«الدسوقى»: لا توجد بنية تحتية.. ونحتاج قوانين موحدة
«صدقى»: ما الداعى لشراء سيارة تحتاج إلى بطارية بـ50 ألف جنيه؟
«مسروجة»: الشحن ليس مشكلة.. والمصريون يعرفون كيفية التعامل مع المستجدات
تمكنت السيارات الكهربائية والتكنولوجيا التى حققتها كبرى الشركات فى صناعة السيارات، من فرض نفسها على العالم كله، وإحداث ثورة فى سوق السيارات.
وتوجهت كبرى الشركات العالمية لزيادة إنتاجها من السيارات التى تعمل بالكهرباء؛ استعداداً لنشرها بشكل تدريجى فى الأسواق العالمية، والتخلص من السيارات التقليدية التى تعمل بالوقود.
وتُعد ألمانيا من أكثر الدول حرصاً على إنتاج وانتشار السيارات الكهربائية فى شوارعها لتحقيق سياستها التى ترمى إلى الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون الناتج عن استخدام الوقود.
وتسعى مصر، أيضاً، لمجاراة الاتجاه العالمى، والتوجه نحو استخدام الطاقة الكهربائية، إذ أعلنت الحكومة عن إعفاء السيارات الكهربائية المستوردة من أوروبا من الجمارك بشكل كامل.
كما أعلنت رئاسة مجلس الوزراء عن إلغاء الجمارك بشكل كامل، أيضاً، على السيارات «الهايبرد» التى تعمل بالبنزين والكهرباء، لتصبح بنفس الإعفاء الجمركى للسيارات الكهربائية، عند استيرادها من دول الاتحاد الأوروبى بداية من يناير 2019، مشيراً إلى أنها تتمتع، أيضاً، بميزة الاستيراد مستعملة، دون التقيد بسنة الصنع.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، أصدر قراراً جمهورياً رقم 419 لسنة 2018 بشأن التعريفة الجمركية، إذ تم استحداث بند دولى للسيارات التى تعمل بمحرك كهربائى، تشجيعاً لاستخدامها مع إعفائها من الضريبة الجمركية بهدف تشجيع استخدام الطاقة.
ولكن يبقى السؤال الذى اختلف خبراء السيارات حول الإجابة عنه، وهو: «هل مصر مستعدة لمجاراة دول العالم ونشر السيارات الكهربائية فى الوقت الحالى؟»
فريق من الخبراء يرفض تماماً دخول السيارات الكهربائية إلى مصر دون تخطيط مسبق، وفريق آخر يرى أنه بمجرد انتشارها فى مصر ستتوفر بنيتها التحتية وكل ما يلزمها.
قال المهندس حسن الدسوقى، رئيس مجلس إدارة شركة درشال، المتخصصة فى صناعة السيارات الكهربائية والشواحن، إنَّ الرؤية المستقبلية للسيارات الكهربائية فى مصر مظلمة وضبابية للغاية؛ لأن مصر غير مستعدة لانتشار السيارات الكهربائية فى الوقت الحالى؛ نظراً إلى عدم وجود قوانين موحدة ومنظمة داخل الجمارك لاستيراد هذا النوع من السيارات.
وأضاف أنه لا توجد بنية تحتية ومحطات شحن لهذه السيارات، إذ لا يكفى وجود 100 أو 200 محطة شحن فى مصر بالكامل؛ نظراً إلى مساحتها الكبيرة، قائلاً إنَّ السيارات الكهربائية المستعملة لا تصلح للاستخدام فى مصر؛ لأن بطاريتها لا تستطيع الصمود لأكتر من 100 كيلومتر، بحسب نوع البطاريات المستخدمة منذ عام 2015؛ لأنها تختلف تماماً عن البطاريات المستخدمة حالياً.
لذا فإن المستهلك سيدفع مبلغ 300 أو 400 ألف فى سيارة تعتبر سيارة للاستخدامات المحدودة داخل المدن.
وأكد «الدسوقى»، أنَّ انتشار السيارات الكهربائية لا يزال يحتاج إلى الكثير من الوقت والتخطيط لتوفير البنية التحتية اللازمة، والتخلص من العشوائية الموجودة فى التخطيط فى الوقت الحالى.
كما لا يوجد قانون موحد ينظم علاقة الموزع بالمستهلك، دون تحديد من سيقوم باستيراد السيارات ودخولها الى مصر.. وهل هو الوكيل أم الموزع؟ محذراً من أن هذا الأمر قد يتسبب فى حدوث عمليات نصب على المستهلك. ويجب الكشف على هذه السيارات لضمان سلامتها قبل استلامها.
وحتى الآن لا يوجد فى مصر مراكز متخصصة فى السيارات الكهربائية تستطيع الكشف عليها، متسائلاً: «أين حماية المستهلك من كل هذا؟»
وحول السيارات «الهايبرد»، يرفض «الدسوقى» استخدامها فى مصر، فهو يرى أنها لا تناسب طبيعة السوق المحلى؛ لأنها لا تقوم بتوفير البنزين؛ لأن استخدام الكهرباء بها قليل جداً.
ويوافقه الرأى مراد صدقى، مهندس ميكانيكا وخبير السيارات، محذراً من الانسياق وراء قرار الحكومة بإلغاء الجمارك على السيارات «الهايبرد» المستعملة الواردة من أوروبا، والتسرع فى استيرادها دون التخطيط للأمر بشكل كامل، قائلاً: «لو افترضنا أن سيارة هجينة بعمر ثلاث سنوات تم استيرادها إلى مصر، فما الداعى إلى شراء سيارة ستحتاج قريباً إلى بطارية متوسط سعرها 50 ألف جنيه؟»، متخوفاً من الدخول فى دوامة استيراد قطع الغيار المستعملة.
ويرى «صدقى»، أن هذا القرار يمثل التخلص من نفايات العالم بوضعها فى مصر، موضحاً أن إدخال السيارات الكهربائية والهجين إلى مصر يستلزم استراتيجية كاملة من الدولة، عكس ما يقوم به المسئولون الآن من إدخال هذه السيارات فى مصر بخطة جزئية غير منظمة أو شاملة لجميع الجوانب.
وأضاف أن الدولة يجب أن تُلزم من يستورد السيارات الكهربائية والهجينة بتوفير الصيانة وقطع الغيار اللازمة لها، كأى سيارة أخرى يقوم العميل بشرائها، وهو يعرف جيداً أماكن توافر قطع الغيار اللازمة لها، وكذلك أماكن الصيانة، مشيراً إلى أنه من غير المنطقى أن نترك الناس لاستيراد السيارات دون توفير حلول له حال حدوث عطل فى السيارة أو الاحتياج إلى قطع غيار لها؛ لأن هذا يمثل خسارة كبيرة لمستهلكى السيارات فى مصر.
ويقول خبير السيارات، إنَّ التوجه إلى استخدام السيارات الهجينة والكهربائية فى مصر لن يكون ذا قيمة إلا لو أصبح سعر لتر البنزين مثل الدول التى انتشرت بها هذه النوعية من السيارات، وهو ما يعنى 3 إلى 4 أضعاف السعر الحالى فى مصر، مع وضع قيود على تملك سيارات قديمة بهدف حماية صحة أبنائنا، والدخول مع التوجه العالمى للحفاظ على البيئة.
ويرى «صدقى»، أن اتجاه العميل لشراء سيارة كهربائية أو هايبرد مستعملة يرجع لسببين، أولهما الوجاهة الاجتماعية، وهو السبب الذى لم يعد على الاقتصاد المصرى أو البيئة بأى نفع مرجو من استخدام هذه السيارات.
والسبب الثانى، اقتناع العميل بالسيارة عن دون دراية بما ينتظره من تكاليف تشغيل مرتفعة واعتمادية قليلة حال شراء سيارات مستعملة من الخارج لموديلات غير مغطاة بأى ضمان.
وعلى الجانب الآخر، هناك من يؤيد انتشار السيارات الكهربائية فى مصر فى الوقت الحالي، ومنهم المهندس رأفت مسروجة، خبير السيارات، الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، الذى يرى أن ضعف البنية التحتية، وعدم استعداد الدولة لا يمثلان عائقاً أمام انتشار السيارات الكهربائية فى مصر، موضحاً أنه بمجرد وجود السيارات الكهربائية وانتشارها فى مصر ستنتشر أماكن الشحن بشكل تلقائى فى الجراجات والنوادى والشركات الكبرى والأماكن الحيوية.
وأضاف أن شحن السيارات الكهربائية لا يمثل مشكلة؛ لأنه يمكن شحنها من خلال الشاحن عن طريق توصيله بالوصلات الكهربائية فى المنازل، وبالتالى فإنَّ استخدام السيارات الكهربائية لن يواجه مشكلات فى مصر خصوصاً فى المدن الكبرى التى يمكن توفير محطات الشحن الكهربائية بها، وكذلك على الطرق السريعة بين المدن الكبرى يمكن أن تتوافر أماكن شحن كهربائية داخل محطات البنزين كل 200 كم.
وقال «مسروجة»، إنه بمجرد انتشار السيارات الكهربائية فى مصر ستدور العجلة ويتوافر كل ما يلزمها بشكل تلقائى، مؤكداً أن المصريين أذكياء، ويعرف كيف يتعامل مع المستجدات، قائلاً: «القرش بيجرى الناس».
وأكد خبير السيارات، أنَّ مستورد السيارات الكهربائية ليس مجبراً بالضرورة على استيراد قطع الغيار للسيارات، وخصوصاً فى مصر التى تتميز بشعبها الذكى القادر على خلق فرص عمل وفتح مجالات جديدة للسوق، موضحاً أنه بمجرد انتشار السيارات الكهربائية فى مصر ستجد من يستورد قطع الغيار اللازمة لها، ومن يُنشئ مراكز الصيانة التى ستنتشر سريعاً فى معظم المحافظات.
وتوقع «مسروجة»، أن تنتشر السيارات الكهربائية فى الشارع المصرى بشكل واضح خلال عام 2025، أما فى عام 2040 فستنتشر بشكل أكبر لتستحوذ على الشارع المصرى بنسبة %70.
ويوافقه الرأى محمد مصطفى، مؤسس ورئيس شركة ريفولتا إيجيبت، لتسويق تكنولوجيا السيارات الكهربائية، الذى يرى أن مصر مستعدة بالفعل لانتشار السيارات الكهربائية فى الوقت الحالى، لعدة أسباب منها ارتفاع سعر البنزين، موضحاً أن مصر لديها البنية التحتية المناسبة لانتشار هذه السيارات إذ يوجد عدد لا بأس به من نقاط الشحن المنتشرة فى المحافظات المختلفة، قائلاً: «السيارات الكهربائية أصبحت أمراً واقعاً».
وأضاف «مصطفى»، أن عدد السيارات الكهربائية بلغ، العام الماضى، 100 سيارة، كما تخطى عدد حجوزات هذه السيارات الـ500 سيارة، خلال الربع الأخير من 2018.
أضاف أنه ليس من أنصار السيارات «الهايبرد»، ولا يفضلها، مشيراً إلى أنها تعد مرحلة انتقالية قبل انتشار السيارات الكهربائية، لكن عيوبها كثيرة، ومنها أنها غير موفرة للبنزين كما يعتقد البعض، إلى جانب أن صيانتها مكلفة مقارنة بالسيارات التى تعمل بالبنزين.
وطالب «مصطفى»، الدولة بتوفير مزايا أخرى تحفز على امتلاك السيارات الكهربائية، متوقعاً أن تنتشر السيارات الكهربائية بشكل كبير فى مصر بحلول 2040.
كتبت- نور أحمد
زمزم مصطفى