الجولة المقبلة لخفض الدعم ترفع التضخم 3.5% وتؤجل خفض الفائدة إلى آخر العام المقبل
مصر تجاوزت أسوأ مراحل خروج الأجانب.. وإيرادات السياحة وتباطؤ نمو الواردات يخففان الضغط على الجنيه
الفائض الأولى سيكون أفضل من المتوقع لكن خدمة الدين تشكل عبئاً
السوق المصرى يوفر أفضل فرص نمو فى أرباح الشركات بالشرق الأوسط بمعدل يزيد على 20.6%
توقع بنك الاستثمار (بلتون)، تنفيذ الجولة الرابعة لخفض دعم الوقود فى الربع الأول من عام 2019، ولكن بنسبة أقل من الجولة السابقة (بمتوسط 20.6%) مع احتمالية فرض الآلية الجديدة لربط أسعار المنتجات البترولية بالأسعار العالمية على نوع واحد من المنتجات كمرحلة مبدئية.
وقال البنك، فى تقريره السنوى عن الاقتصاد المصرى، إنَّ هذا القرار سيؤدى لارتفاع يتراوح بين 2.5% و3.5% فى التضخم العام، لذلك، لا يتوقع أى خفض لأسعار الفائدة قبل الربع الرابع لعام 2019، وقدر التقرير الخفض المتوقع للفائدة آنذاك بنحو 1%.
وأضاف أنه رغم أن ذلك سيؤثر على تحسن الإنفاق الخاص، لكن الإنفاق على الاستثمار فى المشروعات الضخمة سيستمر فى دعم نمو الناتج المحلى الإجمالى ليصل إلى 5.5% فى العام المالى الحالى، وتوقعت «بلتون»، أن يسجل التضخم العام متوسط 17.8% فى العام المالى الحالى.
وقالت، فى تقريرها، إنَّ التضخم بالكاد سيتوافق مع مستهدفات البنك المركزى عند متوسط 16.4%، خلال الربع الرابع من 2018، خاصة فى ظل غياب أثر سنة الأساس، لكن تراجع التضخم الأساسى لأقل من 10% يعنى أن الضغوط الضمنية بدأت فى التلاشى.
وتوقعت أن يكون الإنفاق أقل من مستوى ذروته التاريخية عند 7.6% فى العام المالى 2008، رغم أن الأسوأ فيما يخص زيادة الأسعار قد مر، لكن بطء تراجع معدلات التضخم وتأجيل دورة التيسير النقدى سيضغطان على معدلات الانفاق الخاص، متوقعة أن يرتفع بمعدلات 2% و2.7% على الترتيب خلال العامين الحالى والمقبل، على أن يتعافى عام 2022- 2023، وينمو بمعدل 4.9%.
كما توقعت استقرار سعر صرف الجنيه فى العام المالى الحالى؛ حيث تبدو الضغوط منخفضة مع التدفقات النقدية الأجنبية القوية وصافى الأصول الأجنبية الكافية لدى البنك المركزى، مع استمرار الإيرادات القوية للسياحة والتحسن الميزان البترولى.
وقالت إن جانب الخدمات فى ميزان المدفوعات يواصل تفوقه فى العام المالى الحالى، مع زيادة إيرادات السياحة إلى 11.1 مليار دولار، هذا إلى جانب تحسن الميزان النفطى؛ نظراً إلى توقف واردات الغاز الطبيعى بدءاً من يناير 2019، ما سيدعم استمرار انخفاض عجز الحساب الجارى.
على الجانب الآخر، تتوقع «بلتون»، أن يدعم إلغاء آلية تحويل أرباح المستثمرين إلى الخارج تدفقات النقد الأجنبى للإنتربنك، وأن يقلل وتيرة الاستنفاد السريع لصافى الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفى، وهو ما يجعل انخفاض صافى هذه الأصول غير مثير للقلق؛ نظراً إلى أن صافى الأصول الأجنبية لدى المركزى لا يزال عند مستوى مرتفع يبلغ 16 مليار دولا، كما أن احتياطيات النقد الأجنبى تسجل مستوى كافياً يغطى الواردات بنحو 8 أشهر.
وتوقعت أن يخفف انخفاض فاتورة الواردات أى ضغوط على العملة المحلية، أما عن سعر الصرف، فتوقعت أن يسجل متوسط 17.9 جنيه، مقابل الدولار فى العام المالى الحالى.
على مستوى الموازنة العامة للدولة توقعت «بلتون»، أن يقود الإصلاح الاقتصادى تسجيل فائض أساسى أفضل من المقرر فى الموازنة العامة (2.4% من الناتج المحلى الإجمالى)، لكنَّ العائدات المرتفعة لأذون الخزانة ستستمر فى التأثير على أهداف عجز الموازنة العمومية.
وتوقعت أن تحافظ الإيرادات الضريبية على نفس وتيرة النمو بنحو 34% على أساس سنوى، وأن تسجل 758 مليار جنيه فى العام المالى 2018-2019.
فى الوقت نفسه، ستوفر مدخرات فاتورة دعم الوقود المقرر أن تبلغ 32 مليار جنيه تمويلاً كافياً للإنفاق الاجتماعى والاستثمارى، ما سيحسن الفائض الأساسى بالموازنة العامة نسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى، ليرتفع عن الفائض المقرر فى الموازنة العامة عند 2%.
ومع ذلك ترى «بلتون»، أن ارتفاع فاتورة خدمة الدين المقرر أن تبلغ 631 مليار جنيه فى العام المالى الحالى تشكّل عبئاً؛ نظراً إلى ارتفاعه بنحو 193 مليار جنيه عن العام الماضى، وعن المبلغ المقرر فى الموازنة العامة عند 541 مليار جنيه؛ نتيجة ارتفاع عائدات أذون الخزانة، والذى سيظل أعلى من 19%، ما سيؤثر على هدف خفض عجز الميزانية بشكل عام.
وتوقعت أن يواصل الدين الخارجى ارتفاعه ليصل إلى 107 مليارات دولار، بنهاية العام المالى الحالى، مقارنة بـ92 مليار دولار العام المالى السابق، لتمويل الفجوة التمويلية المتوقع أن تبلغ 11.3 مليار دولار العام المالى الحالى.
ورصدت حصول مصر على قروض ومنح بقيمة 19.47 مليار دولار من 12 مؤسسة خلال 2018.
وقالت إن خفض أسعار الفائدة والطروحات الحكومية وإعادة موازنة المؤشرات بمثابة محفزات رئيسية لتحسن قيم التداول فى 2019.
وأضافت أن السوق المصرى يوفر أفضل فرص نمو فى أرباح الشركات فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل يزيد على 20.6% فى 2019، مقابل متوسط الشركات فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند 9.0%، بالإضافة إلى التقييمات المجزية، التى تنخفض بنسبة 40.4% مقابل شمال أفريقيا -15.7% والدول الخليجية -24.2% والأسواق المبتدئة و-35.3%، جميعها على أساس مضاعف الربحية المتوقع فى 12 شهراً، ما يجعل احتمالات النمو قوية فى مصر فى 2019.
وقالت إن تحقق أىُ من هذه المحفزات، وهو خفض أسعار الفائدة والطروحات الحكومية أمر رئيسى لتحسن قيم التداول، وأوصت بالاستثمار خلال هذه الفترة فى أسهم شركات ابن سينا فارما، والتشخيص المتكاملة، وغبور أوتو، والقاهرة للاستثمار والتنمية، والشرقية للدخان، وعبورلاند، والسويدى إليكتريك، وأوراسكوم للتنمية، ومجموعة طلعت مصطفى.
وقالت إن مشاريع الحكومة استمرت هى المحرك الأساسى للنمو، خلال العام المالى الحالى، فى حين أن الاستثمار الأجنبى المباشر لم يستطع أن يزاحم المشاريع الحكومية، واستمر توسعه الأكبر فى قطاع الغاز والبترول، وتراجع صافى الاستثمارات المباشرة إلى 7.6 مليار دولار، خلال العام المالى، رغم تقدم مصر 8 مراكز فى مؤشر سهولة أداء الأعمال.
وأشارت إلى أن قطاع الغاز والبترول شهد استثمارات بقيمة 28 مليار دولار، خلال الأعوام الأربعة الماضية، تشمل 65 اتفاقية تنقيب غاز وبترول تم إبرامها باستثمارات 15 مليار دولار فى النطاق الزمنى بين يونيو 2014 وسبتمبر 2018، و28 مشروعاً باستثمارات 12.8 مليار دولار.
وقالت إن هناك 16 مشروعاً مخططاً أن يتم تنفيذها بين 2019 و2022 باستثمارات 25 مليار دولار.
أوضحت أن ذلك قد يبدو ضمن اتجاه عالمى أكبر، كانت فيه الديون الحكومية فرصة استثمارية أكبر، كما أن الاستثمارات الأجنبية على مستوى القارة كانت مُتركزة فى قطاع التصنيع والبنية التحتية وتوليد الطاقة، وهو ما أضعف فرصة مصر المتجهة بقوة لاستثمارات الطاقة خلال العامين الماضيين، فى حين أن القطاع الصناعى لا يلقى الاهتمام نفسه فيها.
وقالت «بلتون»، إنَّ التنفيذ العملى للإصلاحات المتعلقة بالتراخيص الصناعية وتخصيص الأراضى لم تُختبر، وإن الوضوح بشأن الاصلاحات المقبلة سيكون أفضل لتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.
أشارت إلى أن النماذج الجديدة لاتفاقيات الغاز والبترول ستسهم فى زيادة جاذبية القطاع للمستثمرين الأجانب؛ حيث إنها تقضى بتحمل الشركات تكلفة الاستكشاف والإنتاج مقابل حصة فى الإنتاج.
أضافت أن الإنفاق الرأسمالى المرتفع عقب التعويم والبيئة التضخمية وارتفاع تكلف التمويل تمنع أى قرار للاستثمار المحلى، مشيرة إلى أن نشاط الأعمال يسير ببطء، ويتوجه معظم التمويل نحو رأس المال العامل لحين بدء التيسير النقدى فى 2020.
وقالت «بلتون»، إنَّ المشاريع الحكومية كثيفة العمالة أسهمت فى خفض معدلات البطالة بعد التركيز على مشروعات الطاقة والبنية التحتية، وأدى لاستعادة التوازن فى نمو القطاعات عبر اتصالها بالعديد من القطاعات الفرعية.
وتوقعت انخفاض عجز الميزان الجارى إلى 4.2 مليار دولار، خلال العام المالى الحالى، بدعم من ميزان الخدمات، وتعافى إيرادات السياحة، كما أن ارتفاع أسعار البترول، وتنامى حجم التجارة، سيعززان إيرادات قناة السويس، وتبقى التحويلات الخاصة مصدراً محورياً للنقد الأجنبى.
أضافت أن تحسن الميزان البترولى، وتحجيم نمو العجز التجارى، يعطيان دفعة أخرى لعجز الحساب الجارى، بجانب تقديراتها لارتفاع صادرات السلع إلى 30 مليار دولار.
لكنها ذكرت أن ضعف إنتاج القطاع الصناعى سيضغط على الصادرات غير البترولية، خلال العامين المقبلين. وفى الوقت نفسه، توقعت تباطؤ نمو الواردات عن متوسط المعدلات التاريخية إلى نحو 8.2% خلال العامين المقبلين، وهو ما يخفف الضغوط عن الميزان التجارى.
وتوقعت أن يتراجع عجز الميزان البترولى إلى 1.8 مليار دولار، خلال العام المالى الحالى، مقابل 3.7 مليار دولار خلال العام المالى السابق، قبل أن يتحول لفائض خلال العام المالى 2021.
وذكرت أن الرفع المتوالى للتصنيف الائتمانى والرؤية المستقبلية إلى إيجابية بدلاً من مستقرة يضمن استدامة ثقة المستثمرين، ويرفع فائض ميزان المدفوعات.
ورغم توقعاتها باستقرار سعر الصرف على المدى القصير، فإنها ذكرت أنها ليست كذلك على المديين المتوسط والطويل، متوقعة أن يشهد انخفاضاً طفيفاً، بداية من العام المالى 2021، على أن يمارس عودة الاستهلاك ضغوطاً هابطة إضافية على العملة المحلية بالتزامن مع بدء دورة سداد الديون ليصل إلى 18 جنيهاً للدولار.
وذكرت أن حرص «المركزى» على الاحتفاظ بالاحتياطى الأجنبى فوق مستوى تغطية 6 أشهر يجعل أى تدخل محتمل فرصه محدودة.
وقالت إن التوحيد المالى مستمر رغم التحديات التى يجرى تحجيمها، فإنَّ فاتورة الدعم المعادة هيكلتها تعطى مساحة للحكومة فى الإنفاق الاجتماعى والاستثمارى.
وقالت إن هناك احتمالية لاختبار آلية تسعير الوقود وآثارها التضخمية على واحد من المنتجات، وتشير حسابات «بلتون» إلى زيادة أسعار أسطوانات الغاز 15% مقابل 67% فى يونيو الماضى؛ حيث إن إصلاحات دعم الوقود تشمل إبقاء الدعم بنسب صغيرة على الديزل وأسطوانات الغاز فى ظل تأثيرها بشكل مباشر على دخل فئات من الشعب.
وفى الوقت نفسه، تسعى الحكومة لخفض الطلب على أسطوانات البوتاجاز التى تستحوذ على 47.5% من إجمالى الدعم للمحروقات، عبر التوسع فى توصيل الغاز الطبيعى للمنازل للاستفادة من زيادة الإنتاج المحلى.
وتوقعت أن تكون فاتورة الدعم بعد إجراء الجولة المتوقعة لرفع الأسعار عند 102 مليار جنيه، فى ظل توقعاتها للبرميل عند 69 دولاراً، وسعر الصرف عند 17.93 جنيه، مقابل 67 دولاراً للبرميل، و16.5 دولار فى الموازنة العامة للدولة. لكنها أوضحت أن ارتفاع فاتورة الدعم عن المتوقع غير مقلق فى ظل تراجعه كنسبة إلى إجمالى الإنفاق، متوقعة أن يستقر عند 6.8%، خلال العام المالى الحالى، مقابل 20% قبل الإصلاحات.
وتوقعت خفض أسعار الكهرباء بوتيرة أقل حدة فى حدود 20% لكن فى توقيتها الطبيعى مع بداية العام المالى المقبل، بدعم من ارتفاع انتاج الغاز الذى أدى لخفض تكلفة توليد الكهرباء.
وقالت إن الإنفاق العام سيكون محكوماً بارتفاع الفائدة على الأذون التى توقعت أن تستقر عند 19.44% فى ظل ضخ البنوك المحلية سيولة إضافية لتعويض خروج الأجانب؛ حيث يمتلكون 70% من أذون الخزانة القائمة.
وتوقعت ارتفاع تلك النسبة حال تم إدخال التعديلات الضريبية على أدوات الدين الحكومى حيز التنفيذ خلال الربع الأول من العام، مضيفة أن الإنفاق العام سيتخطى 1.49 تريليون جنيه على أثر تلك المتغيرات.
وقالت إن الحكومة تسعى لزيادة إيراداتها الضريبية عبر قرار الدولار الجمركى، وتتوقع حصيلة تتراوح بين 2 و2.5 مليار جنيه، بجانب دراستها لزيادة ضريبة عبر قرارات أخرى.