مصر ستنتهج طريقاً وسطاً بين دعم العملة وحرية السوق اعتماداً على قوة الاحتياطى الأجنبى
توقعات بتراجع العملة المحلية إلى 19 جنيهاً للدولار العام المقبل و20 جنيهاً فى 2020
قالت «كابيتال إيكونوميكس»، إنَّ السلطات المصرية اعتمدت بشكل كبير على البنوك الحكومية؛ لبيع أصولها بالعملة الأجنبية؛ تلبية لطلبات المستثمرين الأجانب المتخارجين من سوق الدين المحلى، لكن هذا الاتجاه لن يستمر سوى بضعة أشهر على الأكثر.
وذكرت أنه إذا تدخل البنك المركزى بشكل مباشر لدعم العملة المحلية، فإنَّ صندوق النقد سيوقفه سريعاً عن تلك الممارسات، ليترك الجنيه يتراجع خلال العامين المقبلين.
وأشارت إلى أن الجنيه كان الأكثر صموداً بين عملات الأسواق الناشئة، وتراجع 1% فقط أمام الدولار، وهناك أسباب لذلك؛ أبرزها أنه شهد خفضاً كبيراً بنهاية 2016، وأن سعر الصرف الحقيقى الفعال أقل من متوسطاته التاريخية بنحو 15%، والأكثر من ذلك هو تحسن ميزان المدفوعات منذ التعويم، وتراجع عجز الحساب الجارى إلى 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
لكنها أوضحت أن كل ذلك لا يفسر استقرار الجنيه فى ظل أزمة الأسواق الناشئة منذ أبريل الماضى رغم ارتفاع الفائدة على سندات وأذون الخزانة 300 نقطة أساس، وتراجع مؤشر البورصة نحو 30%، نتيجة سحب المستثمرين الأجانب استثماراتهم فى الدين الحكومى لتتراجع نسبة الأذون التى فى حوزتهم إلى 20% فقط من إجمالى الأذون القائمة.
أوضحت «كابيتال إيكونوميكس»، أن استقرار احتياطى النقد الأجنبى يشير إلى أن «المركزى» لم يتدخل لتغطية الطلب على العملة الأجنبية، لكن فى المقابل فإنَّ البنوك التجارية فرطت فى أصولها الأجنبية لتتراجع إلى 218 مليار جنيه، مقابل 369 مليار جنيه، فى أبريل الماضى، قبل أن ترتفع التزاماتها الأجنبية نحو 28 مليار جنيه بنهاية أكتوبر الماضى.
وتوقعت أن البنوك لن تستغرق أكثر من 8 أشهر فقط لتبدد جميع أصولها الأجنبية إذا استمرت وتيرة التخارج كما هى، لكن البنك المركزى لن يسمح بالوصول إلى هذه الدرجة، خاصة أن الوزن النسبى للأصول الأجنبية تراجع إلى 4% من إجمالى الأصول، مٌرجحة وصولها إلى معدلات قريبة من مستويات ما قبل التعويم عند 2.5% من إجمالى الأصول بحلول 2019.
أوضحت أن الحكومة أمام حلين؛ الأول الاستسلام لخفض قيمة الجنيه لموازنة الطلب والعرض على العملة الأجنبية مع الأخذ فى الحسبان أنه بعد تحسن ميزان المدفوعات خلال السنوات الماضية لن يواجه الجنيه أزمة كبيرة، وذلك يؤكد الثقة فى التزام المسئولين بتحرير سعر الصرف.
والحل الثانى هو محاول التدخل للحفاظ على سعر الصرف والسحب من الاحتياطى، خاصة أن البنك المركزى فى موقف قوى يمكنه من فعل ذلك لفترة قصيرة من الوقت، خاصة أن الاحتياطى يغطى الاحتياجات التمويلية والتى تمثل مجموع عجز الحساب الجارى والدين الذى يحل أجله خلال العام المقبل، والمقدر بنحو 27 مليار دولار، يمثل 11.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
لكنها أوضحت أن ذلك الخيار يهدد بنشوء اختلالات جديدة، خاصة أن التضخم الهيكلى المرتفع بوسعه أن يلتهم التنافسية على مستوى المركز الخارجى لمصر والضغط على الصادرات لصالح الاستهلاك وزيادة شهية المستهلكين للواردات، ما قد يؤدى لاتساع عجز الحساب الجارى مجدداً، وهو ما قد يسرع بوتيرة أكبر لانخفاض سعر قيمة الجنيه.
وقالت المؤسسة، إنه وفقاً للتجارب السابقة، فإنَّ خليطاً بين الاتجاهين ستنتهجه مصر، فالمركزى سيحاول التدخل، لكن صندوق النقد سيرفض ذلك، وسيعود الجنيه للتراجع ليسجل 19 جنيهاً أمام الدولار و20 جنيهاً بنهاية 2020.