المكسيك ورواندا وتايلاند نماذج لنتائج أفضل بتكلفة منخفضة
10 ملايين نسمة يمكن إنقاذ حياتهم سنوياً بفضل كفاءة إدارة الموارد
يعنى إنفاق المزيد على الرعاية الصحية بطريقة أكثر حكمة أنه يمكن إنقاذ ملايين الأرواح البشرية وهو ما يعنى ضرورة أن تصبح الرعاية الصحية شاملة فى كل مكان وسيكون على السياسيين التصرف بشكل أكثر جرأة بدون النظر للحسابات الانتخابية.
وفى عام 2013 جادل فريق من الأطباء وخبراء الاقتصاد الصحى فى مجلة “لانسيت” بأنه من الممكن تحقيق تقارب كبير خلال العقدين المقبلين إذا أنفقت الحكومات المزيد على الصحة بحكمة أكثر، مما سينعكس على معدلات الوفيات فى الدول الأكثر فقراً بالانخفاض إلى نسب قريبة من تلك التى تشهدها البلدان ذات الدخل المتوسط الأفضل صحة، ومن شأن ذلك أن ينقذ حياة 10 ملايين شخص فى السنة.
وفى عام 2002 أصبح برنامج تايلاند نموذجاً للبلدان الأخرى التى تحاول توسيع نطاق التغطية يبين أن الرعاية الصحية الشاملة يمكن أن تكون ميسورة التكلفة إذا فكر صانعو السياسة بعناية بشأن كيفية إنفاق الموارد النادرة، وهذا يدل على قوة التأمين الصحى لتحقيق سحر المؤشرات لمساعدة الملايين من الناس، كما قال ونستون تشرشل.
وما يقرب من 10% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى ينفق على الرعاية الصحية وفقاً لأحدث البيانات من منظمة الصحة العالمية، وتنفق البلدان الغنية ما معدله 12%، فى حين أن أمريكا تفوق ذلك بكثير أما البلدان ذات الدخل المتوسط بما فى ذلك الصين تنفق 6% وذات الدخل المنخفض أقل من 6%.
و فى البلدان المتقدمة يأتى 60% من الإنفاق الصحى من مصادر حكومية وفى الاقتصادات الفقيرة يقل الرقم لحوالى 40%، ومع نمو الاقتصادات ووجود حكومات قادرة على تخصيص المزيد من الموارد للصحة، فإن حصة الفرد من الإنفاق الشخصى على العلاج تنخفض عادة.
وأكثر من 110 دولة لديها الآن نوع من نظام التأمين الصحى الاجتماعى، ومع ذلك، فإن معظمها غير مكتمل، لذا يتعين على المستخدمين استكمالهم بمدفوعات من جيبهم الخاص أو اللجوء للتأمين الخاص، وفى أجزاء من أفريقيا، تتوسع مثل هذه المخططات الخاصة بسرعة مع توسع شركات الاتصالات فى الرعاية الصحية.
وتقدم شركة “بيما” وهى مزود خدمة اتصالات فى غانا، من بين دول أخرى برامج تأمين تعوض المستخدمين عن تكاليف المستشفيات وأقامت مؤخراً خدمة العرض على طبيب عن بعد الخاصة بها.
وفى كينيا، حيث يتم دفع نصف تكاليف الرعاية الصحية من جيب المرضي تقدم شركة “تى – تيبا” التى تعنى الرعاية باللغة السواحلية حساباً صحياً متنقلاً مخصصاً للهاتف، مما يسمح للأشخاص باستخدام هواتفهم فى إيداع النقود والدفع لمقدمى الخدمات المعتمدين.
وتظهر هذه الخدمات الجديدة، أن هناك تلبية لطلب الرعاية الصحية خاصة بين العمال غير الرسميين، ومع ذلك، فإن الاعتماد على التأمين الطوعى الخاص والمدفوعات من الجيب لن يؤدى إلى تحقيق التغطية الشاملة فى أى بلد وفقاً لتقرير نشره عام 2015 معهد الابتكار الصحى العالمى فى “إمبريال كوليدج” فى لندن.
وفى البرامج الطوعية يشترى فقط المرضى الكثير من التأمين حسب سعر الخدمة وحاجتهم ما يعنى أن الأصحاء والشباب يعزفون غالباً عن طلب الخدمة وهذه الديناميكية أصابت النظام الصحى فى الولايات المتحدة، فضلاً عن الدول الأفقر.
والمشكلة أن برامج الرعاية الصحية الشاملة تحتاج إلى الأغنياء والشباب والأصحاء لدعم الفقراء والمسنين والمرضى، لأنهم يدفعون اشتراك مناسب ويحصلون على خدمة أقل نظراً لحالتهم الأفضل غالباً.
ويعد أفضل نهج حالياً هو تغطية عدد أكبر من الناس لكن مع بداية نطاق محدود من الخدمات الأساسية، وفى عام 2004، قدمت المكسيك نظام “سيجورو” الشعبى، وهو برنامج يغطى 50 مليون شخص فى القطاع غير الرسمى.
وتشير الدراسات إلى أن البرنامج خفض بشكل كبير عدد المكسيكيين الذين يواجهون تكاليف صحية كارثية وساهم فى انخفاض معدل وفيات الرضع.
رواندا مثال آخر، فأكثر من 90% من سكانها لديهم تأمين صحى ومعظمهم بموجب سياسة برامج الصحة التعاونية التى تمنحهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية المجتمعية، بالإضافة إلى العديد من العلاجات التى يمولها الدعم الخارجى بشكل جزئى، ومعظم الزيارات تنطوى على دفع اشتراك صغير وهناك نظام فئات من الأقساط مع إعفاءات لأفقر الناس.
وقد ساعد البرنامج فى خفض النفقات من الجيب وتحسين النتائج الصحية، فبين عامى 2000 و2011 فعلى سبيل المثال، انخفض معدل الوفيات بسبب السل من 50 إلى 14 لكل 100 ألف شخص.
وفى تايلاند حل نظام التغطية الشاملة محل برنامجيين لفقراء الريف وللعمال غير الرسميين واليوم 98% من التايلانديين لديهم تأمين صحى ورافق هذا البرنامج إصلاحات مثل حوافز للأطباء للعمل فى المناطق الريفية ودفع مبالغ إضافية للمستشفيات لتولى رعاية المرضى.
والأهم من ذلك هو أن برنامج تايلاند لتدخلات الصحة وتقييم التكنولوجيا، وهى هيئة شبه حكومية، يحلل فعالية تكلفة العلاجات فضلاً عن ضمان التعامل مع حالات السرطان بشكل متعاطف.
وعلى الرغم من التغطية المتزايدة لا تزال تايلاند تنفق 4% فقط من ناتجها المحلى الإجمالى على الصحة، على نفس المستوى الذى كانت عليه قبل 20 سنة أى أن نفس معدل الإنفاق فى الماضى والحاضر لكن الإدارة الجيدة للموارد ساهمت فى طفرة النتائج، وحالياً يكلف الفرد سنوياً القطاع الصحى حوالى 220 دولاراً.