إبراهيم: استمرار الرسوم المرتفعة على الخامات يفتح الباب أمام «المستورد»
الشيخ: %40 تراجعاً فى الطاقة الإنتاجية بعد انكماش الطلب
رغم كثرة الأزمات التى تحاصر منطقة شق التعبان، والمتمثله فى غياب المرافق والخدمات والطرق الممهدة بجانب صعوبة تقنين أوضاعهم لارتفاع سعر متر الأرض، استطاعت المنطقة أن تصنف فى المرتبة الرابعة ضمن أكثر المناطق تصديرا للرخام فى العالم، لكن التغيرات السعرية التى طرأت على مستلزمات الإنتاج فى الفترة الأخيرة بسبب تغير القوانين وقرارات الإصلاح الاقتصادى وتسببت فى توقف عدد كبير من المصانع عن التصدير بسبب ضعف قدرتها التنافسية.
وبحسب أصحاب المصانع، فإن المنطقة كانت تصدر لنحو 118 دولة قبل عام 2016، أما حاليًا فإنتاجها يوزع على 70دولة، بعد خروج دول كثيرة منها الدول العربية (ليبيا ولبنان والسعودية) وبعض الدول الأوروبية.
واتفق أصحاب المصانع، على أن التراجع جاء نتيجة حزمة الاجراءات التى اتخذت، فى مقدمتها إلزام المحاجر بدفع رسوم إضافية وصلت إلى 300 ألف جنيه للمحجر الواحد، الأمر الذى انعكس على السعر النهائى للمنتج، وأدى إلى ضعف قدرته التنافسية، بجانب قرار وزير الصناعة اللبنانى عام 2017 بوقف استيراد الرخام المصنع من مصر بغرض حماية منتجها المحلى.
قال أحمد إبراهيم صاحب ورشة لصناعة الرخام والجرانيت بمنطقة شق التعبان، إن %90 من المحاجر رفعت أسعار منتجاتها لأكثر من %200 بعد تطبيق زيادات اللائحة الجديدة.. الأمر الذى دفع الصناع إلى زيادة السعر النهائى للمنتج بنسبة %100، وبالتالى ضعف حركة الشراء داخل المنطقة.
أضاف لـ «البورصة»، أن استمرار الدولة فى فرض رسوم على المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، دفع عدداً كبيراً من أصحاب المصانع بالمنطقة إلى وقف نشاطهم والتوجه إلى الاستيراد بدلاً من التصنيع، لانخفاض سعر المنتجات المستوردة %40 عن مثيلها المحلى.
وأوضح أن استخدام التكنولوجيا فى الصناعة من جانب الدول المصدرة، أكسب المنتجات المستوردة أشكالاً جديدة، وأصبحت مرغوبة لدى السوق المحلى أكثر من المنتج المصرى.
كشف إبراهيم، أن المنتجات المستوردة تمثل حاليًا أكثر من %25 من المعروض بالمنطقة، وهذه الظاهرة لم تكن موجودة قبل عام 2011، لكنها بدأت الانتشار بعد ارتفاع أسعار السولار وزيادة مستلزمات الإنتاج وفرض أنواع جديدة من الضرائب على أصحاب الورش والمصانع.
وطالب إبراهيم، الحكومة بسرعة التدخل ودعم الصناعة المحلية بدلاً من تحميلها بمزيد من الأعباء فى الفترة الحالية حتى لا تتلاشى كغيرها من الصناعات الأخرى التى كانت مصر رائدة فيها، وانهارت بسبب تلك الممارسات.
ارتفعت القيمة الإيجارية والإتاوة للمحاجر من قيمة المنتج «أرض المحجر»، فارتفعت من 3 إلى %16 وفقاً لأسعار 2014 إلى نسبة تتراوح من 22 إلى %180 وفقاً للائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية، وتختلف الزيادة بواقع (%56 للرخام، %23 للزلط، %180 للرمل الزجاجى، %60 للجرانيت، %60 للجبس، %35 للطفلة). بحسب مذكرة التعديلات التى قدمتها غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، والتى تضمنت مقارنة بين تكاليف إيجارات وإتاوات المحاجر عقب تطبيق الأسعار المقررة باللائحة لنفس المساحات والكميات.
وينتج عن ذلك زيادة أسعار بيع المنتجات المحجرية بما لا يقل عن %20 لمعظم المنتجات بنسبة %43 للرخام، %17 للزلط، %164 للرمل الزجاجى، %50 للجرانيت، %44 للجبس و%20 للطفلة.
وقال بلال الشيخ، صاحب مصنع للرخام والجرانيت، إن المصنع رفع أسعار جميع المنتجات بعد إقدام أصحاب المحاجر على زيادة أسعار الكتل، وهو ما أدى إلى خروج شريحة كبيرة من السوق المحلى.
أضاف أن المستهلكين أعادوا ترتيب أولوياتهم بعد ارتفاع أسعار جميع السلع مع ثبات معدل الدخل، والرخام والجرانيت ليس من ضروريات الحياة وهو ما دفع المستهلك إلى اسقاطه من أولياته فى الفترة الحالية، وأشار الشيخ، إلى أن أسعار الخامات التى تورد إلى المصنع تختلف من محجر لآخر.
وتعتبر محاجر جبل الجلالة، وأسوان، والمنيا، والعين السخنة من أعلى الخامات الموجودة، نظرًا لجودتها العالية وصلابة الخامات التى تتحمل عمليات التصنيع مقارنة بالأنواع الأخرى التى تتفتت بمجرد وضعها تحت المنشار.
أضاف أن تراجع الطلب على المنتج أدى إلى خفض الطاقة الانتاجية لمصنعه بنحو %40 حاليًا مقارنة بعام 2014، إضافة إلى توقفه عن التصدير نهائيًا واقتصار إنتاجه على السوق المحلى.
وأشار إلى أن المصنع كان يصدر إلى لبنان وليبيا، لكن وقف تصدير الرخام إلى لبنان بموجب قرار حكومى هناك، أثر بالسلب على إنتاجية مصانع المنطقة، نظرًا لأن %35 من الإنتاج كان يوجه للسوق اللبنانى.
أوضح أن صناعة الرخام والمحاجر صناعة مرتفعة المخاطر، وتحتاج إلى تحفيز من الدولة للعمل فيها، سواء افتتاح مدارس فنية لهذه المهنة أوادخال تكنولوجيا جديدة تساعد الصناع على التطور.
وتابع: «ظروف العمل غير ملائمة للعمال، حيث يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة طوال اليوم، والحكومة لابد أن تلتفت لذلك».
قال الشيخ، إن الصناع فى منطقة «شق التعبان» طالبوا محافظة القاهرة كثيرًا بتفعيل خطة التطوير التى وضعتها للمنطقة عام 2002، والتى تتمثل فى رصف الطرق وتوصيل المياه والكهرباء إلى جميع المصانع، لكنها لم تتلق رداً منها حتى الآن.
وكشف أن الحكومات المتعاقبة تتحدث عن تطوير المنطقة منذ عام 1997 ولم تنفذ نحو %10 من الهدف المعلن. وكان من المفترض توصيل المرافق والخدمات عام 2004، إلا أن المشروع توقف فى 2003 لأسباب غير معلومة.
وأوضح أن المنطقة لايوجد بها سوى نقطة مطافئ واحدة، بالإضافة إلى وحدة إسعاف.. الأمر الذى يدعو للتعجب من كلام المسئولين عن التطوير رغم وجود قصور شديد فى الخدمات، وتطوير المنطقة أصبح حلماً للمستثمرين.
أشار الشيخ، إلى أن الحكومة تطالب المستثمرين بدفع 1800 جنيه للمتر، حتى يتم تقنين أوضاعهم، الأمر الذى يتعارض مع طبيعة المشروعات العاملة فى المنطقة، إذ أن %95 من المصانع والمعارض والورش الموجودة بها تصنف على انها ضمن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بمعنى أن رأسمال المشروع بمعداته يتراوح بين 20 و30 مليون جنيه فى حين أن المبلغ المطلوب للتقنين يصل إلى 10 و14 مليون جنيه للمساحات المتوسطة.
وأضاف: «المصانع تدفع للمحاجر نحو 70 ألف جنيه سنويًا، بجانب شرائها المياه بسعر 400 جنيه للجرار، فضلاً عن ارتفاع أسعار الكهرباء، والتى قد تصل إلى 90 ألف جنيه شهرياً».
وقال مصطفى نصور رئيس شركة الفتح للرخام والجرانيت ، إن الإقبال على الشراء انخفض إلى أقل من %50، مقارنة بفترة ما قبل تعويم الجنيه، بجانب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وهى (أجور العمال، والخامات، وتكاليف النقل، والبنزين، والكهرباء، وأسعار عربات المياه التى نقوم بشرائها).
أضاف لـ «البورصة»، أن أسعار الرخام ارتفعت 3 أضعاف، فسعر المتر ارتفع من 15 جنيهاً إلى 45 جنيهاً سعر المصنع، ويباع للمستهلك بـ70 و80 جنيهاً بعد زيادة المصروفات ووضع هامش الربح، وهذا ما أدى إلى تراجع الطلب من قبل التجار نتيجة ضعف السحب من المستهلك.
وأوضح أن أسعار الرخام غيرموحدة، فكل قطعه تختلف عن الأخرى بحسب الحجم والنوع، إذ تبدأ الأسعار للقطعة الواحدة من 2000 جنيه وحتى 5 آلاف جنيه.