سمير العلايلى رئيس الجمعية المصرية لملائكة الأعمال:
قانون الشركات يخاطب الكيانات الكبيرة و%85 من الاقتصاد فى المشروعات الصغيرة
نناقش البورصة المصرية استخدام «نايلكس» كآلية لتخارج ملائكة الأعمال
نستهدف وضع إطار يتحدث باسم مستثمرى النمو ورأسمال المخاطر
التمويل الجماعى منتشر فى العالم كله ويحقق نجاحات كبيرة ونأمل تنظيمه محلياً
يجب مراجعة التشريعات وأغلب الشركات الناشئة تؤسس فى مناطق النعيم الضريبى
قد يشهد عام 2019 طرح شركات عملاقة جديدة فى سوق المال على رأسها «أوبر العالمية»، فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تغيير إدارة الشركة العام الماضي، فى ظل صعوبة تخارج المستثمرين منها رغم مرور نحو 10 سنوات على تأسيس الشركة، لتؤكد الصعوبة التى يواجهها ملائكة الأعمال ومستثمرى رأس المال المخاطر فى عملية التخارج.
حاورت «البورصة»، المهندس سمير العلايلى رئيس شركة «انفستيا كابيتال»، ومؤسس الجمعية المصرية لملائكة الأعمال EAIA، والتى انطلقت أعمالها فى أكتوبر الماضى من خلال مشاركة نحو 25 مستثمراً.
«ملائكة الأعمال يستثمرون أموالهم الخاصة فى الشركات الناشئة والمبتدئة ويقدمون خبراتهم المالية أكثر من المساعدة بالأموال للوصول لنمط أعمال الشركة فضلاً عن علاقاتهم فى مجتمع الأعمال، وهو ما يجعل خليط الاستثمار (استثماراً ذكياً)، يجب أن ترعاه الدولة فى ظل دوره كحلقة وصل بين مراحل مهمة لنمو الشركات خاصة فى مرحلة البداية» وفقاً للعلايلى والذى أشار إلى وصول العوائد المركبة من اﻻستثمار فى شركات ريادة الأعمال إلى 15.6 مرة خلال آخر 7 سنوات.
عن أسباب تأسيس الجمعية أوضح العلايلى أن جمعية ملائكة الأعمال المصرية أول جمعية فى مصر، هدفها دعم ورعاية المستثمرين بقطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وزيادة الوعى بأهمية التوسع فى الاستثمار فى هذا القطاع وزيادة مشاركته فى دفع عجلة الاقتصاد القومي، وذلك على غرار الجمعيات المنشأة لرعاية المستثمرين فى العالم مثل جمعية «UKBAA» والتى ترعى المستثمرين فى المملكة المتحدة.
وأشار إلى وجود نوعين من تجمعات ملائكة الأعمال أحدها نوادى الأعمال، وموجود حالياً فى مصر، ويهدف إلى إيجاد فرص استثمارية للمستثمرين، بما يتناسب مع طبيعة ورغبة المستثمرين ويكون عبر اشتراكات شهرية وتكون الفرص التى يتم عرضها منتقاة ومدروسة ومراجعة، كما يشترط لاستمرار العضوية أن يتم الاستثمار من خلال الأعضاء فى فرصة أو اثنين من الفرص التى يتم عرضها عليهم سنوياً.
فيما يعد النوع الثانى لتكتلات ملائكة الأعمال من خلال الجمعيات، وتهدف بالأساس إلى تعليم ملائكة الأعمال الجدد وزيادة أعدادهم، واستبيان دور وأهمية ملائكة الأعمال بالسوق المصري.
والهدف الثانى للجمعية تواجدها ككيان يعبر عن رغبات أعضائها خاصةً فيما يتعلق بالتعديلات التشريعية المطلوبة والمستحدثة لتلائم هذه النوعية من الاستثمار وطبيعة فئة الأصول كملائكة أعمال عن غيرها من المساهمات والاستثمارات الأخرى لتنمية قاعدة عريضة من المشروعات والشركات تصب فى صالح الاقتصاد المصرى بالنهاية.
وطالب بضرورة وجود جلسات استماع فى مجلس الشعب لملائكة الأعمال.
ويكمن الهدف الثالث كملتقى للمستثمرين والشركات التى ترغب فى الحصول على تمويل عبر هذه الفئة من الأصول دون الاشتراط على أعضاء الجمعية بضرورة الاستثمار.
وضرب المثل بالزراعة والتى تمثل نحو 17% من الناتج المحلى الإجمالي، وهناك عدد من التجارب لشركات ناشئة فى مجال الوقود الحيوى ويجب عرض مشاكل هذه الشركات وحجم التمويل المرغوب فيه على ملائكة الأعمال.
وأشار إلى أن إنجلترا بها جمعية لملائكة الأعمال والتى تضم نحو 18 ألف عضو من أفراد وشركات، وفى الولايات المتحدة نحو 300 ألف مستثمر ضمن «ملائكة الأعمال»، وحجم استثماراتهم سنوياً فى العالم 25 مليار دولار.
وأوضح العلايلى الفرق بين «رأس المال المخاطر» Venture capital، وبين Angel investors، حيث يقوم النوع الأول بإدارة أموال الغير، فيما يقوم ملائكة الأعمال بإدارة أموالهم بأنفسهم فى فئة الأصول التى يستثمرون بها، إلا أن كلاهما يستثمر فى المرحلة نفسها فى عمر الشركات من مرحلة النمو حتى الوصول إلى مرحلة دخول صناديق الاستثمار المباشر.
ويصل العائد على الاستثمار فى 7 سنوات، إلى 17 ضعف قيمة الأموال المستثمرة، والذى يعوض حالات الفشل الكبيرة فى هذه المرحلة من نمو الشركات، خاصةً أن نحو 80% من الفرص التى يتم الاستثمار بها لا تكمل.
وأوضح أن عمليات التوعية بالنسبة لرواد الأعمال وملائكة الأعمال من خلال الجمعية تركز فى الأساس على توحيد لغة التواصل، بين الطرفين، فى ظل تركيز رواد الأعمال على المستقبل وتركيز ملائكة الأعمال على المخاطر وهو ما يجعل فرص توفيق التمويل محدودة.
ويرى العلايلى أن أبرز الأمور التى تواجه هذه الصناعة فى مصر، ترتبط بصعوبة التخارج، بالمقارنة بدول أخرى، وهناك حالات تجاوز عمر الاستثمار بها 11 سنة ورغم ربحيتها إلا ان هناك صعوبة فى التخارج منها.
وقال العلايلى إنه تم التواصل مع البورصة المصرية لتنشيط بورصة النيل كسوق تخارج لمستثمرى ملائكة الأعمال ما يشجع على زيادة أعدادهم وتوفير بدائل تمويلية أكثر ملائمة للشركات فى مراحل النمو الأولى لها.
وأوضح العلايلى أن أحد المطالبات التى تهدف الجمعية إلى تنشيطها هى التمويل الجماعى crowed funding، والذى يواجه مشاكل قانونية متعلقة بتجريم توظيف الأموال.
واقترح استخدام الموقع الإلكترونى لـ»بورصة النيل» لتكون هى منصة التداول، معتبرها متكاملة الأركان، حيث تشترط قواعد القيد وجود راعى قيد، والذى يكمن دوره بعمل فحص نافى للجهالة سواء المالى أو القانونى للشركات وبناء توقعات لأعمال الشركة لمدة 5 سنوات، وهو ما يبعث رسالة طمأنة للمستثمر بوجود مراجعة للمعلومات تؤكد أنها آمنة، فضلاً عن تواجد سماسرة لتنفيذ العمليات والتى تقوم بدورها بالتعرف على السياسات الخاصة بالعملاء ومصادر الأموال التى يتم استثمارها وبالتالى التعرف على العملاء ذوى الملاءة المالية العالية.
ويتضمن نموذج التعرف على العملاء على حجم المخاطرة التى يمكن لذوى الملاءة المالية العالية تحملها، كما أن المنصة الشبيه ببورصة النيل ستكون خاضعة للجهات الرقابية وبالتالى فإن الشركات التى ستمول عبر التمويل الجماعى يمكن أن تنجح أو تفشل وفى حال نجاحها يمكنها الوصول لبورصة النيل.
كما تطرق العلايلي، إلى آلية تنشيط بورصة النيل لزيادة السيولة بها ما يمكن من وجود بورصة فاعلة.
وعن نوادى الأعمال العاملة فى مصر حالياً، أوضح أن، «كايرو انجيلز»، وملائكة أعمال الإسكندرية نحو 70 إلى 100 مستثمر مسجلين، إلا أن هناك عدداً كبيراً يعمل بنفس ثقافة ملائكة الأعمال إلا أنهم غير مسجلين.
وتسعى الجمعية إلى عقد دورات لتعريف المستثمرين ذوى الملاءة المالية بكيفية الوصول إلى ملائكة أعمال.
ورداً على سؤال حول طول فترة الاستثمار والتى تصل إلى أكثر من عامين من خلال المنصة المقترحة قبل التخارج، أشار العلايلى إلى أن وجود آلية تخارج يعد تطوراً كبيراً فى صناعة ملائكة الأعمال، ومعظم الشركات الناشئة فى السوق يتم تأسيسها فى مناطق النعيم الضريبى أو الولايات المتحدة لتسهيل عملية التخارج فى مراحل لاحقة فى بورصة دولية مثل بورصة لندن وهو ما يجعل الاقتصاد المصرى الأقل استفادة من الأفكار الناشئة به والأموال المستثمرة من الداخل.
تابع، أن رغبتهم فى التخارج فى أسواق دولية يعود لتواجد عدد كبير من المستثمرين المحترفين وسيولة عالية ولا يمكن توجيه أصابع اللوم للمستثمرين.
الجمعية ستبدأ فى العمل فى القاهرة أولا للتواجد بالقرب من المراكز المالية يليها فى مرحلة لاحقة التوجه للمحافظات.
وطالب العلايلى بضرورة وجود تعديلات تشريعية بعد بحث أسباب توجه المستثمرين لتأسيس شركاتهم فى الخارج، وتسهيل بيئة الاستثمار لهذه النوعية الهشة من الاستثمار والتى تحتاج رعاية من نوع خاص.
أضاف أن المطلب الثانى بخصوص البيئة التشريعية يتعلق بزيادة جاذبية التواجد القانونى للمؤسسات فى مصر، والعديد من المشروعات الناشئة غير مرخصة وهياكلها غير قانونية، فى ظل تخوفات منهم للظهور للنور بسبب الضرائب والتراخيص ويجب وجود إعفاء ضريبى أو حتى منحهم دعماً مقابل عدد العمالة.
وبالنسبة للمحور الثالث، يجب وجود معايير محاسبية مختلفة للشركات الصغيرة والمتوسطة، والعالم كله به معايير مختلفة للشركات الصغيرة عن الأخرى الكبرى.
ومن الناحية التمويلية، فإن القوانين المصرية اهتمت بتنظيم التمويل عبر حقوق الملكية، أو التمويل بالديون، إلا أن معظم الشركات الناشئة تحتاج نمطاً أكثر تعقيداً عبارة عن خليط بين رأس المال والديون يعرف بـ»ميزانين»، وليس لدينا تشريع فى مصر يتيح تلك الأداة.
أضاف أن قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 لم يتضمن ما يعرف بـ Mezzanine Fund، ويجب إجراء تعديل تشريعى على القانون لتفعيل الآداة الجديدة وتنشيط السوق.
وجرى العرف فى العالم على تمويل الشركات الناشئة بنوعين للتمويل تجمع بين حقوق الملكية والديون، ولا يصلح رأس المال وحده والذى يستحيل معه توزيع أرباح، فيما قد يثقل الدين كاهل الشركة ويكتب عليها الفشل قبل أن تبدأ، فيما يعد التمويل المتوازن بين الملكية والدين فرصة جيدة للتمويل لتلك الشركات.
ونقص تلك الأداة فى السوق المصرى يدفع مديرى الأصول حول العالم بتأسيس صناديق مخصوصة للسوق المصرى تحقق تلك الأداة.
ورداً على سؤال حول القطاعات الأكثر جذباً للشركات الناشئة؟، قال العلايلي، إن السوق مليئ بالفرص خاصة أنه سوق استهلاكى كبير ويمكن للشركات الناشئة اختراق أى قطاع، حتى القمامة لها سوق كبير فى مصر.
وأشار إلى أنه بالنسبة لملائكة الأعمال فإن الاستثمار فى المشروعات الناشئة يحقق عوائد بمضاعفات تصل إلى 8 مرات، وبناء على إحصائية أعدها العلايلي، فإن العوائد المركبة خلال آخر 7 سنوات وصلت إلى 15.6 مرة، وتم استخدام 7 سنوات كدورة كاملة قد تشهد تخارج المستثمر.
واعتبر العلايلى أن قانون الشركات المعدل حديثاً، يخاطب الشركات الكبيرة، رغم أن أكثر من %85 من الشركات صغيرة ومتناهية الصغر وناشئة، ويجب أن يكون القانون يخاطب تلك الشركات خاصةً أن التمويل لها يحمل العديد من المخاطر للمستثمرين عبر حقوق الملكية.
أشار إلى أن إجرائيا يقوم ملائكة الأعمال بالاستثمار فى الشركات من خلال دفع جزء من مبلغ الاستثمار المطلوب، ويتم تقسيم باقى المبلغ على دفعات حسب نسب تحقيق المستهدفات، ويغطيها حالياً فى قانون الشركات السداد الجزئى لقيمة الأسهم، إلا أن دولاً عديدة لديها طرق أسهل فى تجزئة عملية التمويل وكان لازاماً على المشرع أن يراعى الجانب التمويلى للمشروعات الصغيرة والتى تمثل الغالبية العظمى من الشركات فى مصر.
أضاف، أن تقسيم فئات الأصول بالنسبة لعمليات التمويل مثل series A,B، غير موجودة فى مصر ويجب أن تكون الشركة مؤسسة فى الخارج للحصول على هذا النوع من التمويل، مطالباً بضرورة تجهيز البنية التشريعية لتشجيع الشركات على التأسيس داخل مصر حتى لا تهرب الأفكار للخارج رغم نشأتها وعملها داخل السوق المصري.
وأوضح أن عدد شركات ريادة الأعمال المؤهلة للحصول على تمويل من مستثمرى فئات الأصول يعد محدوداً جداً، نظراً لقلة الأفكار التى تحمل ابتكاراً، حيث ترتفع قيمة الشركات الناشئة كلما زاد فيها عنصر الابتكار.
وفى سياق متصل، أكد العلايلي، أن فكر ريادة الأعمال وتأسيس الشركات وبيع جزء منها لمستثمرين انتشر بشكل كبير بعكس السنوات الماضية وهناك نجاحات ملموسة فى السوق وبدأ يشكل حافزاً لجعل مصر موطناً مهماً لجذب المستثمرين، إلا أن المشكلة الأخرى التى تواجه جمع التمويل تكمن فى التوافق مع متطلبات المستثمرين الأجانب والذين يرغبون بالحصول على حصة أقلية على أن يكون الحد الأدنى لكل استثمار 10 ملايين دولار، ولا يوجد شركات كثيرة فى السوق بهذا الحجم.
وأوضح أن من خلال الجمعية المصرية لملائكة الأعمال، سيتم مخاطبة مجلس الشعب لعمل جلسات استماع للمستثمرين ورواد الأعمال لعرض مشاكل نمو قطاع الشركات الرائدة فى السوق المصري.
«ليس لدينا بيانات واضحة عن عدد الشركات والناجح منها، ولا يمكننا أن نبنى نشاطاً على تخطى القانون، ويجب أن يوجد تشريعات أكثر تشجيعاً، وما حدث فى قانون الإفلاس الجديد خطوة مهمة جداً توجد آلية للتخارج والتى تمثل العقبة الكبرى أمام المستثمرين.
ويبلغ عدد أعضاء الجمعية حالياً أكثر من 25 مستثمراً ملائكياً.
تابع، أن فائدة وجود ملائكة الأعمال لا تقف فقط عند مرحلة التمويل، وإنما تتخطاها إلى عملية التوجيه، وشبكة العلاقات التى تدعم الكيان الجديد، فضلاً عن دوره فى حال فشل الشركة والمخاطر التى تواجهها.