“موسكو” تتعهد بتقديم 6 مليارات دولار لاستغلال احتياطيات البترول الضخمة فى “كاراكاس”
ألقى المسئولون الروس بظلال من الشك على تعهدات الحكومة بتقديم مليارات من الدولارات لفنزويلا والتى يروج لها رئيسها نيكولاس مادورو، الذى مزقت الأزمة بلاده وأصبح يعتمد بشكل متزايد على “موسكو” كأبرز مؤيد دولى لـ”كاراكاس” فى ظل مشكلاتها المتتالية حيث توقع صندوق النقد الدولى، انكماش الاقتصاد بنحو 18% العام الجارى.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أنه بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى موسكو الأسبوع الماضى واجتماعات مع العشرات من كبار المسئولين فى روسيا تباهى الرئيس الفنزويلى بتعهدات استثمارية بلغت قيمتها 6 مليارات دولار وسلسلة من الصفقات الأخرى المصممة للمساعدة فى دعم اقتصاده المنهار الذى تعرض لأزمة حادة بسبب التضخم المفرط والتوترات السياسية والعقوبات الأمريكية.
وشددت الزيارة على دور روسيا كملاذ أخير لفنزويلا التى تتلقى دعم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لكنها أوضحت أيضاً حدود قدرة موسكو ورغبتها فى تمويل نظام مادورو.
وقال مادورو، إن موسكو تعهدت باستثمار 5 مليارات دولار فى مشاريع مشتركة بقطاع البترول فى البلاد ومليار دولار لمشاريع التعدين وتصدير 600 ألف طن من القمح إلى فنزويلا لتغطية احتياجاتها لعام 2019.
واضاف الرئيس الفنزويلى أن روسيا وافقت أيضاً على تحديث قواته المسلحة والنظر بالمشاريع المحتملة فى صناعة الماس بالبلاد.
لكن بعد زيارة مادورو، سعى المسئولون الروس إلى التخلص من تعهدات تقديم أى دعم مالى كبير.
وقال شخص قريب من “روسنفت” شركة البترول الروسية التى تسيطر عليها الدولة والتى لديها استثمارات فى فنزويلا إن هذا الدعم يبدو صعبًا.
أضاف أنه من الواضح تماما أن “روسنفت” كانت ستدلى ببيان وتتفاخر بشأن صفقة بهذا الحجم لو حدث ذلك بالفعل.
وقال مادورو، إن الاستثمار الروسى بقيمة 5 مليارات دولار سيهدف إلى زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً وهو ما يضاعف تقريباً الناتج الإجمالى للبلاد وبأسعار السوق الحالية، فإن قيمة مليون برميل من البترول تبلغ حوالى 55 مليون دولار.
وقال ديميتريس بانتولاس، وهو محلل سياسى فى كاراكاس “من الناحية السياسية يريد مادورو، أن يظهر داخلياً وخارجياً أنه على الرغم من العقوبات الأمريكية فإن فنزويلا ما زالت تستطيع العثور على حلفاء ويمكنهم مساعدتها فى التغلب على مشكلاتها الاقتصادية وعزلتها الدولية”.
أضاف “حقيقة أن أحد أعضاء مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، على استعداد لتوقيع صفقات بعدة مليارات من الاتفاقات هو دليل قوى على الدعم حتى لو لم يتم الوفاء بهذه الاتفاقات نهائياً”.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يحاول فيه مادورو، حماية نظامه من خلال توقيع صفقات مع حلفاء أقوياء مثل روسيا.
وعندما سئل المتحدث باسم بوتين، دميترى بيسكوف، يوم الجمعة الماضى عما إذا كانت روسيا قد وافقت على تقديم المزيد من المساعدات المالية لفنزويلا، أجاب “ليس لدى ما أضيفه إلى ما قيل ولكن تمت مناقشة مجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائى ولا شك أن روسيا ستواصل دعم فنزويلا بنفس الدرجة أو بأخرى”.
ومنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، فى عام 2014 والعقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، سعت موسكو إلى تعويض العلاقات المتوترة فى الغرب بعلاقات أكثر دفئاً فى أماكن أخرى.
ويعكس دعم موسكو لكاراكاس، الذى آثار غضب واشنطن علاقات ودية مماثلة مع إيران التى تخضع أيضًا للعقوبات الأمريكية والصين التى عانت علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة.
وفى اجتماع تم الترتيب له سريعاً بين وزراء دفاع البلاد فى أعقاب المحادثات بين مادورو، وبوتين، وافقت روسيا على أن تواصل قواتها الجوية والبحرية استخدام موانئ ومطارات فنزويلا.
لكن فى حين استخدم وزير دفاع فنزويلا مؤتمر صحفى لاقتراح أن روسيا يمكن أن تساعد بلاده الواقعة فى أمريكا الجنوبية لتحديث معداتها العسكرية، فقد ركز نظيره الروسى على “تبادل الوفود” والمشاريع التعليمية المشتركة.
وفى نوفمبر الماضى وافقت موسكو على إعادة هيكلة ديون مستحقة على كاراكاس قيمتها 3.15 مليار دولار بعد أيام من إعلان وكالات التصنيف الدولية عن تخلف الدولة عن الوفاء بالتزامات قيمتها 60 مليار دولار.
وتحرص روسيا على مواصلة استغلال احتياطيات البترول الهائلة فى فنزويلا ـ أكبر احتياطيات فى العالم ـ وترى أن البلاد تعتبر موطئ قدم جيوسياسى فى الأمريكتين وسوف تكون حليفتها ضد واشنطن.