الجيران يخشون تكرار التجربة منعاً للفوضى السياسية
تهميش خطاب الانفصال فى الأحزاب القومية الصاعدة بقوة
من المقرر أن تغادر بريطانيا، ثانى أكبر دولة فى منطقة «اليورو»، الاتحاد الأوروبى بنهاية مارس المقبل، كما أن زعيمة القارة وحاملة لواء السوق المشتركة أنجيلا ميركل، يبدو أنها لن تكمل فترة ولايتها كاملة كمستشارة لألمانيا مع تنحيها عن رئاسة الحزب المسيحى الديمقراطى الحاكم وهو ما ينعكس على الاقتصاد العالمى.
وفى الوقت نفسه انشغل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أهم المؤيدين والإصلاحيين فى الاتحاد الأوروبى بأزمته الداخلية مع تصاعد حركة السترات الصفراء التى رفعت سقف مطالبها إلى الرحيل عن سدة الحكم فى الإليزيه.
وفى زاوية أخرى من المشهد الأوروبى يتوقع الخبراء قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية أن تحصد الأحزاب اليمينية القومية عددا قياسيا من المقاعد.
ويشير تقرير لوكالة الأنباء الاقتصادية “بلومبرج” إلى أنه وراء هذه الشكوك السياسية تعتمد أوروبا لضمان استمرار نفوذها العالمى والاستقرار الداخلى على عنصرين هما بقاء الاتحاد كأكبر كتلة تجارية فى العالم واعتقاد %70 من مواطنيها أن الوحدة كانت جيدة بالنسبة لهم.
وحتى من دون بريطانيا يريد الاتحاد الأوروبى أن يبقى بهدوء على طاولة الكبار عالمياً وأنه لديه فكرة واضحة جداً للطريقة التى يرى نفسه بها كجزء من النظام العالمى على حد تعبير ماريا ديمترياز نائبة رئيس مركز «بروجل» للأبحاث فى بروكسل.
ورحيل بريطانيا بالتأكيد ضربة اقتصادية ودبلوماسية كبيرة كما يعتقد لبرزميسلاف كوالسكى، الذى يدير مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية فى وارسو، الذى قال إن علاقات الاتحاد الأوروبى مع الولايات المتحدة على سبيل المثال ستكون أكثر صعوبة فى الإدارة دون الاستفادة من العلاقات التاريخية بين لندن وواشطن.
ويستبعد الخبراء أن تحاول أى دولة عضو أخرى الخروج من البيت الأوروبى حيث ثبت أن خروج بريطانيا خلق فوضى سياسية بالنسبة للندن التى حركت عاصفة باردة للناس فى البلدان الأخرى.
وحتى الأحزاب القومية التى تزداد شعبية، والتى شقت طريقها إلى الاتحاد الأوروبى بدأت فى الغالب مراجعة مواقفها الخاصة، وتراجعت عن فكرة الانسحاب، وهذا يعنى أنه حتى لو كان نجاحها متوقعاً فى الانتخابات البرلمانية الأوروبية فى مايو، فإنه لن يشكل أى تهديد لوجود الاتحاد الأوروبى.
ومع ذلك، فإنه من المحتمل تعطيل أى تحركات مستقبلية لتعميق التكامل الأوروبى حتى لو نجت القارة العجوز من أى أزمة هجرة جديدة مشابهة لعام 2015.
ويخشى المراقبون من نغمة عسكرة التكتل الأوروبى والدعاوى الخاصة بتشكيل جيش موحد لأن الوحدة لا تعتمد بالأساس على الهيمنة العسكرية بل تقوم على التجارة والتعاون والاستفادة من التنوع وهذا سر قوتها.