تحتضن مراكز الابتكار اليوم فكرة أن مستويات الهجرة المرتفعة لا يمكن تحملها فى المجتمعات المحلية فعندما تتمتع المدن أو المناطق بالفوائد المباشرة للهجرة، فإنها تصبح أكثر تسامحاً.
وتكمن المشكلة فى أن العديد ممن همشوا خارج المجموعات الديناميكية أصبحوا يربطون استبعادهم وعزلهم على الأقل جزئياً بوجود المهاجرين الذين يرونهم فى أحيائهم.
وفى حين يبدو أن المهاجرين من جميع أنحاء العالم مزدهرون فى المدن التى باتت مراكز جديدة للازدهار العالمى يوجد فى المقابل مدن لا يستطيع عدد متزايد من الناس فيها بسبب تدهورها الاقتصادى العثور على وظائف أو الحفاظ على مستوى معيشى لائق، وقد أوجدت مثل هذه الفوارق الإقليمية الواضحة أرضاً خصبة للسياسيين الذين يسعون إلى تعبئة الساخطين.
وإذا نجح صانعو السياسة الوطنيون فى الحدّ من تدفق المهاجرين، فإن مدناً مثل لندن ونيويورك ستخسر الكثير وقد يكون للانقطاع الشديد عن الهجرة تأثيرات سلبية غير مباشرة بالنظر إلى أن تجمعات الابتكار الإقليمية تميل إلى دفع نسبة أعلى من نمو الناتج المحلى الإجمالى للدول المتواجدة فيها.
ومع ذلك، فإن فوائد هذا النمو لا يتم الشعور بها فى جميع أنحاء الاقتصاد، مما يعنى أن التحدى الذى يواجهه صانعو السياسة هو ضمان عدالة توزيع العائدات.
ويشير تقرير موقع “بروجيكت سنديكيت” إلى أنه يتقاسم فوائد الهجرة على نطاق أوسع، فإن البؤرة السياسية للهجرة سوف تبدأ فى الضعف، مما يقلل من مخاطر السياسات المقيدة للنمو.
وفى الوقت الذى تتأزم فيه الأمور، من غير المرجح أن يقتنع أحد العمال فى ولاية ويسكونسن بحجج مجردة حول فضائل الهجرة أو فوائد العيش التى يتمتع بها أهالى ولاية كاليفورنيا مثلاً.
وبالنسبة لمثل هؤلاء العمال، فإن الوضع الطبيعى الجديد يؤدى إلى ركود الدخل وندرة الفرص بشكل متزايد مع عدم المساواة فى الثروة وكلها عوامل سلبية تضاعفت نتيجة للأزمة المالية عام 2008.
الخطوة الأولى فى التصدي لمشاعر العداء للمهاجرين هى الاعتراف بأن المهاجرين ليسوا بالضرورة دائماً مصدر فائدة لجميع المجموعات السكانية فكما هو الحال مع تحرير التجارة والإصلاحات السياسية الأخرى، فإن الفوائد الإجمالية التى قد تنتج لا تعنى أن الجميع يستفيد وستكون هناك دائماً مجموعات أو مناطق معينة بحاجة إلى الحماية أو التعويض.
ولا يمكن طرد المهاجرين أو إغلاق الحدود أمامهم لإرضاء فئة لم تستفد من ارتفاع مستويات الدخل والنمو الإجمالى، لأنه وببساطة لن يقدم العمال ذوى المهارات المنخفضة المولودين فى الولايات المتحدة ما يقدمه المهاجرون الماهرون.