نص قانون التأمين الصحى الشامل على مساهمة تكافلية تلتزم بها الشركات من جملة إيراداتها، وهو نص إشكالى يثير عدداً من النقاط تناولناها فى المقالات السابقة ونكملها فى المقال التالى:
إن تحديد المُساهمة التكافُلِية بنسبةٍ من الإيرادات السنوية يعنى أنها تستحق على المنشأة حتى فى حالة الخسارة.
وحيث أن المُساهمة التكافلية التزام قانونى يتعين على المنشأة تكبده، مثلها فى ذلك مثل الضريبة على الدخل، فإنها تمثل فى حالة الخسارة خصمًا من رأسمال الشركة، بما يخالف قواعد فرض الضريبة.
مثال (1):
– شركة رأسمالها المستثمر 10 ملايين جنيه.
– إيرادات العام 100 مليون جنيه.
– المُساهمة التكافلية = 250.000 جنيه.
– صافى الخسارة المحاسبية (9) ملايين جنيه.
– وعاء الضريبة خسارة بمبلغ (7) ملايين جنيه.
– العبء على الشركة من المُساهمة التكافلية (250.000) جنيه.
– بينما الضريبة على الدخل تبلغ صفراً نتيجة الخسارة الضريبية.
مثال (2):
– شركة رأسمالها المستثمر 10 ملايين جنيه.
– إيرادات العام 500 مليون جنيه.
– المُساهمة التكافلية = 1.250.000 جنيه.
– صافى الخسارة المحاسبية (9) ملايين جنيه.
– وعاء الضريبة خسارة بمبلغ (7) ملايين جنيه.
– العبء على الشركة من المُساهمة التكافلية (1.250.000) جنيه.
– بينما الضريبة على الدخل تبلغ صفرًا نتيجة الخسارة الضريبية.
– لذلك نُطالب بتقرير عدم استحقاق المُساهمة التكافُلِية فى حالة الخسارة.
لم يحدد القانون كيف يتم تقدير المُساهمة التكافلية فى حالات عدم تقديم الإقرار الضريبى، أو تقديمه دون ذكر أية إيرادات فيه.
فأن تتولى وزارة المالية تحصيل نسبة الـ(2.5) فى الألف من جُملة الإيرادات السنوية للمُنشآت الفردية والشركات، وتقديرها وفقاً للتقرير المالى المُقدم لمصلحة الضرائب، مؤداه الاعتماد على رقم الإيرادات الوارد بالقوائم المالية، سواء كانت الحالة مستندية، أو تقديرية.
ولكن القانون لم يحدد كيف يتم تقدير المُساهمة التكافُلية فى حالات عدم تقديم الإقرار الضريبى، أو تقديمه دون ذكر أى إيرادات فيه، وهذا يؤكد على عدم موضوعية معيار الإيرادات.
كما لم يُحدد القانون ماذا يحدث إذا أسفرت المحاسبة الضريبية النهائية بمصلحة الضرائب عن زيادة الإيرادات عما ورد بالقوائم المالية التى تحدد على ضوئها مبلغ المساهمة التكافلية، كما أن مُنازعات تحديد هذه الإيرادات تستمر لسنوات، بين أروقة مأموريات الضرائب واللجان الداخلية ولجان الطعن والمحاكم بدرجاتها.
فهل لذلك أى آثار على مبالغ المساهمة التكافلية؟
والحقيقة أننى أخشى أن يتم الطعن بعدم دستورية البند (تاسعا) من المادة (40) من قانون التأمين الصحى الشامل، وقد تقضى المحكمة بذلك، بما يعصِفُ بمورد مهم من مصادر تمويل نظام التأمين الصحى الشامل، ويعطل استحقاقاً دستورياً ينتظره المصريون منذ عقود.
وفيما يتعلق بجدلية تاريخ بدء تحصيل (الاشتراكات)، و(المُساهمة التكافلية)، فقد نصت المادة الخامسة من مواد إصدار قانون التأمين الصحى الشامل رقم 2 لسنة 2018 أن: (يُنشَر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويُعمَل به من اليوم التالى لانقضاء 6 أشهر من تاريخ نشره).
وحيث تم نشره بالجريدة الرسمية – بالعدد 2 تابع (ب) فى 11 يناير سنة 2018، فهذا مؤداه أن يبدأ تاريخ العمل بقانون التأمين الصحى الشامل اعتبارا من 12 يوليو سنة 2018.
ومحافظات المرحلة الأولى التى سيبدأ تطبيقه فيها هى بورسعيد، السويس، الإسماعيلية، جنوب سيناء، شمال سيناء.
وقد أعلنت وزارة المالية فى أجهزة الإعلام أنه سيتم تحصيل الاشتراكات مع بداية أول يوم لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى بورسعيد والمحافظات التى تليها، بمعنى أن كل محافظة يُطبق فيها المشروع سيحصل منها الاشتراكات أولاً بأول.
وصرح رئيس مجلس إدارة هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، إحدى هيئات منظومة التأمين الصحى الجديدة التابعة لرئاسة الجمهورية، أن هناك التزاما أمام القيادة السياسية بالبدء فى تطبيق منظومة التأمين الصحى فى محافظة بورسعيد فى يونيو 2019.
والحاصل أن:
– القانون لم يحسم هل يتم أداء المُساهمة التكافُلية اعتباراً من تاريخ بدء العمل بالقانون على مستوى كل محافظة وفقاً للجدول رقم (5) المرفق بالقانون.
– أم اعتباراً من الإقرارات الضريبية المُقدمة عن العام الضريبى 2018.
– ثم أصدر رئيس مصلحة الضرائب المصرية كتاب دورى رقم 41 لسنة 2018 بشأن ضوابط تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 909 لسنة 201 بشأن نظام التأمين الصحى الشامل.
وأعلنت وزارة المالية فى أجهزة الإعلام أن إلتزام المُكلفين بالمساهمة التكافلية سيبدأ على مستوى الجمهورية اعتبارًا من الإقرارات الضريبية المقدمة عن العام الضريبى 2018.
والنتيجة فى شأن بدء العمل بأحكام قانون التامين الصحى الشامل أن:
– تتولى مصلحة الضرائب تقدير نسبة (2.5 فى الألف) من جُملة الإيرادات السنوية للمُنشآت الفردية والشركات والهيئات العامة الاقتصادية، وذلك من واقع الإقرارات الضريبية المقدمة وفقًا لنص المادة (46) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2 لسنة 2018، وتخطَر وزارة المالية بتلك المبالغ سنوياً.
– إلزام المنشآت والشركات بتقديم بيان تفصيلى سنوى بالمرتبات التى تم سدادها للعاملين وفقا لما ورد بالإقرار الضريبى، يتضمن اسم العامل والرقم القومى والرقم التأمينى (إن وجد).
– تلتزم الجهات التى تقوم بالتحصيل بتنفيذ ما ورد بالكتاب الدورى، على أن يتم إيداع المبالغ المُحَصَلة بالحساب الخاص بهيئة التأمين الصحى رقم 6/70414/300/9 بالبنك المركزى المصرى.
لذلك نتوقع فى الإقرارات الضريبية لعام 2018 أن يتم تخصيص خانة خاصة بـ(المُساهمة التكافلية) فى نهاية صفحة بيانات الإقرار، علاوة على خانات السداد والتوقيعات.
والقراءة الصحيحة للقانون تقطع بأن يتحدد مبلغ المساهمة التكافلية للفترة الضريبية 2018 بواقع نسبة (2.5 فى الألف) من إيرادات الجهات الخاضعة لأحكامِه، اعتباراً من 12/7/2018 وحتى نهاية الفترة الضريبية 2018، وليس عن كامل الفترة الضريبية.
حساب إيرادات تلك الفترة يتحدد بأكثر من طريقة:
1- برقم الإيرادات الحقيقية خلال الفترة من 12/7/2018 حتى نهاية الفترة الضريبية.
2- بنصيب الفترة من 12/7/2018 حتى نهاية الفترة الضريبية من إيرادات السنة الضريبية 2018 بالكامل.
3- بنصيب الفترة من تاريخ بداية النشاط إذا بدأ بعد 12/7/2018، وحتى نهاية الفترة الضريبية 2018، من إيرادات السنة الضريبية 2018 بالكامل.
● لذلك نُطالب بصدور كتاب دورى عاجل من وزارة المالية للإجابة على تلك التساؤلات، وذلك ليتسنى لكافة الخاضعين لأحكام قانون التأمين الصحى الشامل الاستعداد لذلك.
بقلم: محمود جاب الله
مستشار الضرائب بمكتب مزار مصطفى شوقى للاستشارات المالية والمراجعة