الإنتاجية تتراجع مع تردد الشركات فى الاستثمار بقطاع التكنولوجيا
قالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إنه بمجرد أن أعلنت مجموعة “أس.كيه.أف” الصناعية السويدية فى ديسمبر الماضى، نيتها إغلاق مصنع”ستونهاوس” فى 2021 إثر الاضطرابات الناجمة عن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبى، فإن المجموعة سلطت الضوء على تيار خطير ربما يؤثر على اقتصاد البلاد فى الفترة المقبلة وهو الإنتاجية.
وأوضحت الوكالة، أن حالة عدم اليقين المحيطة بالخروج جعلت الشركات حذرة بشأن الاستثمار فى اﻷتمتة التى ربما تساعد فى تعزيز الإنتاجية، مشيرة إلى أن اللجوء للأتمتة أصبح الآن أكثر إلحاحا، وتتطلع الشركات البريطانية لمستقبل بعد الخروج من السوق الأوروبية المشتركة، فى ظل مواجهتها خياراً صعباً يتمثل فى إما مواكبة العصر أو الانتهاء.
ولا يتعلق اﻷمر بعمل البلاد بجد كاف، بل يتعلق بشكل أكثر بعدم العمل بذكاء كاف، ففى المتوسط كان العمال الفرنسيون يعملون لعدد ساعات أقل بنسبة 10% فى 2017، ولكن إنتاجيتهم كانت أعلى أثناء ذلك.
وتتسبب فكرة عدم عمل المملكة المتحدة بذكاء كاف في تخلف البلاد عن نظرائها اﻷوروبيين، وهذا ما أظهرته أيضاً البيانات التي جمعها الاتحاد الدولى للروبوتات، وهى مجموعة صناعية تناصر فكرة نشر معدات التشغيل الآلى للتصنيع،
ووفقاً لهذا الصدد، أعلنت مجموعة “أس.كيه.أف” إغلاق مصنع “ستونهاوس” ونقل الإنتاج إلى مواقع أخرى في إيطاليا وفرنسا، إذ يمكن للشركة هناك الاستفادة بشكل أفضل من الآلات وتكنولوجيات التصنيع الحديثة.
ووفقاً لمقياس يعرف باسم كثافة الروبوت، وهو مقياس يتتبع أعداد الروبوتات مقابل كل 10 آلاف عامل فى أحد الصناعات، تحتل المملكة المتحدة المرتبة الـ22 في العالم، فى حين تأتى ألمانيا فى المركز الثالث، مما يؤكد مقدار التحدى الذى يواجه طموحات أنصار الخروج لتعزيز مكانة المملكة المتحدة العالمية.
وقال الأستاذ المساعد في مركز أدنبره ﻷجهزة الروبوت، رام رامامورثى، إن المملكة المتحدة عليها الاستثمار فى التكنولوجيا الحديثة إذا أرادت منافسة نظرائها ممن يستثمرون فى هذا المجال، مشيراً إلى أن البلاد لا تقف عند نقطة اللاعودة، لكن الأمر سيستغرق جهداً مستمراً لتغيير الأمور ولن يحدث ذلك بين عشية وضحاها.
وتعد بريطانيا موطنا لأدنى معدلات النمو فى الإنتاج لكل ساعة عمل بين مجموعة الدول السبع، ففى الفترة بين عامى 2010 و2015 أصبحت معدلات النمو راكدة تقريبا عند نسبة 0.2% سنوياً، وهو ما يقل بكثير عن متوسط النمو طويل اﻷمد البالغ 2.4% بين عامى 1970 و2007، كما أنها تقل عن متوسط النمو فى فرنسا وألمانيا.
وتعد هذه المعدلات المنخفضة أمراً مثيراً للقلق بشكل خاص، لأن شركة “ماكينزى” للاستشارات قدرت أن 90% تقريباً من النمو الاقتصادى المستقبلى يجب أن يأتى من التحسينات التى تطرأ على الإنتاجية من أجل مواكبة معدلات النمو التاريخية.
وقال دان هانسون، الكاتب لدى شركة “بلومبرج إيكونوميكس”، إن بعض اﻷضرار التي لحقت باقتصاد بريطانيا لا يمكن التراجع عنها، حتى لو ظلت بريطانيا ضمن الاتحاد اﻷوروبى، معتقداً أن الخروج يمكن أن يفسر نحو ثلث اﻷضرار الاقتصادية، بينما تعكس بقية اﻷمور ضعف الإنتاجية المستمرة والمثيرة للدهشة فى البلاد.
ويرجع ذلك جزئياً إلى سوق العمل الأكثر مرونة فى بريطانيا، ففى أعقاب الأزمة المالية العالمية بدأت الشركات البريطانية موجة توظيفية يعززها سهولة الوصول إلى الملايين من العمال ذوى اﻷجور الرخيصة في المقام الأول من الدول الشرقية اﻷكثر فقرا الواقعة ضمن الاتحاد اﻷوروبى، مثل بولندا.
وأوضحت “بلومبرج”، أن هذا اﻷمر لم يخلق فقط ضعف انتعاش الاستثمار، مع انخفاض الإنفاق فى مجالات مثل المعدات، ولكن قد يثبت عدم استدامته إذا نجحت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في نهاية الأمر، في تحقيق هدفها من الخروج المتمثل فى تقييد حرية العمال للاستقرار فى المملكة المتحدة.
وتشير الحجة المؤيدة للخروج، إلى أن الإنتاجية قد تستفيد من ذلك، لأن الشركات لن تتمكن بعد الآن من الاعتماد على العمالة الرخيصة وستُجبر على الاستثمار في الروبوتات والعمل الأكثر ذكاء.
وقال الخبير الاقتصادي لدى بنك “يو.بي.أس ويلث مانجمينت”، دين تيرنر، إن الإنتاجية لا تزال القضية رقم واحد في المملكة المتحدة على المدى المتوسط، فهذا هو النطاق الذي يجب أن تضع فيه الحكومة والسياسات الصناعية تركيزها حقاً إذا كانت المملكة المتحدة ستعوض بعض التأثيرات السلبية المحتملة لمغادرة الاتحاد الأوروبى.