حكاية غريبة كانت حديث مجتمع الأعمال فى الأيام الماضية، وهى قرار تعيين وزير قطاع الأعمال السابق خالد بدوى عضو مجلس إدارة شركة عمار وسبب الغرابة والدهشة فى قرار تعيين الوزير بإعمار هو أن الوزير كان مسئولاً عن شركة النصر للإسكان احدى شركات قطاع الأعمال العام والتى هى فى نزاع مع شركة اعمار وصل إلى أن تقدمت النصر للإسكان بدعوى تحكيم ضد اعمار مطالبة بفسخ عقد تنفيذ مشروع المقطم وتعويض مليار جنيه عن تقاعس إعمار عن تنفيذ المشروع، الوزير عندما تولى منصبه طلب من شركة النصر سحب دعوى التحكيم ضد اعمار والاكتفاء بالحصول على 100 مليون جنيه تعويضاً، إلا أن مسئولى النصر للإسكان رفضوا رغم ضغوط الوزير السابق.
وما زال النزاع مستمراً، وبالطبع عندما علم الجميع بقرار تعيين الوزير السابق بإعمار أثيرت تساؤلات عن سبب تعيينه بإعمار وهل هى مجاملة لموفقه مع الشركة أم ماذا، ولماذا التعيين الآن والنزاع مازال مستمراً، ولم ينته، بالطبع الأمر يثير شبهات ولكن ما نقصده من سرد هذه الواقعة ليس اتهاماً لأحد، وإنما للتأكيد على أن قانون تعارض المصالح رقم 106 لسنة 2013 فى حاجة لتعديل عاجل فى أهمية زيادة المدة التى تفصل ترك المسئول الحكومى لمنصبه وبين العمل فى شركة أو جهة خاصة ليكن عاماً على الأقل وليس 3 أشهر كما جاء بالقانون الحالى، الأمر الثانى أن يكون هناك نص صريح للحصول على موافقة هيئة الرقابة الإدارية على العمل بشركة خاصة أو غيرها بما يضمن للرقابة الإدارية التأكد من عدم وجود ارتباط بين منصب الوزير أو المسئول وطبيعة عمل هذه الشركة بما يحقق لها استفادة على حساب المصلحة العامة التى كان الوزير السابق مسئولاً عنها، واذا كنا بالفعل نريد مكافحة الفساد مع التقدير للجهد الذى تبذله الرقابة الإدارية إلا أن تعديل مثل هذا القانون الذى يطبق عن كبار مسئولى الدولة بما يضمن النزاهة والشفافية ويحمى المصلحة العامة ويحمى كرامة ونزاهة المسئولين السابقين من شبهة تعارض المصالح واستغلال مناصبهم السابقة، وذلك بالإعلان عن موافقة الرقابة الإدارية على عمل المسئول السابق فى هذه الشركة أو غيرها، فهذا الإعلان يؤكد للرأى العام أن الهيئة قد اطمأنت لعدم وجود شبهة تعارض مصالح فى عمل المسئول السابق فى هذه الشركة أو غيرها وبالتالى لا تقع أى مسئولية على المسئول السابق إذا ما اتبع هذه الإجراءات للتأكيد أيضاً على نزاهته واحترامه للمصلحة العامة وللوظيفة العامة.
فإذا ما تمت كل هذه الإجراءات فلن يتحول الوزراء أو المسئولون السابقون إلى «مخلصاتية» للبعض، أو حتى لا تهرب أى شركة من الإعلان بشكل واضح عن تعيين الوزير الفلانى فى مجلس إدارتها مثلما فعلت اعمار، ولم تكتب اسم الوزير خالد بدوى بالكامل واكتفت باسم خالد محمد على، وذلك يعنى أن الشركة بعدم إعلانها الاسم الشائع للوزير السابق تريد أن تخفى خبر تعيينه بمجلس إدارتها خوفاً من القيل والقال.
وفى النهاية المشكلة ليست فى شخص الوزير أو المسئول السابق، المشكلة فى القوانين واللوائح التى تمنح وتمنع وتحظر وتعطى وتغلق وتفتح الباب أمام الفساد وشبهات الفساد.