات الموجودة بالعاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس.
وذكر أن مجلس الأعمال المصرى السعودى يخطط لزيادة استثمارات المملكة بسنبة لا تقل عن %10 سنوياً، لكن هذا الاهتمام مصحوب برغبة أقوى بالقيمة المضافة لتلك الاستثمارات لمصر، مضيفاً: «الاستثمارات السعودية إن لم تكن ذات جودة عالية وتنجح فى إتاحة المنتج المحلى بسعر مميز يصلح للتصدير للخارج، لا يعتبر استثمار متميز بالنسبة لنا ولا نسعى إليه».
وأبدى «بن محفوظ» رغبته فى التعاون المشترك بقطاع البتروكيماويات، وقال: «مصر سبيل المملكة للتصدير لأوروبا بحكم اتفاقياتها الخارجية، وإذا نجحت شركتى أرامكو وسابك أن تأخذ مقعد مهم وقوى فى مصر، يستطيع القطاع الخاص السعودى وقتها الاستثمار فى المشروعات المتوسطة التى تتراوح استثماراتها بين 50 و100 مليون دولار».
وأضاف أن الفترة الحالية تجرى مباحثات مشتركة لتنفيذ مشروعات فى قطاعى الأدوية والبتروكيماويات، وستشهد الأيام المقبلة توقيع اتفاقيات وتعاون بين أرامكو وسابك وشركات قطاع الأدوية الحكومية.
وأوضح أن الشركات السعودية والمصرية حال اتفاقهما سينفذان مشروعات ضخمة بقطاع الأدوية تستهدف التصدير إلى أوروبا وأفريقيا.
وتابع: «كمجتمع أعمال سعودى ننتظر زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر لأننا نعلم أنها ستشهد توقيع العديد من الاتفاقيات الكبرى التى سيفصح عنها خلال الزيارة».
وأضاف: «نحن نستعين بمصر الآن لدخول السوقين الأوروبى والأفريقى.. نحن تأخرنا كثيراً فى الشراكة من أجل التوسع فى القارة السمراء، ما سمح لدول أخرى بتحقيق أعلى استفادة وحل محلنا ونحن أولى بذلك».
وأشار إلى مجالات كثيرة يمكن الشراكة فيها للتصدير لأفريقيا والخليج منها الأدوية والاتصالات، التى تتميز بهما مصر.
وذكر أن مصر تنتج أدوية عالية الجودة، لكن صادراتها لاتزال ضئيلة للغاية، وتجرى مناقشات حاليًا لتسجيل الأدوية المصرية فى السعودية والإمارات بأسعار مختلفة.
وتصدر مصر أدوية بقيمة تقترب من 300 مليون دولار سنويًا فقط لمختلف دول العالم، لالتزام الدول بشرائها بأسعار بلد المنشأ، ورفض تسعيرها بقيم مختلفة.
وتطرق «بن محفوظ» للموقف التنفيذى للاتفاقيات الموقفة بين مصر والمملكة خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة منتصف عام 2016، والتى شهدت تعهدات بتنفيذ استثمارات تتراوح قيمتها بين 23 و25 مليار دولار.
وقال إن التعهدات الخاصة بتنفيذ مشروعات تنمية سيناء بقيمة 2.5 مليار دولار، تم توفير 1.5 مليار دولار من التمويل، ويتبقى مليار دولار فقط سيتم صرفه خلال عامى 2019 و2020.
وتتضمن اتفاقية مشروع تنمية سيناء إنشاء محطة المعالجة الثلاثية لمياه الصرف، وتنفيذ مشروع التجمعات السكنية (المرحلة الثانية)، وإنشاء طريق محور التنمية بطول (90 كلم)، إضافة إلى إنشاء 4 وصلات طرق بطول (61 كلم) تربط محور التنمية بالطريق الساحلى.
كما تتضمن الاتفاقية تنفيذ مشروع طريق النفق – طابا، وجامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمدينة الطور (المرحلة الثانية)، ومشروع طريق الجدي، بالإضافة إلى إنشاء 13 تجمعاً زراعياً، وقناة لنقل المياه.
وأشار «بن محفوظ» إلى أن الاتفاقية الخاصة بإنشاء الجسر البرى بين البلدين المعروف باسم «جسر الملك سلمان»، مرهون تنفيذها بقرار «سياسى دولى نتمنى من الله أن يتم لأنه سيحدث نقلة نوعية فى العلاقات المشتركة، كما حدث بين المملكة والبحرين».
وتابع: «لكى ينفذ الجسر لابد من إنهاء بعض الإجراءات سواء المتعلقة بالتصميم أو الإنشاء، وكل هذا يحتاج الى قرار دولى وتنسيق مع عدة دول مثل روسيا وأمريكا والصين والهند لأنه معبر دولى».
واستكمل: «لازم ننسق مع تلك الدول قبل الشروع فى التنفيذ.. وموعد ذلك تحدده حكومتا مصر والسعودية»، وكانت الاتفاقيات الموقعة فى زيارة الملك سلمان شملت إنشاء جسر برى يربط بين مصر والمملكة بطول 30 كيلومتراً وعرض 36 متراً مع وجود مسار لخط سكة حديد مزدوج فى منتصف الجسر بعرض 11.30 متر يسمح بمرور قطارات بسرعة 250 كم/ ساعة.
وبموجب الاتفاقية يمتد الجسر من شمال مدينة رأس نصرانى المصرية القريبة من شرم الشيخ، إلى الشاطئ الشرقى لمنطقة رأس الشيخ حميد شمال ميناء ضبا مروراً بجزيرة تيران فى البحر الأحمر، وتوقع «بن محفوظ» تفعيل صندوق الاستثمارات المصرى السعودى الذى تضمنته الاتفاقيات، قريبًا، دون تحديد موعد.
وقال: «هذا الصندوق يحظى بأهمية خاصة لدى البلدين، لأنه سيدفع الاستثمار المشترك إلى مستويات قياسية، خاصة أنه سيكون أحد أضخم صناديق الاستثمار العربية».
وأضاف أن تفعيل الصندوق يعد قراراً اقتصادياً وليس سياسياً، وسيضم أصولاً كبرى من كلا الدولتين، لذا تأخر تفعيله بعض الوقت.
وكانت الاتفاقيات الموقعة خلال زيارة الملك سلمان تضمنت الاتفاق على إنشاء صندوق سعودى مصرى للاستثمار برأسمال 60 مليار ريال، تمول من صندوق الاستثمارات السعودى والكيانات التابعة له والمتفقة معه والحكومة المصرية والكيانات التابعة لها والمتفقة معها.
وكشف «بن محفوظ» عن قرار رجل الأعمال السعودى الشيخ صالح كامل و32 مستثمراً بالمملكة تصفية شركة جسور المحبة التى أعلن عن البدء فى إجراءات تأسيسها عام 2014، وتم تأسيسها بالفعل أواخر العام قبل الماضى، برأسمال 6 مليارات جنيه.
وقال إن الخطوات التنفيذية للشركة أظهرت عدم جدواها الاقتصادية، لذا تم الاتفاق على تصفيتها والسماح لكل مستثمريها بتكوين شركات أصغر حجمًأ والاستثمار فى جميع الخدمات اللوجستية التى تقدمها قناة السويس.
وأضاف: «انتهت جسور المحبة لكن تولد منها أكثر من 30 شركة أصغر حجماً برؤوس أموال تتخطى 6 مليارات جنيه، وتحقق نجاحات أكبر مما كانت ستحققه جسور المحبة».
وأضاف: «جسور المحبة تم تأسيسها برأسمال كبير بناء على عواطف ومشاعر طيبة بعد تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، لكن الخطوات العملية أظهرت ضعف جدواها الاقتصادية، لذا قررنا التصفية، وترك الشركاء السعوديين كلاً على حده باتخاذ قرارات استثمارية فردية مع شركاء أجانب لتنفيذ مشروعات بقناة السويس.
وتأسست «جسور المحبة» للاستثمار فى خدمات قناة السويس وصيانة السفن واستغلال خطوط ملاحية تنقل بضائع بين قناة السويس ودول عربية وأفريقية، وتقديم خدمات لوجستية متنوعة.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية مستمرة فى زيادة استثماراتها بالسوق المصري، وإنها حين أعلنت فى 2017 أن هناك زيادة فى الاستثمارات تم تسويق الأمر على أنه «حديث إعلامى»، لكن حقيقة الأمر أسفرت تلك الزيارات على تأسيس 229 شركة جديدة فى الفترة من مارس الماضى ونوفمبر الجارى، برؤوس أموال كبرى.
وقال «بن محفوظ»: «مصر أرض خير، تحظى ببيئة جاذبة للاستثمار من عند الله، هى أرض خصبة لكل الدول، تجذب الاستثمارات السعودية والأجنبية وتتمتع بنمو كبير».
وأضاف: «قد لا يشعر المواطن حالياً بأثر تلك الإصلاحات الاقتصادية طويلة المدى، لكن نحن فى الخليج ننظر إليها ونرى أنها تمشى فى طريق صحيح حتى مع مشكلات ارتفاع الأسعار والعملة الأجنبية، لكن يجرى معالجة صحيحة للأوضاع».
وتابع: «نحن نؤمن بالاستثمار فى مصر أكثر من المصريين ونحقق نجاحات أكبر، ويمكن متابعة نتائج أعمال الشركات الخليجية.. كل من وضع جنيه فى أرض مصر كسب».
وتطرق «بن محفوظ» إلى بعض الإجراءات التى اتخذتها المملكة فى إطار رؤية 2030، ومنها الاتجاه لسعودة بعض المهن، وتأثيرها على العمالة المصرية، وقال إن عدد المقيمين المصريين فى المملكة يبلغ نحو 1.9 مليون مواطن، وإذا عاد منهم عدد قليل إلى مصر ستتنفع بهم مصر بعد الخبرة الكبيرة التى اكتسبوها.
وأضاف: «الدول لا تستفيد من تحويلات العملة الأجنبية من مواطنيها فى الخارج قدر استفادتها من الخبرة التى اكتسبوها فى التطوير».
وأشار إلى ضرورة تعديل استراتيجيات التعاون العربى، وإنه يجب أن يكون فى الصناعات الكبيرة والضخمة مثل البتروكيماوات والتعدين، أما القطاعات الأخرى كالسياحة والعقارات لم تحقق أى نجاح على مستوى العمالة.
وعرض «بن محفوظ» خطة عمل مجلس الأعمال السعودى المصرى فى 2019، والتى تتضمن 3 محاور رئيسية، فى مقدمتها زيادة التبادل التجارى بين البلدين، خاصة بالقطاعين الزراعى والتعدينى، إضافة إلى المشاركة فى مشروعات إعادة الإعمار فى ليبيا والعراق، فضلاً عن زيادة الاستثمارات المصرية فى السعودية.
وقدر حجم التبادل التجارى غير النفطى خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر بـ3.1 مليار دولار بزيادة %30 عن نفس الفترة من العام الماضي، وتستحوذ الصادرات المصرية على 1.6 مليار دولار من التبادل التجارى مقابل 1.7 مليار للواردات.
وألمح رئيس المجلس إلى مشاورات تجرى بين عدد من شركات المقاولات الخاصة بمصر والإمارات والسعودية منذ 6 أشهر، لبحث سبل التعاون فى مشروعات إعادة إعمار ليبيا والعراق فور الإعلان عنها، وتوقع أن تحقق عوائد ضخمة للبلدين.
وذكر أن المجلس يسعى للاستفادة من الشركات المصرية الناجحة واستقطاب فروع لها بالمملكة، والتعاون معها فى تنفيذ مشروعات تستهدف التصدير لأفريقيا وأوروبا.
وطالب «بن محفوظ» فى نهاية الحوار، الحكومة المصرية بالإسراع بحل نزاع استثمارى يخص رجلا الأعمال عبدالإله الكعكى وعبدالرحمن الشربتلى على غرار نزاع شركة عمر أفندى مع رجل الأعمال جميل القنبيط.
وقدر رئيس المجلس عدد الشركات السعودية العاملة فى مصر بـ4996 شركة، وقال إن 97 شركة منها فقط لديها نزاعات استثمارية مع الحكومة.
وأضاف: «نتمنى سرعة حل نزاعى الشربتلى والكعكى، ويمكننا الانتظار على مشاكل الـ95 شركة الأخرى لحين انتهاء الإجراءات».