“بلومبرج”: واشنطن أصبحت مصدّراً صافياً للخام للمرة الأولى منذ 75 عاماً
تحولت أمريكا إلى مصدر صافى للبترول الأسبوع الماضى، وكسرت الاعتماد المستمر على الخام الأجنبى منذ ما يقرب من 75 عامًا، وهو ما يوضح التحول الكبير – حتى ولو كان لفترة قصيرة من الوقت – تجاه ما وصفه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بـ”استقلال الطاقة”.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن تحول الولايات المتحدة إلى مصدر صافى للبترول هو نتيجة ازدهار غير مسبوق في إنتاج الخام الأمريكى، إذ تم ضخ آلاف البراميل من منطقة “بيرميان” فى ولاية تكساس، إلى جانب منطقة “باكين” فى نورث داكوتا ، و”مارسيلوس” فى بنسلفانيا.
وفى الوقت الذى كانت تسير فيه الولايات المتحدة فى هذا الاتجاه منذ سنوات، حدث التحول الدراماتيكى الأسبوع الماضى، إذ أظهرت البيانات انخفاضاً حاداً فى الواردات وارتفاعاً فى الصادرات إلى مستوى قياسى، وبالنظر إلى التقلبات فى البيانات الأسبوعية، من المرجح أن تظل الولايات المتحدة مستورداً صغيراً فى معظم الوقت.
وقال مايكل لينش، رئيس قسم استراتيجيات أبحاث الاقتصاد والطاقة: “لقد أصبحنا قوة طاقة مهيمنة فى العالم ولكن هذا التغيير سيزول تدريجياً ولا أعتقد أنه سيحدث ثورة ضخمة، لكن عليك أن تفكر في أن منظمة أوبك ستضطر إلى أخذ ذلك فى الاعتبار عندما تتخذ القرارت فى المستقبل”.
يأتى ذلك بعد أن حولت ثورة البترول الصخري، مليارات الدولارات إلى الولايات المتحدة وجعلتها أكبر منتج للبترول فى العالم متخطية روسيا والمملكة العربية السعودية.
وجاءت بيانات التحول فى الوقت الذى اجتمعت فيه منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاؤها فى فيينا الأسبوع الماضى لاتخاذ قرار خفض الإنتاج ودعم الأسعار، مما يخاطر بفقدان مزيد من حصتهم فى السوق لصالح الولايات المتحدة.
وقال هيليما كروفت، خبير السلع الاستراتيجية فى “آر بى سى كابيتال”، إن اضطرابات “أوبك” بدأت منذ إعلان قطر انسحابها من المنظمة الأسبوع الماضى وتحول الولايات المتحدة إلى بلد مصدر للبترول.
وكانت الولايات المتحدة قد باعت الأسبوع الماضى 211 ألف برميل يومياً من الخام والمنتجات المكررة ومنها البنزين والديزل، مقارنة بالواردات الصافية البالغة حوالى 3 ملايين برميل منذ بداية العام وحتى الوقت الحالى وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وقالت وكالة إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن الولايات المتحدة كانت مستورداً صافياً للبترول في البيانات الأسبوعية التى تعود إلى عام 1991.
وأوضح محللو شئون البترول، الذين قاموا بتجميع بيانات سنوية أقدم باستخدام إحصاءات من معهد البترول الأمريكى، إن البلاد كانت مستورداً صافياً للبترول منذ منتصف الأربعينيات.
وأفاد ديفيد ديكلباوم، المحلل في “كوين اند كو” فى نيويورك إنه يمكن للصناعة الصخرية الازدهار في عالم تبلغ أسعار البترول فيه مستوى 50 دولاراً للبرميل، مضيفاً أن قرار “أوبك” بدعم الأسعار بقيمة تزيد على 50 دولاراً يعزز معظم الصناعة فى الولايات المتحدة.
وأضاف ان منتجى البترول فى الولايات المتحدة يقومون الآن بتوليد 11.7 مليون برميل يومياً، بما يزيد بنسبة الثلث عن مستويات عام 2014.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن تحول الولايات المتحدة إلى مصدر صافى للبترول يعني أن واشنطن أصبحت مستقلة في قطاع الطاقة وحققت طموحات أجيال من السياسيين الأمريكيين بداية من جيمي كارتر، إلى جورج دبليو بوش.
وفى الواقع، لاتزال الولايات المتحدة معرضة لأسعار الطاقة العالمية التى تتأثر بالجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن ترتفع صادرات الخام الأمريكية إلى مستويات أعلى مع وجود خطوط أنابيب جديدة والتخطيط لإنشاء 9 محطات على الأقل ستكون قادرة على تحميل الناقلات العملاقة.
وفى الوقت الذى أظهرت فيه البيانات أن الولايات المتحدة تبيع المزيد من البترول أكثر من الشراء، لاتزال شركات التكرير الأمريكية تشترى ملايين البراميل يومياً من الخام والوقود فى الخارج.
وتستورد الولايات المتحدة أكثر من 7 ملايين برميل يومياً من البترول الخام من جميع أنحاء العالم للمساعدة فى تغذية مصافيها التي تستهلك أكثر من 17 مليون برميل يومياً، وفى المقابل أصبحت واشنطن أكبر مورد للوقود فى العالم.
وقال بريان كيسنس، الذى يساعد فى إدارة 16 مليار دولار من الأصول فى شركة “لى وود”بولاية كانساس، إن الولايات المتحدة أصبحت الآن لاعباً رئيسياً فى سوق التصدير، وتواصل إعادة استخدام البنية التحتية على طول سواحلها لتوسيع قدرتها التصديرية.