أبدى عدد من ممثلى المجالس التصديرية مخاوف من أن يشهد العام الجارى تراجعاً فى تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق الخارجية، خاصة فى اقتراب تحرير الحكومة لأسعار الطاقة والمتوقع أن يتسبب بدوره فى زيادة تكاليف الإنتاج ودفع الشركات لرفع الأسعار لتفادى تأثر هوامشهم الربحية.
بدايةً، أشار فاروق مصطفى، وكيل المجلس التصديرى لمواد البناء، إلى «حيرة» صناعات مواد البناء؛ بسبب تأثر تنافسيتها، خلال الفترة الأخيرة، بعد زيادة أسعار الطاقة، والحال سيتغير كلياً مع تحرير الأسعار الكلى المنتظر خلال العام الحالى.
أوضح «مصطفى»، أن صناعة السيراميك أحد أبرز مُستهلكى الطاقة، وتمثل تكلفتها بالنسبة للتكاليف الإجمالية نسبة تتراوح بين %35 و37، وارتفاع الأسعار المطرد منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى كبَّد القطاع قوته أمام منتجات الصين أثناء التصدير، وسوريا.
أضاف: «خفض أسعار الغاز عن السعر الحالى عند 7 دولارات فى المليون وحدة حرارية يدعم مضاعفة نتائج التصدير السنوية، والتى بلغت نحو 124 مليون دولار خلال أول 9 أشهر من 2018».
رفعت الحكومة أسعار الوقود 3 مرات منذ تحرير سعر صرف العملة الصعبة فى نوفمبر 2016، وكانت آخر زيادة فى يونيو الماضى بنسب تراوحت بين %17.5 و%66.6.
وفقاً لبرنامج مصر الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، ستُحرر الحكومة أسعار الطاقة كلياً، نهاية العام المالى الحالى، على أن يتم توفيرها للقطاعات الصناعية بالأسعار العالمية بعد ذلك.
لفت إلى تراجع الطاقات الإنتاجية فى المصانع، خلال العامين الأخيرين؛ بسبب ارتفاع التكاليف، وعدم القدرة على تسويق الإنتاج محلياً أو المنافسة فى الأسواق الدولية، وهذه خسارة فادحة لقطاع يعمل فيه 33 مصنعاً باستثمارات 15 مليار جنيه.
على صعيد مصانع الأسمنت، قال «مُصطفى»، إنَّ الارتفاع المتتالى بأسعار الطاقة حول مصانع الأسمنت حولها للعمل بالمازوت بدلاً من الغاز، ثم حولها مرة أخرى للعمل بالفحم المستورد، وفى الأخير تكبدت ضخ استثمارات كبيرة لتغيير أساليب العمل، ما أثر على نتائج الأعمال بالخسارة، وتحتاج لخفض الأسعار للقدرة على التسويق فى الدول المجاورة.
أضاف محمد مهران، رئيس شعبة دباغة الجلود فى غرفة القاهرة، أن أى زيادة فى الخدمات ستنعكس على تكلفة دباغة الجلود، وارتفاع الأسعار سيكون رد فعل طبيعياً.
أوضح أن صادرات الجلود ستكون من أكثر القطاعات تاثراً بتحرير أسعار الطاقة، خاصة أن «الجلود» تنازلت طواعية عن صرف المساندة التصديرية قبل ذلك لتوجيهها إلى مصانع قطاع المنتجات الجلدية والأحذية.
أشار إلى أهمية بقاء الدعم على المياه مثلاً بقيمة 4 جنيهات فى المتر، أسوة بالمناطق الصناعية لخفض تكلفة التصنيع، ورفع الأعباء عن المدابغ، خاصة أن تكلفة سعر متر المياه تصل إلى 9 جنيهات.
لفت إلى أن أسعار الجلود الموجهة للتصدير تخضع للأسعار العالمية، وبالتالى لن تستطيع المدابغ المصرية رفع أسعارها بنسبة مماثلة لارتفاع التكلفة، وفى الأخير ستتأثر الصادرات.
توقع محمد حبيب، مدير التصدير فى الشركة العالمية للمواد الاستهلاكية والأغذية «IFCG»، أن تتكبد الصناعات الغذائية زيادة فى التكلفة بين 10 و%15 بسبب «تحرير الطاقة».
أوضح أن زيادة أسعار الطاقة ستتراجع بالقوة التنافسية فى وقت يسعى فيه إجمالى الشركات لتحسين أوضاعها فى القطاع التصديرى خلال السنوات الأخيرة.
أشار إلى خروج العديد من أصناف الغذاء المصرى من التنافسية العالمية؛ بسبب ارتفاع أسعارها، ولن توجد لها فرصة للعودة قبل تراجع أداء الأسواق المنافسة فى الإنتاج والتصدير.
من جانبه، قال عبدالحميد الدمرداش، رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إنَّ تحرير أسعار الطاقة كلياً أصبح أمراً لا مفر منه، لكن يجب على الحكومة اتخاذ تدابير موازية لحماية القطاع من التراجع.
أشار إلى أن التحرير الكلى سيؤثر على إنتاجية الأراضى بارتفاع التكاليف، والتى تتضمن نقل العمال والمواد الخام وغيرها، وبالتالى ستكون الأرباح ضعيفة حتى إذا كانت العائدات مرتفعة.
أضاف هانى قسيس، رئيس شركة منترا للورق، أنَّ ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة أسعار الطاقة طبيعية، لكنها ستختلف من قطاع لآخر، وترتكن فى النهاية إلى الأسعار العالمية للمواد الخام وأسعار البترول، والتى تُعد متراجعة فى الفترة الأخيرة.
ذكر «قسيس»، أن الصناعة المصرية ما زالت بحاجة لخطة تنمية قوية، خاصة أن السوق كان ينتظر مضاعفة قيمة الصادرات بعد تحرير أسعار صرف العملة الصعبة فى 2016، قائلاً: «الضعف على أقل تقدير، لكن الأزمات حالت دون حدوث ذلك».