%0.08 تراجعاً فى الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى عن كل أسبوع إغلاق
تسبب أطول إغلاق حكومى فى تاريخ الولايات المتحدة فى تداعيات اقتصادية شديدة، بجانب المخاطر التى يحدثها على الثقة بين الشركات اﻷمريكية، التى تعانى بالفعل من القلق بشأن التوترات التجارية واضطرابات أسواق المال.
لم يكن للإغلاق الحكومى سوى آثار اقتصادية عابرة على مر التاريخ، ولكن رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى جاى باول، حذر الأسبوع الماضى من أن الإغلاق اﻷخير يمكن أن يبدأ فى تغيير الصورة إلى الأسوأ.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن حالة الجمود، التى دخلت فى أسبوعها الرابع فى واشنطن، تثير حالة خاصة من القلق بشأن الصراعات المحتملة حول الحاجة إلى رفع أو تعليق الحد اﻷقصى للدين العام الأمريكى هذا الصيف، بالإضافة إلى مصير الإنفاق العام الذى سيتضرر نهاية العام الجارى.
وقال إيثان هاريس، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد العالمى لدى “بنك أوف أميركا ميريل لينش”: “من المؤكد أن الإغلاق الحكومى سيشكل صدمة كبيرة إذا استمر لشهور بدلا من مجرد أسابيع”، مشيراً إلى حساسية اﻷسواق تجاه أى علامات على وجود اختلال وظيفى فى واشنطن.
التأثيرات المباشرة
وأوضحت الصحيفة، أن التأثير الاقتصادى اﻷكثر إلحاحاً سينبثق عن انخفاض حجم اﻷعمال التى ينجزها الموظفين الفيدراليين، ففى عام 2013 قدر مكتب التحليل الاقتصادى انخفاض معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 0.3% عندما توقف أكثر من 800 ألف موظف فيدرالى عن العمل لمدة 17 يوماً.
وتشير أحدث تقديرات الاقتصاديين فى البيت الأبيض إلى أن الأعمال المعلقة نتيجة توقف 380 ألف موظف عن العمل خلال الفترة الحالية سيحد من نمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 0.08% فى كل أسبوع يستمر فيه الإغلاق الحكومى.
بالإضافة إلى ذلك، سيتسبب انخفاض حجم اﻷعمال المنجزة من المقاولين الفيدراليين فى الحد من نمو النشاط بنسبة 0.05%.
وربما يؤثر الإغلاق الحكومى، فى حال كان مؤقتاً، بشدة أيضاً على بيانات التوظيف الأمريكية، فقد قال محللون لدى بنك “جى.بى مورجان تشيس” إن الموظفين الفيدراليين، الذين يتواجدون بمنازلهم ولا يتقاضون أى رواتب، ربما يصنفون بشكل مؤقت كعاطلين عن العمل في بيانات وظائف يناير الجارى الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل، كما أن بيانات الأجور قد تتأثر أيضاً، وسيكون هناك تعافيا قوياً أيضاً فى بيانات هذا السوق بمجرد عودة موظفى الحكومة اﻷمريكية إلى العمل مرة أخرى.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الخسائر الإجمالية، التى تسبب بها الإغلاق الحكومى السابق فى أكتوبر 2013، كانت بسيطة نسبياً، فقد نما الاقتصاد اﻷمريكى بمعدل سنوى بلغ 3.2% فى الربع الرابع من 2013.
تأثيرات أوسع نطاقاً
ومع اتساع نطاق الإغلاق الحكومى إلى منطقة غير مسبوقة ستصبح الآثار الاقتصادية أكثر شدة، وهو ما أكده محللو مؤسسة “ستاندرد آند بورز”، خلال الأسبوع الماضى، حيث قالوا إنه كلما طالت مدة الإغلاق الحكومى كلما زادت التأثيرات السلبية على الاقتصاد.
وتشمل التأثيرات غير المباشرة، تلك غير المسجلة ضمن النماذج الاقتصادية المحدودة مثل احتمال انخفاض مستويات انفاق اﻷفراد الذين لا يحصلون على رواتبهم إثر هذا المأزق، فبالإضافة إلى وجود800 ألف موظف حكومى ممن لا يحصلون على أجورهم، هناك مئات الآلاف من المقاولين الذين يتأثرون باﻷمر أيضاً.
وأشارت ورقة بحثية أصدرها سكوت بيكر، الأستاذ المساعد فى كلية كيلوغ للإدارة بجامعة نورث وسترن اﻷمريكية وقسطنطين يانيولس، اﻷستاذ المساعد بكلية نيويورك شتيرن لإدارة الأعمال، إلى تسبب الإغلاق الحكومى فى 2013 فى انخفاض إنفاق المستهلكين، ممن ينتمون إلى العمال الفيدراليين الذين لا يتقاضون رواتبهم، بنسبة تتراوح بين 10% و15%.
وأشار مايكل فيرولي، الاقتصادى لدى بنك “جى.بى مورجان تشيس”، إلى مجموعتين أخرتين من الآثار غير المباشرة، وهما توقف الخدمات التى تقدمها الحكومة الأمريكية، بجانب تأثيرات أوسع نطاقاً على ثقة المستهلك والأعمال التجارية.
ومن المقرر أن يتسبب الإغلاق الحكومى فى أضرار إضافية على عمليات إصدار التراخيص الفيدرالية ومخططات الإقراض والإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى أن إغلاق الحدائق والمتاحف سيؤثر سلباً على السياحة فى بعض المناطق.
وإذا استمر الإغلاق لفترة طويلة، فإن اﻷسئلة ستبدأ فى الزيادة حول استمرار تقديم برنامج المساعدات الغذائية التكميلية، الذى يساعد أكثر من 40 مليون أمريكى على شراء احتياجاتهم الغذائية شهرياً.
تأثيرات الثقة
ويمكن أن تتسبب التأثيرات المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن الإغلاق فى خفض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 1%، فى حال استمر خلال الربع السنوى الجارى، وذلك وفقاً لما قاله بنك أوف أمريكا، الذى سيخفض توقعاته الخاصة بهذه الفترة إلى معدل نمو سنوى يبلغ 1.2%.
وقال جيمى ديمون، الرئيس التنفيذى لبنك “جى.بى مورجان تشيس”، هذا الأسبوع، إن استمرار الإغلاق الحكومى قد يخفض النمو الفصلى للاقتصاد اﻷمريكى إلى صفر.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود قلق أوسع نطاقاً يتمثل فى الرسالة التى يبعثها الإغلاق الحكومي حول قدرة السياسين الأمريكيين على الحكم بفعالية في وقت تنخفض فيه المعنويات في الولايات المتحدة، موضحة أن اﻟﺗﺎرﯾﺦ الأمريكى يشير إلى أن معنويات اﻟﺷرﮐﺎت واﻷسر ستتراجع إثر هذا الإغلاق، ﻓﻘد اﻧﺧﻔض مؤشر ﺛﻘﺔ اﻟﻣﺳﺗﮭﻟك بحدة فى نهاية ﻋﺎم 2013 ﺑﺳﺑب اﻹﻏﻼق الحكومى آنذاك.