شركات سعودية تمول خطط البحث عن الذهب فى قاع البحر الأحمر
التنقيب البحرى أقل ضراراً بالبيئة مقارنة بباطن الأرض
يقبع الروبوت باتنيا تحت سطح المحيط الهادى وهو الأول من نوعه الذى يمكنه الوصول إلى قاع البحر وذلك فى منطقة كلاريون كليبرتون على عمق 5 آلاف متر تحت المحيط لجمع بيانات عن قاع البحر حيث يتحرك بعناية ويلتقط المعادن الثمينة فى طريقه.
وتتميز هذه المنطقة بأن قاع المحيط فيها يتكون من قشرة أرضية ينتشر عبرها تريليونات من الوحدات المعدنية تكونت نتيجة عشرات الملايين من السنين من التراكم البطيء.
وحصلت شركات من اليابان وروسيا والصين وعشرات من الدول الأخرى على حقوق لاستكشاف المعادن فى منطقة كلاريون- كليبرتون، من المتوقع أن توافق السلطة الدولية لقاع البحار ISA على التعدين الفعلى الأول فى العام المقبل 2020.
وقدر جيمس هاين من هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية وزملاؤه فى عام 2012 فى ورقة بحثية أن منطقة كليفلاند تحتوى على كميات أكبر من النيكل والكوبالت والمنجنيز مقارنة بجميع الرواسب الأرضية المعروفة لتلك المعادن مجتمعة، ويتوقع البنك الدولى أن يزداد الطلب على صناعة البطاريات وغيرها من المنتجات القائمة على المعادن مع تنامى عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة بما يكفى للحفاظ على درجات الحرارة العالمية دون الحدود المنصوص عليها فى اتفاقية باريس بشأن المناخ.
وتملك كوريا واليابان والصين مشاريع بحثية تديرها الدولة تتطلع إلى تجريف الرواسب المعدنية من أعماق البحار باستخدام الروبوتات.
وقال كريس فان نيجين، الذى يدير جهود التعدين فى أعماق البحر فى شركة ديمى البلجيكية وهى شركة تجريف أثبتت بالفعل قدرا كبيرا من النشاط فى أعمال التنقيب وتبلغ إيراداتها نحو مليار يورو فى السنة أن الأساليب التقليدية فى التنقيب تحت البحر لن تجدى فى هذه المنطقة التى تصل فيه مستويات الضغط الجوى إلى 500.
وتجدر الاشارة إلى ان فكرة تعدين فى المنطقة ليست جديدة حيث شهدت السبعينيات من القرن الماضى رحلة بحثية لسفينة أبحاث بريطانية تسمى تشالنجر حيث كانت أول من جرف الأعماق السحيقة وقد حاولت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية التنقيب فى منطقة كليفلاند فى الستينات لكن مسارات ترسب المعادن لم تكن موثوقة بما فيه الكفاية واستخدمت خبرة لوكهيد فى مجال التعدين فى أعماق البحار فيما بعد فى عملية لوكالة المخابرات المركزية لاستعادة غواصة سوفيتية غارقت فى منطقة كليفلاند كونيتيكت عام 1968.
وفى ذلك الوقت كانت هناك تكهنات مفادها أن التعدين فى أعماق البحار سيتطور بسرعة بحلول الثمانينات لكن عدم وجود الطلب وبالتالى الاستثمار وضعف القدرات التكنولوجية والتنظيمية المناسبة عرقل حدوث ذلك. كما لم يتم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) التى أنشئت بموجب القانون الدولى حتى عام 1982 ولم تقم الولايات المتحدة بعد بالتصديق عليها وبالتالى لا يمكن أن تنطبق على نظام ISA الخاص بتصاريح التعدين فى قاع البحر.
وتقوم شركة ديمى البلجيكية حاليا ببناء بانتيا2 أو بي2 فى حوض بناء السفن فى أنتويرب ليتم إرساله إلى قاع المحيط الهادئ فى غضون الأشهر القليلة القادمة فيما كان بي1 عبارة عن جرار فى أعماق البحار فإن بي2 هو نموذج أولى متكامل فهو عبارة عن كاسحة مثبتة لها قوة تشبه الحصادة لتبتلع أطنان من الرواسب فى الدقيقة وستحصل على الطاقة التى تحتاجها للقيام بذلك من خلال وصلات مرتبطة عبر سرة سميكة فى سفينة أم تقف على سطح البحر فوقها، وستحمل هذه السفنية نتائج أعمال التنقيب.
ولإرضاء سلطة قاع البحار يجب التأكد من أن رواسب الحفر والطمى الناتج لن يدمر الحياة الطبيعية تحت المياه وستتم مراقبة العمليات من قبل سفينة أبحاث ألمانية بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وإذا نجحت بي2 فسيكون الوقت قد حان لبي3 والذى سيكون بحجم منزل صغير ولديه اثنان من المرافقين فيما يشبه الطائرات بدون طيار واحد للسير أمامه والآخر خلفه لرصد كمية الطمى دون الحاجة إلى سفينة الاتحاد الأوروبى وبعد ذلك سوف تقوم شركة ديمى ببناء سفينة سطحية متخصصة فى عام 2025 لتطوير أسلوب جديد لعمليات التعدين بتكلفة إجمالية قدرها 600 مليون دولار.
ولا تعتبر منطقة كلاريون كليبرتون الأرض الوحيدة تحت البحر التى وجدت نفسها فى مشهد يشبه اعمال المناجم حيث تقول شركة نوتيلوس الكندية إنها ستبدأ قريباً فى التنقيب فى قاع البحر فى منطقة بالقرب من بابوا غينيا الجديدة بحثًا عن الذهب والنحاس على الرغم من أن السفينة التى كلفت بها لهذا الغرض لم ينته تصنيعها بعد فى ترسانة صينية.
وتريد شركة منافع السعودية أن تستفيد من قاع البحر الأحمر الغنى بالمعادن خاصة الزنك والذهب، وفى شمال الكرة الأرضية هناك مشاريع لإزالة رمال الحديد قبالة سواحل نيوزيلندا وقشور المنجنيز قبالة سواحل فى جنوب آسيا باليابان. وتقوم شركة دى بيرز بالفعل باستخراج نسبة كبيرة من الماس من قاع البحر قبالة سواحل ناميبيا نظراً لأنه لا يمثل تحديا تقنيا للتقيب على عمق 150 مترا.
ويحتاج التنقيب فى قاع البحر إلى احتياطات كبيرة لكنه لا يمثل اضرارا مثل التعدين فى باطن الأرض الذى يؤدى إلى إزالة الغابات والنظم البيئية الأخرى من أجل الوصول إليها، ونقل مئات الملايين من الأطنان من الصخور للوصول إلى الخامات، وغالباً ما يخرج الناس المحليون والسكان الأصليون بشكل سيئ من الصفقات التى تتم بين عمال المناجم والحكومات. ومن المحتمل أن ينتج التعدين فى أعماق البحار خامات اقل جودة لكنه سيفعل ذلك دون التأثير على السكان.
كما ستنقل هذه الخامات مباشرة إلى السفن التى يمكنها نقلها مباشرة إلى مصانع المعالجة على أى ساحل فى العالم، بما فى ذلك تلك التى تستخدم الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، مما يقلل من أثر استخراج المعادن بشكل أكبر بعد أن شاهد العالم الدمار الذى أحدثه التعدين على الأرض.