جهات تدرس الفكرة ومخاوف من جلب تعقيدات القطاع المصرفى إلى البنوك الجديدة
تكلفة التشغيل والأموال والسماح لأفراد بمساهمات أهم التساؤلات
قوبل تصريح محافظ البنك المركزى طارق عامر بدراسة البنك إعطاء رخص لتدشين بنوك «تير تو» لمعاملات الشركات الصغيرة، بترحيب مشوب بالحذر من غموض آلية تطبيق الفكرة فى مصر.
وكان عامر قد قال فى تصريحات صحفية يوم الأحد، إن البنك المركزى يدرس حاليا فتح الباب لدخول نماذج جديدة من البنوك التى تتعامل فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولها هيكل مختلف عن البنوك التقليدية وموجودة بالخارج تسمى بنوك «تير تو».
وتلك البنوك عبارة عن شركات تقوم بتقديم التمويلات الصغيرة والحصول فى نفس الوقت على ودائع صغيرة.
ويعد قبول الودائع مطلبا قديما لعدد من مقدمى خدمات التمويل الصغير ومتناهى الصغر فى مصر لتقليل تكلفة التمويل. وحاليا يعتمد مقدمو خدمات التمويل الصغير على القروض البنكية أو القروض منخفضة التكلفة من مؤسسات التمويل الدولية لتوفير التمويل لعملياتهم فى السوق.
لكن برغم ذلك تقول هذه المؤسسات الآن إن ما أعلنه محافظ البنك المركزى يحتاج إلى الكثير من التفاصيل حتى يمكنها الغائبة حتى يمكنها تحديد ما إذا كانت ستستفيد من هذه الخطوة أم لا.
وقال مسئول سابق بهيئة الرقابة المالية إن هناك تفاصيل عديدة تتطلبها خطوة تدشين بنك للشركات الصغيرة والمتوسطة «تير تو» بالإضافة إلى أن هناك مخاطر وتحديات لابد من التغلب عليها قبل اتخاذ خطوات فعلية، ومنها التكاليف الضخمة التى تطلبها إدارة أموال المودعين، والتجهيزات اللازمة للتوافق مع النظام البنكى وقواعده وضوابطه وهو ما يستلزم تكلفة ليس بالقليلة.
وأضاف أن دخول كيانات جديدة للانضمام للقطاع البنكى لابد عليها أن تدخل حلبة المنافسة من خلال سعر فائدة منافس على الأموال، وكذلك تكلفة إقراض محفزة وهى معادلة فى غاية الصعوبة.
وتخوف المسئول السابق من أن الفكرة قد تجعل عملية إتاحة التمويل للشركات الصغيرة أكثر تعقيدًا، فى حال طبقت على تلك البنوك قواعد تنظيمية مشابهة لتلك المطبقة فى القطاع المصرفى حاليا.
وأشار إلى أن القطاع المصرفى بوضعه الحالى يستطيع أن يقدم الخدمات التى ينتظر أن تقدمها بنوك «تير تو» خاصة البنوك المتخصصة.
ومن جانبه قال مسئول بشركة للتمويل متناهى الصغر إنه مازال من المبكر اتخاذ قرار بشأن إمكانية طلب رخصة بنك «تير تو».
وقال إنه رغم أن الودائع هى أرخص مصدر للحصول على تمويل إلا أن النجاح فى إدارتها وتحقيق أرباح منها يتطلب التوافق مع معايير وضوابط ليست بسيطة، متوقعا أن يكون هناك تفاصيل واشتراطات من جانب البنك المركزى تسهل اتخاذ القرار من عدمه.
وأشار مسئول بجمعية رجال أعمال الإسكندرية التى تعد أكبر مقرض لقطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، إلى إن التحول إلى بنك متخصص فى تمويل المشروعات الصغيرة فرصة جيدة للجمعيات الكبيرة التى لديها بنية تشغيلية سليمة وقطاعات مخاطر وفروع منتشرة.
أوضح أن العائد من تأسيس بنك يتمثل فى خفض تكلفة الأموال عبر تلقى الودائع، وتقليل حلقات نقل التمويل لتصبح بين الجمعية والعميل، بدلًا من مرورها على البنك الوسيط الذى يضع بدوره هامش ربحه وتكلفة تشغيله وتكلفة المخاطر، مشيرًا إلى أنه فى المقابل ستواجه الجمعية بعد تحولها إلى بنك تكلفة ضخمة خاصة وأنها ستظل لمدة عام أو عام ونصف العام ملتزمة بسداد خصوم قديمة مرتفعة التكلفة لذلك العائد سيأخذ وقتًا أطول لظهور أثره.
كما أن تكلفة التشغيل سترتفع بشكل لحظى نتيجة استحداث بنية تكنولوجية أقوى وتجهيزات أفضل للفروع وتأسيس قطاعات أخرى للمخاطر والخزينة.
ونوه إلى أن آليات عمل تلك البنوك يجب أن تراعى صغر حجمها وضرورة دعمها عبر تقليل نسب الاحتياطى الالزامى ومساعدتهم فى الوصول لتمويل منخفض التكلفة من المؤسسات الدولية.
وعلى الجانب الآخر ثمن مستثمرون الفرص المتاحة لدخولهم القطاع البنكى بعد تصريحات محافظ البنك المركزى بالسماح لتدشين بنوك غير تقليدية متخصصة فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأضافوا أنها فرصة جيدة لضخ استثمارات جديدة على شكل مساهمات فى بنوك «تير تو»، متوقعين مساهماتها فى رفع قدرة الاقتصاد وزيادة الإنتاجية لتلبية الاحتياجات المحلية والتصدير.
وقال وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إن إمكانية دخول الأفراد كمساهمين فى البنوك المنتظر دخولها مصر الفترة المقبلة، مرهون بموافقة البنك المركزى، وهو ما يُتيح فرصًا أقوى فى قاعدة التمويل.
وأضاف أن التحدى الأكبر أمام هذه البنوك ارتفاع التكلفة على الأموال فى السوق حاليا والرغبة المتزامنة فى إتاحة قروض ميسرة ومحفزة للقطاع الصغير والمتوسط، قائلًا: «القروض الميسرة لن يرفضها أحد وسيتهافت الجميع عليها، لكن الفائدة المنخفضة على الأموال ستواجه صعوبات دون تقديم البنك المركزى حوافز لها مثل الإعفاء من الاحتياطى الالزامى».
قال محمد سعد، محلل البنوك فى شعاع كابيتال، إن تصريحات محافظ البنك المركزى تكشف عن 3 محاور الاولى أن رأس المال الأقل وهيكل البنك مختلف والتنظيمات مختلفة وهو أمر جيد بشكل مبدئى.
أضاف أن آليات عمل هذه البنوك يجب أن تتسم بالمرونة التى تمكنها من زيادة حجم القروض والتعامل مع الشريحة المستهدفة مع تطبيق قواعد تحفظ أموال المودعين.
وذكر أن تحدى ارتفاع تكلفة التشغيل لن يكون كبيرًا أمام شركات التمويل متناهى الصغر أو البنك التى قد تؤسس وحدات تابعة لتمويل هذه المشروعات.