اتحاد الصناعات المصرية صدر قانون إنشائه برقم ٤٥٢ لسنة ١٩٥٨، والغرف الصناعية برقم ٤٥٣ لسنة ١٩٥٨، وصدر القرار الوزاري باللائحة المشتركة للغرف الصناعية برقم ٥١٤ لسنة ١٩٥٨، وقانون تنظيم الصناعات صدر برقم ٢١ لسنة ١٩٥٨.
عام ١٩٥٨ صدرت فيه هذه القوانين والقرارات، أي مضي عليها الآن ٦٠ سنة، لقد تغيرت فيها الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وأيضاً السياسية، بل التغيير شمل كل الحياة بجوانبها علي اختلافها، فكان لابد وأن يعاد النظر في هذه التشريعات، التي أصبحت لا تتلاءم مع متطلبات العصر الحالي، بعد أن تعدي تعداد السكان اضعاف ما كان عليه عند صدورها في ١٩٥٨م.
إن الحالة التي كان عليها الاتحاد والغرف كانت مؤسفة، بل ودورها مفقود والبعض فيها منقوص، ويعرف ذلك جيداً أعضاء مجالس الإدارات الحالية من نسبة حضور الجمعيات العمومية لإجراء الانتخابات كل ثلاث سنوات، كان الغيابب وعدم الاهتمام هما العنصران المسيطران علي العملية الانتخابية بكاملها، إن أعداد جمعيات الغرف الصناعية الحاضرة تعد بالعشرات، ولا تزيد في بعضها على بعض المئات، في حين أن عدد أعضاء كل غرفة يعد بالآلاف، وعلي سبيل المثال، وحسب ما عاصرته في غرفة صناعات الطباعة أن عدد الحاضرين للجمعية العمومية عند الانتخابات في معظمها أقل من ١٥٠ عضواً، في حين أن عدد المطابع في مصر يزيد عن عشرة آلاف مطبعة، وهناك غرف أخري كان عدد الأعضاء الحاضرين في أحد الانتخابات لا يزيد عن ٧٠ عضواً، رغم وجود الآلاف الأعضاء.
لذلك كان لأهمية التعديل الجاري حالياً يجب دراسته قبل الموافقة عليه من مجلس النواب، لتلبية متطلبات المرحلة التي تعيشها الصناعة حالياً، بعد أن تعددت وتشعبت وزادت مشاكلها.
إن ما قرأناه عن المشروع من مواد بالقانون الجديد للاتحاد والغرف الصناعية، مازال يحتاج لحوار مجتمعي وبالذات داخل الغرف الصناعية لسد الثغرات الموجودة حتي تؤتي ثمارها في الحياة العامة، مازالت هناك من المواد يشوبها القصور، بداية من شروط العضوية في الغرف الصناعية، وهي القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد، فهي تحتاج لشروط في القانون واللائحة أساسية من حيث الأوراق التي تثبت أن المنشأة صناعية من عدمه، لأن هناك دخلاء علي العضوية في بعض الغرف، تمت بأسلوب المجاملات دون مراعاة شروط العضوية الصحيحة، للتحقق من موجود منشأة صناعية، لها ترخيص رسمي من الجهات المعنية، هذا التداخل يؤثر علي اداء الغرف، وعشوئية قراراتها، بل يمتد تأثير هذه المخالفات إلي العملية الانتخابية للغرف، وينسحب ذلك علي أداء الاتحاد أيضاً، لذلك يجب أن تشمل التعديلات تواجد لجنة بداخل الاتحاد مستديمة لمراجعة العضوية القديمة والجديدة، حتي يكون هناك بداية لتطبيق القانون الجديد علي أساس سليم، كما يجب أن يراعي في انتخابات الغرف والاتحاد أن تكون شاملة الرئيس والأعضاء، وأن يقتصر دور الجهات الحكومية التي لها صلة وتخدم الصناعة أو أحد فروعها ممثلون فقط في المجالس كمستشارين فيما يعرض من موضوعات لها صفة المصلحة العامة، حتي تعترف المنظمات الدولية بالاتحاد والغرف طالما تم تشكيلها بالانتخابات بحرية دون تدخل حكومية، حتي لا تفقد بذلك مزايا كثيرة، سواء في توفير التمويل الأجنبي، أو الاقتراض من قبل منظمات التمويل الدولية للأعضاء في الغرف الصناعية، وهذا استثمار في حد ذاته غير ظاهر للقائمين علي إعداد التشريع الجديد.
– فهذا من الضروري بالنسبة للاتحاد، وانتخاب رئيس المجلس والوكلاء، فهذا من الظروريات الدولية، علي أن يكون لوزارات معينة تمثيل داخل المجلس، ليس لهم حق التصويت، كمستشارين من وزارة الاستثمار والصناعة والتموين وقطاع الأعمال والتخطيط والعمل، ووزارة المالية ممثلين من الضرائب والجمارك للحرص علي فاعلية المجلس في اتخاذ القرارات السليمة، لما فيه صالح الصناعة المصرية في عهدها الجديد، وتلافي عيوب التعيين، الذي يصيب أحياناً العمل داخل هذه المنظمات بالجمود، إذا صادف أن يكون رئيس الاتحاد ليس بالمستوي أو بالنشاط المطلوب، وحول دولاب العمل بالاتحاد إلي مصلحة حكومية غائبة عما يدور حولها من نشاط ومتطلبات التطور والتقدم.
– كما يجب أن يكون هناك اهتمام بتشكيل مجالس إدارات الغرف مراعاة تواجد وتمثيل كل الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغير، رغم أن عددها أكبر ما يؤثر في الانتخابات، وحرمان المصانع الكبيرة من التمثيل لسيطرة أعداد المنشآت المتوسطة والصغيرة، ما يحرم هذه الفئة من المشاركة في عمل الغرف والاتحاد رغم خبرتها، بجانب أن كل غرفة تضم في تخصصاتها شعبا نوعية فرعية، مما يلزم مراعاة ذلك عند تحديد وتوزيع العضوية داخل مجلس الإدارة، ويجب أن تكون تحت إشراف جهة محايدة داخل الاتحاد حتي لا تطغي فئة علي الأخري، رغم قلة عددها.
فالبنية التحتية للغرف هامة ومهمة في مرحلة إعادة البناء، ومراجعة شئون العضوية بجدية وحيدة من خلال لجنة الاتحاد، مع مراعاة التقسيمات الضرورية داخل كل غرفة.
لابد من تنشيط دور الغرف بعد أن اقتصر دورها علي تحصيل الاشتراكات وزيادتها بدون مبرر لتغطية مصروفاتها غير العادية في غياب قوانين العمل التي كان يجب أن يضع الاتحاد قواعد لها، لتطبق علي جميع العاملين بالغرف بدلاً من ترك كل غرفة تضع لموظفيها لوائح وتقديرات خاصة، وأحياناً مبالغ فيها.
ومن عيوب النظام الحالي هو انتخاب ممثلي الغرف داخل مجلس الاتحاد بمشاركة ممثلي الغرف الصناعية، ما يجعل فقدان الصلة بين الغرفة والاتحاد قاصرة علي مندوبها، الذي ربما لم يتم اختياره من مجلس إدارة الغرفة، بل اختارته الجمعية العمومية للاتحاد من ممثلي الغرف الصناعية الأخري بعيداً عن رغبة أعضاء مجلس إدارة الغرفة، فالنظام المعموم به حالياً غير صالح وثبت فشله، ولم يقدم أي فائدة مباشرة لأي صناعة بل أوجد كثيراً من الخلافات، وأفقد مجلس الاتحاد فاعليته.
أن الوضع الحالي التنفيذي الذي عليه الغرف الصناعية معيب، ويحتاج لإصلاح شامل، بداية من قيد العضوية وشروطها، وتحديد الرسوم بأسلوب عادل يتمشي مع حجم رأس مال المنشأة، والتدخل بالجزاء أو مضاعفة الرسوم في حالة عدم حضور الانتخابات، كما هو الحال في الأندية الرياضية، لديها جزاءات تنص عليها اللوائح في الغياب عند حضور الجمعيات. علي أن ينشأ بالاتحاد إدارة لمراجعة شئون العضوية، وللتحقق من استيفاء الشروط القانونية، وأن توحد المعاملات المالية للعاملين داخل الغرفة والاتحاد.
ومن الأمور الهامة التي يجب أن تؤخذ في الحسبان أنه يجب أن تراعي في التعديلات الجديدة، سواء أكانت في القانون أو اللائحة، إيجاد علاقة مع المجالس التصديرية، وإيجاد نوع من الترابط والتنسيق بين الإنتاج والتصدير في سبيل تحقيق خطة الدولة، وأن يعالج القانون أيضاً مزاحمة القطاع الحكومي ممثلاً في الوزارات وأجهزة الحكم المحلي في منافسة القطاع الخاص، كما يحدث في قطاع الطباعة وغيرها من الصناعات، التي مازالت تعاني من عيوب المنافسة غير المتكافئة بين من يملك ومن لا يملك في الحكومة، بما له من آثار سلبية علي أموال الدولة.
ففي غرفة الطباعة مثلا صدر قرار رئيس الحكومات الدكتور/ عاطف عبيد، رقم ١٣٤ لسنة ٢٠٠١ بحظر إنشاء مطابع داخل دواوين الحكومة والوزارات إلا بموافقة مجلس الوزراء، ومع هذا فقد أهمل القرار، ومازال هناك فوضي في استثمارات حكومية كبيرة في نشاط الطباعة أمام عجز القطاع الخاص عن منافستها، فالاستثمارات في القطاع الحكومي بالمليارات بين الوزارات ووحدات الحكم المحلي.
– من ايجابيات المشروع زيادة فترة العضوية في مجلس الإدارة إلي أربع سنوات بدلاً من ثلاث سنوات، وللعضو التمتع بفترتين فقط، وهذه ميزة للدفع بالشباب للعمل العام.
محاسب/ أحمد عاطف عبدالرحمن
رئيس غرفة الطباعة الأسبق