القارة السمراء ساحة لثلث حوادث الصراع المسلح فى العالم
هيمنة الصين على الاستثمار تدفع الغرب للانضمام إلى المنافسة
على الرغم من المزايا العديدة التى تتمتع بها أفريقيا، فقد فشلت فى تحويل إمكاناتها الاقتصادية إلى نمو وازدهار طويل الأجل وتعثرت التنمية الاقتصادية مراراً، نتيجة سوء إدارة الموارد وسوء توزيع الأصول غالبًا بسبب الفساد المتفشى وعدم الابتكار والقيادة قصيرة النظر، ومقاومة تبنى استراتيجيات النمو المستدام، والفشل الهائل فى التنسيق بين جميع أنحاء المنطقة لافتقاد القدرة على التنظيم الجماعى، وفى الوقت نفسه، يستمر المرض والحرب والفقر فى الحد من آفاق ازدها القارة السمراء.
ووفقًا لمؤشر مدركات الفساد الخاص بمنظمة الشفافية العالمية فى 180 دولة ومنطقة حول العالم ، كانت دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هى المنطقة الأكثر فساداً فى العالم اعتباراً من عام 2017، وتفيد منظمة الصحة العالمية أن الأمراض المعدية قد أودت بحياة 5.2 مليون شخص فى عام 2015 وغالبية الوفيات بهذه المنطقة.
وعلاوة على ذلك، أفاد معهد الدراسات الأمنية بأن أكثر من ثلث حوادث الصراع المسلح فى العالم عام 2016 وقعت فى أفريقيا، ويقدر البنك الدولى أنه فى عام 2013، احتوت دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على أكثر من نصف تعداد أفقر الناس فى العالم، حيث يعيش 389 مليون شخص على أقل من دولارين فى اليوم.
وفى عام 2016 كانت أفريقيا تمثل 2.9% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى و2.2٪ من الصادرات العالمية، و 3.4% فقط من تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر للداخل.
ولا عجب أن العالم قد فقد الأمل فى أن أفريقيا ستفلت من الفقر والفساد والحرب والأسوأ من ذلك أنه أصبح من المقبول فى بعض الأوساط تجاهل أفريقيا وشعوبها وباستثناء الصين التى تبذل جهداً ملحوظاً لا تملك معظم القوى العالمية ببساطة الكثير من الحصص التنموية فى القارة وعندما تبدى البلدان الغربية قلقاً فإنها عادة ما تكون أكثر استجابة لنفوذ بكين المتنامى فى المنطقة أكثر من أى شىء آخر.
ومن الناحية التاريخية، اتبع المجتمع الدولى مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات للشراكة مع أفريقيا ففى أعقاب الاستعمار، كان قادة العالم يعتقدون أن النمو الواسع النطاق سيقضى على الفقر بالقارة فى غضون جيل واحد، وفى عام 1960، وصف الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور أفريقيا بأنها غنية بالموارد البشرية والطبيعية ومشرقة بوعودها.
وبدلاً من ذلك، توقف التقدم الاقتصادى فى السبعينيات مع انخفاض معدلات النمو السنوية لدول أفريقيا جنوب الصحراء من حوالى 5% فى الستينيات إلى 1.2% فى أوائل الثمانينيات، وبعد ذلك بوقت قصير، بدأ صندوق النقد الدولى والبنك الدولى فى إدخال برامج الاستقرار والتكيف الهيكلى الموجهة نحو تعزيز التجارة وتشجيع تنمية القطاع الخاص وتخفيض العبء الاقتصادى على الدولة، ومع ذلك لم تؤت هذه البرامج ثمارها المأمولة بسبب التركيز على التنمية بدون تطوير الوجه الإنسانى لسكان إفريقيا وكانوا عرضة باستمرار لانتقادات بشكل كبير لتقويضهم السيادة الوطنية.
وبحلول تسعينيات القرن العشرين، حلّت حزمة سياسات تؤيدها الولايات المتحدة تشمل الانضباط المالى، وإلغاء القيود التنظيمية، وتحرير التجارة، والخصخصة محل التكيف الهيكلى.
وتبع ذلك خطط الإعفاء من الديون فى أوائل العقد الأول من القرن الحالى، وفى العقد الحالى، تعتمد الآمال فى النمو الاقتصادى بشكل متزايد على الاستثمار الصينى.
وفى جزء كبير، بدأ كل من هذه العصور بتفاؤل متجدد وانتهى بالفشل، مما أدى إلى تراجع المشاركة الغربية والاستثمار مع مرور الوقت.
وانخفض الاستثمار الأجنبى المباشر من أوروبا الغربية، التى كانت فى يوم من الأيام المصدر الإقليمى الرئيسى للاستثمار فى إفريقيا، بنسبة 60% من 30.1 مليار دولار إلى 12 مليار دولار بين عامى 2015 و 2016 فقط.
وفى الوقت نفسه، انخفضت مساهمة أمريكا الشمالية بأكثر من النصف من 8 مليارات دولار إلى 3.8 مليار دولار، وفى الوقت الذى كان فيه الاستثمار الغربى فى أفريقيا يتدهور فإن التدفقات الداخلة من الصين آخذة فى الازدياد حيث تزايدت 15 مرة بين عامى 2015 و2016، و تزامن ذلك مع زيادة المشاركة من دول مثل السعودية واليابان وسنغافورة، ومع ذلك، لم يقابل القادمون الجدد الاستثمار الضائع من الغرب
وفى عام 2016، انخفضت الحصة الإجمالية لأفريقيا من الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى بنسبة بلغت 3%، وصحيح أن فك الارتباط فى الغرب يعكس جزئياً تحدياته الاقتصادية الخاصة، وليس أقلها الديون المرتفعة وغير المستدامة وتدهور البنية التحتية وتزايد تكاليف التقاعد والرعاية الصحية فى مواجهة السكان المسنين.
ومع ذلك، فإن تجاهل أفريقيا أمر غير مسئول وخطير للغاية كمصدر للمرض والإرهاب والهجرة الجماعية مما يجعلها بالفعل تهديداً مباشراً للاستقرار العالمى ويتضخم هذا التهديد بسبب التغيرات المناخية.