كل 10% انخفاضاً فى قيمة الجنيه ترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلى 3%
قالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية فى تقرير حديث لها، إن تحسن أداء الموازنة العامة للدولة سيكون كافيًا لوضع نسبة الدين الحكومى على المسار الهبوطى خلال الفترة المقبلة، وناقشت فى ورقة لها تأثير ذلك على مستويات الفائدة على الدين الحكومى التى قالت أنها ستنخفض فى هذه الحالة، بما يدعم رؤيتها لأداء الاقتصاد بشكل أفضل مما يتوقعه معظم المحللون خلال السنوات المقبلة.
وقالت إن المالية العامة فى مصر واحدة من أكبر نقاط ضعف الاقتصاد وبصورة أكبر بعد 2011، فالحكومات المتعاقبة لجأت للتوسع فى الإنفاق المالى لتفادى الاضطرابات الاجتماعية، وضعف النمو الاقتصادى، ما أدى لتضخم فاتورة الأجور والدعم ليصل عجز الموازنة إلى 12.9% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2012-2013، كما قفز الدين الحكومى كنسبة إلى الناتج المحلى الاجمالى من 75% خلال العام المالى 2011-2012 إلى أكثر من 100% خلال العام المالى 2016-2017، لكن الحكومة الحالية احرزت تقدمًا، فتحول عجز الميزان الأولى إلى فائض لأول مرة فى عقدين، وتستهدف الحكومة الوصول به إلى 2% من الناتج المحلى الاجمالى، كما بدأت نسبة الدين العام فى التراجع.
وقالت إن الحكومة واجهت عدة تحديات، فرغم تقديم ضريبة القيمة المضافة فى 2016، لكن الزيادة فى ضرائب السلع والخدمات، قابلها انخفاض فى ضرائب الارباح والدخل تعكس الانخفاض فى ضرائب البنك المركزى، وعلى جانب الإيرادات التهمت الزيادة فى أسعار المنتجات العالمية الوفورات الناتجة عن خفض الدعم عن المحروقات، وتنقية البطاقات التموينية.
كما أن فاتورة مدفوعات الفوائد الحكومية ارتفعت لتعكس الزيادة فى العائد على السندات والأذون
فى سياق انخفاض قيمة العملة ورفع الفائدة 7% منذ التعويم، لكن فاتورة الأجورة المتناقصة السبب الأكبر فى تحسن اداء الميزانية العامة للدولة على مدى العاميين المقبليين، بنحو 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال التقرير، إن هناك عدداً من المخاطر قد تحد من قدرة الحكومة على خفض الدين العام، أولها ارفاع أسعار الوقود عالميًا فكل 10 دولارات زيادة فى سعر البرميل يرفع الانفاق عليه 0.4% من الناتج المحلى الاجمالى، وذلك لحين التحول نحو آلية تسعير الوقود التلقائى.
وذكرت أن الخطر الثانى هو احتمالية تجدد الحراك الاجتماعى نتيجة الوضع السياسى الراهن، خاصة أن الفشل فى رفع معدل نمو الاقتصاد على المدى الطويل وخفض البطالة المرتفعة قد يؤدى إلى ضعف النظام.
وأشارت إلى انه من الخبرات السابقة فى حال تجدد الغضب الشعبى سيكون اول رد فعل للحكومة هو التوسع فى الإنفاق المالى وتقويض جهود رفع الدعم والتحكم فى فاتورة الاجور، لكنها أوضحت أن سياسات التقشف يبدو انها وصلت لنهايتها وهو ما يحد فرص تجدد الحراك الاجتماعى على المدى القصير.
وقالت إن التوسع فى طرح سندات بالعملات الأجنبية خلال السنوات الماضية يجعل موقف الدين كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى مرهون بأداء الجنيه أمام العملات لأخرى، مشيرة إلى ارتفاع الدين الخارجى إلى ما يزيد على 30% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى الماضى.
وذكرت أن كل 10% انخفاض فى قيمة الجنيه أمام الدولار سترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلى بنحو 3%، لكن فى الوقت نفسه من غير المتوقع تراجع الجنيه بصورة مربكة خلال الفترة المقبلة، خاصة أنه فقد أكثر من 50% من قيمته وسعر الصرف الحقيقى الفعال أقل من 20% من متوسطاته التاريخية على مدى 20 عاماً.
وتوقعت تراجع نسبة الدين إلى 75% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول العام المالى 2024/2025 إذا ما حافظت الحكومة على تحقيق فائض أولى فى حدود من 1.5% إلى 2%، ورجحت ارتفاع نمو الاقتصاد بأكثر من التوقعات خلال العام المالى 2019-2020 بدعم من تباطوء وتيرة التقشف، بالتزامن مع تباطؤ مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص فى قروض البنوك.
وتوقعت أن يسهم تضاؤل عجز الموازنة وتراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى مع التوسع فى القروض الخارجية، يرفع الضغط على البنوك لإعادة توجيه السيولة لديها لصالح إقراض القطاع الخاص بما يدعم نمو معدلات الاستثمار والمكاسب الإنتاجية.
أضافت أن الفائدة على أوراق الدين المحلى ستنخفض السنوات المقبلة مع التراجع المتوقع لعلاوة المخاطر بما ينعكس على عروض المستثمرين، وذكرت أنه خلال الفترة بين 2005-2006 وحتى 2007-2008 تراجع الدين الحكومى من 90.3% من الناتج المحلى الإجمالى إلى 70.1% بالتزامن مع انخفاض الضعوط التضخمية وتخلى البنك المركزى عن التشديد النقدى، وهو سيناريو مشابه لما يحدث الاَن، وتراجعت الفائدة على السندات حينها 3.7% لتسجل 5.4% فى المتوسط مقابل 9% فبل ذلك.
تابعت: “نتوقع تكرار هذا السيناريو بما يساعد على خفض عجز الموازنة العامة للدولة، على أن يسهم كل 1% تراجع فى سعر الفائدة الفعال على الأذون والسندات إلى خفض العحز 0.9% من النتاج المحلى الإجمالى”.
وقالت كابيتال إيكونوميكس، إن مزيد من الإصلاحات يجب على الحكومة اخاذها للحفاظ على الاستقرار الكلى مثل تحسين مرونة سوق العمل والوصول إلى الأراضى، وأوضحت أن هناك علامات على تردد الحكومة فى تنفيذ تلك الإصلاحات اللازمة لتفجير مستويات النمو المحتملة.