الإرادة السياسية لحكومات القارة السمراء تحسم تفعيل اتفاقيات التعاون
اتخذت أفريقيا الخطوة العملاقة فى إنشاء سوق كبيرة ومتكاملة من خلال إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية فى مارس 2018 بقمة كيجالى برواندا وفى نوفمبر من نفس العام كان للاتفاقية 49 توقيعاً و12 تصديقاً من برلمانات تشاد وكوت ديفوار ومملكة اسواتينى وغانا وغينيا وكينيا ومالى والنيجر ورواندا وسيراليون وجنوب أفريقيا وأوغندا، وعلى الرغم من أن هناك ما لا يقل عن 22 تصديقاً مطلوباً لبدء نفاذ الإتفاقية، إلا أن الدعوة مستمرة فى دفع جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقى إلى الدخول حتى يتسنى لهم الحصول على سوق متكامل بحق يزيل تمامًا النمط التاريخى لصغر التبادل التجارى وحالة العزلة جراء تجزئة اقتصاداتها وافتقارها إلى القدرة التنافسية، ويوجد طيف واسع من أصحاب المصلحة ينتظرون الاتفاق بما فى ذلك النساء والشباب والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والأكاديميين والبرلمانيين والشركاء المتعاونين.
ويستمر العمل التحضيرى لتشغيل السوق فى مجالات مثل وضع قواعد بلد المنشأ، وتحرير التجارة فى السلع والخدمات، وإنشاء أنظمة المدفوعات والتسويات الرقمية، كما يجرى وفقاً لتقرير معهد “برويكنجز للأبحاث” تطوير سلاسل القيمة الإقليمية لتزويد السوق وربط أفريقيا بسلاسل القيمة العالمية.
ويتمثل التحدى الأكثر أهمية الذى يواجهه تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العام الجارى والتجارة المزدوجة بين البلدان الأفريقية بحلول عام 2022 فى إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، كما تعيش التجربة الأفريقية تحدياً من نوع آخر يتمثل فى تحقيق نتائج مفيدة للجميع، نظراً إلى أن الاتفاقية ستكون متنوعة من أقل البلدان نمواً والبلدان غير الساحلية والجزر الصغيرة ودول الوسط الأدنى والبلدان متوسطة النمو فضلاً عن البلدان التى تشهد نزاعات.
ويوجد تحدى آخر عانت منه المحاولات السابقة للوحدة الأفريقية وهى غياب الإرادة السياسية، إلا أن نجاح التفاوض حول الاتفاقية كان أفضل رد على المشككين فى الجدوى منها، لكن الافتقار للقدرة الجماعية على تنفيذها فى عصور سابقة يضع الإرادة السياسية والشعبية موضع اختبار فى السنوات المقبلة حيث تحتاج الاتفاقية إلى جهود قوية ومركزة ومرونة كافية لتوليد نتائج ملموسة تمكن الجميع من مواجهة هذه التحديات وغيرها.
وتقوم خطط تنفيذ اتفاق التجارة الحرة على نحو يبدأ بقيام الدول الأعضاء بصياغة وتنفيذ استراتيجيات تمهد محلياً لتطبيقه ومن ثم يتنتقل الخطط إلى المستوى الإقليمى ليتخذ الإتحاد الإفريقى إجراءات لكسر الحواجز وتحسين تدفق السلع وحركة الأشخاص ورؤوس الأموال، وعلى سبيل المثال يجرى تنفيذ اتفاقية تيسير التجارة لمنظمة التجارة العالمية من خلال استراتيجية تسهيل التجارة لدى دول القارة لجعل أفريقيا منافساً عالمياً أفضل.
وأطلق الإتحاد الأفريقى فى يناير 2018 سوق النقل الجوى الأفريقى الوحيد وفتح باب التوقيع على بروتوكول معاهدة إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص وحق الإقامة وحق تأسيس الشركات.
ويجرى العمل على الانتهاء بحلول عام 2020 من التفاوض بشأن البروتوكولات المتعلقة بالاستثمار والمنافسة وحقوق الملكية الفكرية ومن خلال هذه الخطوات يتم التمهيد لتفعيل اتفاق تحرير التجارة البينية ليصبح سلم صاعد نحو سوق داخلية خالية من الحواجز المادية أو التقنية أو المالية.
وتوقع التقرير، أن ينجح هذا الاتفاق فى تجاوز تحدياته بمسار سريع يسبق الخمس سنوات لدخوله حيز التنفيذ وستستفيد الدول فى مراحل الاتفاق الأولية من سيادة أفريقيا الموحدة وتجارتها الموسعة، مما يدعم الثقة فى أن هذا الاتفاق التاريخى سيوفر سبل عيش كريمة لجميع الأفارقة بما يتماشى مع جدول أعمال استراتيجية 2063.