أصدرت وحدة إدارة الثروات فى بنك «كريدى أجريكول» تصورها عن الاستثمار فى 2019، وجاء بعنوان «جبل الديون الذى ينمو».
التقرير مثير فى طرح سؤال الديون وتطورها وقياس خطورتها، فمثلا، هل الدول الأفقر تقترض أكثر أم الدول الأغنى؟، والإجابة واضحة من قيمة ديون العالم أن القروض تُحب الدول الأغنى، والدول الأغنى تُحبها !!!.
على عكس الشائع بأن الدول الأفقر تحتاج للقروض، نجد أن قروض دولًا مثل أمريكا والصين واليابان تمثل %56 من حجم قروض العالم، فى حين أن نصيبها فى اقتصاد العالم يبلغ %38.
الدول الأغنى هى الأكثر اقتراضا فى العالم، بينما الدول الأفقر نصيبها من الديون فى العالم لا يتعدى %1 من حجم الديون العالمية، رغم أن نصيبهم فى الاقتصاد أعلى من ذلك.
الديون فى العالم بلغت 164 تريليون دولار، تُمثل %225 من حجم اقتصاد العالم، وهى أعلى نسبة تاريخيًا، وكإثبات أن الديون مرتبطة مع الثراء والنمو أكثر من ارتباطها مع الفقر، فنصيب الصين من الديون العالمية ارتفع من %3 إلى %16 فى السنوات العشر الماضية التى شهدت طفرات فى نموها بشكل عام، لكن الفارق بين الصين وأمريكا، هو أن نمو ديون الصين يخص الشركات الخاصة، بينما فى أمريكا والدول المتقدمة الأخرى كان النمو فى الديون الحكومية، والصين مثلا مسئولة عن ثلاثة أرباع النمو فى ديون الشركات، وديون الشركات تمثل %135 من حجم اقتصاد العالم، وديون الحكومات %90.
رغم أن ديون الشركات أكبر، لكن ديون الحكومات نمت بمعدل %34 منذ أزمة 2008، وبلغت ديون الحكومات فى العالم 63 ترليون دولار، ثلثها على الحكومة الأمريكية، و%82 من ديون الحكومات فى العالم تقع على عاتق 34 دولة متطورة اقتصاديا.
السؤال هنا هو «كيف يمكن تصنيف الديون الحكومية؟».. يرى تقرير وحدة إدارة الثروات فى بنك «كريدى أجريكول»، أن حجم الدين الحكومى إلى الناتج القومى مؤشر هام، وكذلك متوسط نصيب الفرد من الدين الحكومى وحجم الدين و نسبته إلى دخل الحكومة، فنجد أن أكبر 10 دول فى حجم الدين الحكومى إلى الاقتصاد ليس بينها الصين، لكن على رأس القائمة اليابان بحجم دين يمثل نحو %240 من الاقتصاد، ونصيب الفرد للدين هو الأعلى أيضا عالميًا بنحو 85.694 دولار، والصورة تزداد صعوبة حين ترى ديون الحكومة تمثل 3.73 ضعف دخلها.
يرى التقرير أن نسبة الديون لدخل الحكومة مهم جدا، وربما هو مؤشر على حاجة الدولة لزيادة الضرائب، ومتوسط 76 دولة هو حجم ديون يساوى 1.97 ضعف دخل الدولة بينما الرقم فى أمريكا مثلا 2.56 ضعف.
يعترف التقرير أن هناك قصوراً فى القياس الدقيق لديون الدول، مثلًا هذه الديون خلقت أصولاً داخل الدولة سواء ثابتة من طرق و كبارى أو تعليم وصحة، لكن لا توجد دولة فى العالم تنشر ميزانيتها كأنها شركة، باستثناء نيوزيلاند التى تنشر تقرير تفصيلى أصول وخصوم الدولة والأفراد والشركات داخل الدولة، لكن هناك بعض التقارير المنشورة عن أسهم وشركات وأصول تمتلكها الدول المتقدمة، فمثلًا الديون الحكومية لليابان التى هى الأعلى فى الاقتصاديات المتقدمة تمثل %240 من حجم الاقتصاد تنخفض إلى %120 من حجم الاقتصاد بعض خصم أصول مملوكة لحكومة اليابان، ديون حكومة أمريكا تصبح %100 من اقتصادها.
على الناحية الأخرى تصبح دول مثل استراليا وكندا والدنمارك ونيوزلاند والنرويج وسنغافورة والسويد وسويسرا هى الأقوى ماليًا فى العالم، حيث أصول الدولة المالية المعروف قيمتها أكثر من ديون الدولة.
يرى التقرير أن هذا النمو الضخم فى الديون الحكومية للبلدان المتقدمة يُسبب مشكلة كبيرة بين السياسات المالية والنقدية، وواجب الحكومات المقترضة بكثرة هو زيادة الضرائب أو خلق نمو ضخم لزيادتها، ماذا لو هذه الحكومات لم تستطيع فعل ذلك؟ سيصبح العبء على البنوك المركزية، هل تُقلل الفائدة لتصبح الديون رخيصة ومتوفرة، الدولة قادرة على التعامل معها، أم ترى أن الديون ترفع التضخم ولا بد من رفع سعر الفائدة؟.
مالك سلطان
خبير الاستثمار المباشر