أصحاب المصانع والورش لـ”البورصة”:
لدينا 10 آلاف عامل.. ولا أحد يمثلنا أمام الجهات الحكومية
يوسف أبوحطب: 60% تراجعا في إنتاج شركة الشيماء منذ “التعويم”
أيمن صابر: نعاني من ارتفاع أسعار الكهرباء والبوتاجاز ونقص “الصودا إش”
الشحات سلامة: المحافظ وعد بتخصيص منطقة صناعية تضم جميع الورش
فى إحدى الزوايا بمدخل قرية جراح التابعة لمركز أجا بحافظة الدقهلية، المعروفة باسم “القرية الزجاجية”، يصطف عدد من مصانع وورش تصنيع وزخرفة الزجاج .
لكل روشة اسم وعلامة تجارية تميزها عن غيرها، وتتنافس جميعها فى تنويع المنتجات للاستحواذ على أكبر شريحه من العملاء بالسوق المحلي.
لكن إغراق السوق بالمنتجات المستورده، واعتماد المصانع والورش في “جراح” على اسطوانات البوتجاز فى التصنيع لعدم وجود غاز طبيعي بالقرية ، وما يعني ذلك من ارتفاع التكلفة ، دفع أصحابها إلى تقليص الطاقة الانتاجية إلى 60%، و تحول البعض من تصنيع الزجاج إلى الزخرفه.
وغالبية المصانع والورش، يعاني من ضعف العملية التسويقية في حين يحارب بعضهم من أجل استمرار عملية التشغيل من خلال تقليص ايام العمل إلى 20 يوما مقابل 30 يوما في السابق.
وتعكف الورش والمصانع خلال فترة الـ 10 أيام من كل شهر والتي يتوقف فيها العمل، على تسويق كافة المنتجات المخزونة لديها .
قال أصحاب المنشآت الصناعية بقرية جراح لـ”البورصة”، إن اجمالي عدد الورش والمصانع بالمنطقة يبلغ 300 ورشة و5 مصانع ، تقع على مساحات تبدأ من 100 متر، وحتي 5 آلاف متر مربع للمصانع الكبيرة، في حين تستوعب الورش والمصانع جميع العمالة المتاحة بالقرية وتقدر بنحو 10 آلاف عامل، بجانب تشغيل عمالة من القرى المجاورة.
قال يوسف أبوحطب رئيس مجلس إدارة شركة الشيماء لتصنيع وزخرفة الزجاج، إن التغيرات الاقتصادية التي نتجت عن قرار تعويم الجنيه عام 2016 أدت إلى تراجع الطلب على منتجات الشركة نظرا لتضاعف أسعارها.. الأمر الذي دفعها إلى تقليص الانتاج بشكل تدريجي ليصل إلى 60% شهريًا، أي ما يعادل 200 ألف “دسته” من الأكواب، والكاسات، وأدوات المائدة. مقابل 300 ألف “دستة” قبل عام 2016.
أضاف أن الشركة لجأت أيضًا إلى تقليص أيام العمل لـ20 يوما شهريًا مقابل 30 يومًا سابقًا لعدم تسريح العمالة، مشيرًا إلى أن الهدف من اقامة الورش والمصانع بالقرية هو الاستثمار أولا، وخلق فرص عمل لسكانها ثانيًا.
أشار أبوحطب، إلى أن الشركة تمتلك مصنعا واحدًا على مساحة 500 متر مربع، بتكلفة استثمارية تصل إلى مليون و500 ألف جنيه، فى حين يستوعب المصنع نحو 20 عاملا، إضافة إلى اعتمادها على السوق المحلي فى تسويق جميع منتجاتها.
وكشف أن أبرز المشاكل التي تواجه الصناعة بالقرية، تتمثل في عدم وجود غاز طبيعي بها، وافتقادها لبعض الخدمات والمرافق ومنها رصف الطرق وضعف قدرة المحولات الكهربائية والتي لا تكفي لتلبية احتياجات جميع المصانع والورش.
وتابع: “الشركة تعتمد على اسطوانات الغاز فى عملية التصنيع، ويصل استهلاكها إلى اسطوانتين يوميًا، إضافة إلى أن الشركة تجد صعوبة فى الحصول عليها طوال فترة الشتاء”.
وأضاف أن الزيادة فى التكاليف اضعفت القدرة التنافسية للشركة، وذلك لإنعكاسها على السعر النهائي للمنتج، مشيرا إلى أن الصناعة تحتاج إلى دعم من الدولة لحل مشاكلها حتي تستأنف عملها بكامل طاقتها الإنتاجية.
وطالب أبوحطب، وزارة الصناعة بتخصيص منطقة صناعية بالقرية تضم جميع الورش العاملة فى الزجاج، وتوفير جميع احتياجاتها وأهمها التسويق، وذلك من خلال إنشاء وحدة تسويقية تمكن الصناع من فتح أسواق تصديرية بدلا من اعتمادهم على السوق المحلي فقط .
وقال أيمن صابر صاحب ورشه تصنيع وزخرفة الزجاج ، ان أغلب الورش تعاني من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مثل المواد البترولية، والكهرباء، والغاز، فضلا عن ايجاد صعوبة كبيرة فى توفير المادة الخام اللازمة للتصنيع “الصودا اش”، نظرًا لعدم توافرها فى السوق المحلي بكميات كبيرة.
وأرجع صابر صعوبة استيراد المواد الخام، إلى ضعف الكمية التي تحتاجها الورش.. الأمر الذي أدي إلى ظهور عدد من المستوردين بالقرية يقومون بجلب كميات كبيرة من تركيا ودول أوروبا وتوزيعها على الورش، بحيث يكون لكل ورشة كمية معينة.. الأمر الذي يقف عائقا أمام الورش ويتحكم في إنتاجها.
وأشار إلي أن أغلب الورش تواصلت مع مصانع محلية فى بداية عملها لتوفير المواد الخام.. لكن المصانع اشترطت أن تكون شريكا فى المشروعات القائمة لإمدادها بها، حتي تضمن لنفسها تحقيق عائد مادي أكبر من تصديره.
وذكر صابر، أن الزيادات التي طرأت علي مستلزمات الانتاج فى الفترة الأخيرة، رفعت سعر المنتج النهائي بنسبة 30%، مما دفع أغلب الورش إلى تقليص هامش الربح والجودة حتي تتمكن من تسويق منتجاتهم فى ظل وجود منتجات أقل سعر وهي المنتجات الصينية والإندونيسية.
وتابع: “رفعنا مذكرة إلى مجلس الوزراء أكثر من مرة لوقف استيراد المنتجات المثيلة لما تنتجه القرية، ودعم الصناع من خلال توفير تمويلات بفائدة صغيرة لتطوير الورش والمصانع، اضافة إلى تعميم تجربة قرية جراح على باقي المحافظات”.
أشار صابر، إلى أن الورش والمصانع بالقرية تحتاج إلى كيان يمثلها أمام الجهات الحكومية، مثل إنشاء جمعية أهليه تحت اسم “جمعية جراح لإنتاج وزخرفة الزجاج” ، وذلك للتواصل مع المسؤلين من خلالها فحال وجود مشاكل، بدلا من الزيارات المتكررة لمكاتبهم دون تحقيق أي فائدة تذكر.
أضاف أنه رغم المشاكل التي تواجه أصحاب الورش داخل القرية، إلا أنها تشهد يوميًا افتتاح ورش جديدة. وبعض الشباب يعتبرها وظيفة إضافية يعمل بها بعد انتهاء عمله فى الجهات الحكومية.
فانخفاض تكلفة تأسيس ورشة للزجاج مقارنة بالمشرعات الأخرى، دفع أهالي القرية إلى التوجه بكثرة نحو مشروعات الزجاج، التي تعتبر من المشروعات متناهية الصغر ، إذ تحتاج إلى رأسمال دون 50 ألف جنيه.
وهذا المبلغ كاف لإنشاء ورشة بها فرن واحد وبدء عمليات التشغيل والإنتاج.
وقال الشحات سلامة، صاحب مصنع زجاج، إن 90% من سكان القرية يعملون فى صناعة الزجاج وزخرفته، أي مايعادل نحو 10 آلاف شخص. والصناعة دخلت إلى القرية من خلال مصنع واحد تم إنشائه عام 1970، ومن ثم انتشرت فى باقي أرجاء القرية لتستحوذ على لقب “القرية الزجاجية”.
أضاف أن أغلب الورش الصغيرة تعاني من مشكلتي التمويل والتسويق، في حين لا تجد المصانع والورش الكبيرة أي صعوبة فى التسويق نظرًا لامتلاكها سيارات توزيع تجوب جميع محافظات الجمهورية.
أوضح سلامة، أن المصانع والورش استطاعت مواكبة التطورات الحديثة التي طرأت على الصناعة خلال السنوات العشر الماضية بمجهودها الذاتي دون مساندة أو دعم من أي جهة ، إضافة إلى استحداثهم منتجات جديدة وطرحها بالأسواق.
ولفت إلى أن المصانع والورش استطاعت حاليًا أن تمزج بين الانتاج اليدوى والآلي، بدلا من اعتمادها على الانتاج اليدوي فقط، والذي كان يكلفها كثيرا من الجهد والوقت، موضحا تضاعف إنتاج الورش وانها قادرة على تصدير 50% من انتاجها.
قال سلامة، إن محافظ الدقهلية الأسبق اللواء حسام الدين امام، وعد بتخصيص منطقة صناعية على مساحة 20 فدانا قبل 3 سنوات داخل القرية، لتجميع كافة الورش والمصانع بها وحل جميع المشاكل التي تواجههم وتقديم كافة سبل الدعم المطلوب فنيا و ماليًا.
وقدر سلامة، حجم انتاج القرية يوميًا بحوالي مليون قطعة زجاجية من الكاسات والأكواب وأدوات المائدة، إضافة إلى الانتيكات الزجاجية، معتبرا أن منتجات القرية من أجود المنتجات بالأسواق لاعتمادها على الانتاج اليدوي.
وأوضح أن صناعة الزجاج فى مصر فى يتزايد نشاطها بشكل مستمر.. لكنها تحتاج إلى تنظيم بدلا من تركها تواجه مصيرها بشكل عشوائي.
فأغلب المشروعات بهذا القطاع عباره عن مشروعات صغيرة ومتوسطة وتحتاج الي رعاية من الدولة.
أضاف سلامة، أن حركة البيع تنشط فى مواسم الزواج ثم تتراجع تدريجيا مع بداية فصل الشتاء، باعتبارها قطع وأدوات تكميلية وليس أساسية فى أجهزة العرائس.
وقال محمد الريان رئيس مجلس ادارة مصنع الصفا لتصنيع الزجاج، إنه توقف عن التصنيع وتحول إلى الزخرفة والنحت على الزجاج منذ 9 أشهر، نظرا لكثرة المشاكل التي تواجه الصناعة بالقرية ومنها عدم وجود غاز طبيعي ، وضعف البنية التحتية .
أضاف ريان أن المصنع به ثلاثة أفران لحرق الزجاج، ويحتاج من 5 إلى 6 اسطوانات غاز يوميًا بتكلفة تصل إلى1000جنيه.. الأمر الذى دفعه للتوقف عن الانتاج و التحول إلى الزخرفة لحين حل مشكلة الغاز.
وتابع:” كنا شغالين كده طول عمرنا، ومش بنشتكي من أي حاجة، لكن الزيادة الأخيرة فى أسعار أسطوانة الغاز، والجاز، والبنزين، أغلقت بعض المصانع وحولت أخرى للعمل فى الزخرفه بسبب الخسائر التي تعرضت لها”.
أشار ريان، إلى أن الشركة كانت تصدر منتجاتها لعدد من الدول العربية قبل تعويم الجنيه وزيادة أسعار مستلزمات الانتاج.. لكنها توقفت عن التصدير منذ مطلع عام 2017 بسبب ارتفاع أسعارها بنسبة 20% مقارنة بالمنتجات الصينية والتركية التي تستحوذ على 90% من الأسواق التصديرية.
أضاف أن الشركة تمتلك مصنعًا واحدًا بقرية جراح، بتكلفة استثمارية تصل إلي 5 ملايين جنيه، يستوعب حوالي 40 عاملا حاليًا.
وكشف أن الشركة تدرس حاليًا اغلاق مصنعها الحالي بقرية جراح، وإنشاء مصنع جديد بالمنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان نظرا لتوافر جميع المقومات التي تحتاجها الصناعة هناك، من بنية تحتية وأراض مرفقة.