مورجان ستانلى: السيولة الدولارية بين البنوك بدأت فى التحسن ولكنها تعتمد على مصدر واحد
على الرغم من ارتفاع تداولات اﻹنتربنك الدولارى بنحو %73 العام الماضى مقارنة بعام 2017 إلا أن هذا النشاط فى سوق تداول الدولار بين البنوك لم يكن نتيجة فوائض متعددة المصادر لدى البنوك، حيث إن غالبية هذه التداولات نتيجة مصدر واحد هو استثمارات اﻷجانب فى سوق الدين الحكومى سواء بالدخول أو الخروج، وهو ما جعل نشاط اﻹنتربنك الدولار مرهوناً بالاستثمارات الأجنبية الساخنة.
ارتفعت قيمة تداولات اﻹنتربنك الدولارى خلال العام الماضى إلى 24.4 مليار دولار مقابل 14.14 مليار دولار خلال 2017 وكانت بداية التداولات منذ بداية أبريل 2018 والذى شهد أولى تخارجات الأجانب من سوق الدين المحلى على خلفية أزمة الأسواق الناشئة، ووصلت التداولات إلى 3.9 مليار دولار فى يوليو الماضى، وبذلك تكون التداولات تخطت 40 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف.
ولم يشهد اﻹنتربنك الدولارى تداولات نشطة أخرى رغم تدفق 111 مليار دولار إلى القطاع المصرفى منذ تحرير سعر الصرف، كما أنه مازال بعيدًا عن مستويات التداول فى عامى 2006-2007 الذى شهد تداولات بقيمة تخطت 105 مليارات دولار.
ورغم أن البنك المركزى لم يكشف بعد تداولات اﻹنتربنك لشهر يناير الماضى، لكن بعد تسجيل استثمارات الأجانب فى محافظ الأوراق المالية أول تدفق إيجابى ارتفعت الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى وتقلص صافى التزامات مركزها المالى الخارجى إلى 78 مليار جنيه مقابل صافى التزامات قدرها 114.5 مليار جنيه فى ديسمبر.
وقالت وزارة المالية فى بيان لها، إن استثمارات الأجانب فى أذون وسندات الخزانة بلغت 15.8 مليار دولار بنهاية فبراير الماضى
وقال مورجان ستانلى، فى تقرير حديث له، إن مستوى السيولة فى اﻹنتربنك الدولارى تحسن، مشيرًا إلى أنها بدأت الزيادة بشكل ملحوظ فى مايو الماضى وبلغت ذروتها فى يوليو الماضى بالتزامن مع التدفق الضعيف للأموال من صندوق تحويل الأموال وهو أمر مشجع يدل على قدرة البنوك فى تغطية طلبات المستثمرين الأجانب وقت خروجهم.
واشار إلى عاملين ينبغى النظر إليهما بحذر، الأول هو أن الزيادة فى التحويلات عبر الإنتربنك كانت مدفوعة باستثمارات الأجانب موضحا أنه من الأفضل أن يكون سوق التعاملات البينية مرتفع السيولة عبر اتساع قاعدة المشاركين وليس الاعتماد على جانب واحد وهو المستثمرون الأجانب كمصدر أساسى للسيولة.
والعامل الثانى هو استقرار الجنيه الذى كان مفاجئًا فى ظل هذا القدر من التدفقات للخارج، موضحا أن البنوك فرطت فى أصولها الأجنبية وسط هذا القدر من عدم اليقين وتقلبات الأسواق الناشئة دون تحريك سعر الصرف.
وقال طارق متولى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك بلوم السابق، إن نشاط اﻹنتربنك مرهون بتوافر فوائض دولارية داخل البنوك ووجود اختلاف فى احتياجاتها بشأن العملة حيث تشترى البنوك التى لديها عجز فى الموارد الدولارية من البنوك التى لديها فائض.
وذكر أنه فى ظل محدودية نمو الطلب على الدولار واستقرار نمو التدفقات الأجنبية لم يكن هناك عجز أو فائض يستدعى نشاط اﻹنتربنك لحين بدأت موجة الخروج من الأسواق الناشئة.
وتوقع أن تواصل مساهمة استثمارات اﻷجانب فى سوق اﻹنتربنك ارتفاعاتها نتيجة إلغاء آلية تحويل الأموال للمستثمرين الأجانب فى ديسمبر الماضى، وهو ما يعمق مرونة سعر الصرف من جهة، لكن يتعين على البنوك أخذ الحيطة من تقلبات الأسواق العالمية، وتوسيع مصادر التدفقات النقدية لديها.
وقال مركز أبحاث بنك الإمارات دبى الوطنى على موقعه الإلكترونى، إن إلغاء آلية تحويل الأموال وزيادة الاعتماد على الأموال الساخنة فى تعزيز أصولها الأجنبية ينشأ عنه فوائض متذبذبة على المركزى التعامل معها بحذر قبل ضمها للاحتياطى.
وقال مدير غرفة المعاملات الدولية فى أحد البنوك العامة، إن البنك المركزى لا يسمح للبنوك بالاحتفاظ بفائض السيولة لديها فى شكل نقدية داخل خزائنها، وذلك إذا تخطى إجمالى فائض السيولة فى العملات المحلية والأجنبية %20 من القاعدة الرأسمالية للبنك، كما يفرض على البنوك التى لديها عجز بالنسبة نفسها الشراء من اﻹنتربنك وذلك اعتبارًا من ديسمبر 2017.
أوضح أن هذه النسب تختلف فى مراكز العملات المنفردة، والتى تمثل أصول البنك من عملة الدولار على سبيل المثال مخصومًا منها التزامات البنك فى آخر تعاملات كل يوم، فى هذه الحالة يجب إلا يتخطى الفائض أو العجز %10 من القاعدة الرأسمالية للبنك.
أضاف أن تعديلات البنك المركزى على مراكز العملات، حدت من نشاط الإنتربنك لكن عززت مستويات السيولة من العملة لدى البنوك، مشيرًا إلى أنه قبل ذلك كانت النسب للفائض الذى يجب عدم تخطيه هو %1 من القاعدة الرأسمالية بالنسبة لمركز العملات المنفردة و%2 بالنسبة لإجمالى العملات.
أضاف أن البنوك أيضًا توسعت فى تعزيز قواعدها الرأسمالية خلال العامين الماضيين وهو ما يجعل القيمة المعادلة لنسبة الفائض أو العجز تتسع.
لكنه توقع أن تعود تداولات اﻹنتربنك لما كانت عليه بالتزامن مع تحسن التصنيف الائتمانى للدولة، وتعافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعافى الطلب على الدولار.
وقال محلل قطاع البنوك فى إحدى شركات الأبحاث، إن 2017 شهد تدفقات دولارية كبيرة قابلها التزامات واعتمادات مستندية معلقة وقوائم انتظار طويلة كانت الأولوية لها فى تدبير العملة لذلك لم يشهد اﻹنتربنك الدولارى حركة كبيرة، خاصة أن أكبر البنوك نشاطًا فى هذا المجال كان لها النصيب الأكبر فى التنازلات الدولارية فوازن العرض الطلب.
أوضح أنه منذ مايو الماضى بدأت الأصول الأجنبية للبنوك فى التراجع حتى سجلت صافى التزامات بنحو 21 مليار جنيه فى يوليو الماضى، وتراجعت نسبة السيولة بالعملة الأجنبية فى البنوك إلى %67.5 بنهاية يونيو و%63.1 بنهاية سبتمبر وكان التراجع أكبر لدى أكبر5 بنوك، بالتزامن مع وجود طلب كبير من الأجانب ما أدى لنشاط اﻹنتربنك.
أضاف أن ذلك انعكس على ارتفاع بند صافى الاستثمارات الأخرى فى ميزان المدفوعات إلى صافى استخدام بقيمة 3.87 مليار دولار مقابل صافى سداد بقيمة 2.99 مليار دولار، بعدما تراجع هذا البند فى ميزان المدفوعات خلال العام المالى الماضى إلى 2.64 مليار دولار مقابل 7.1 مليار دولار فى العام المالى 16/17.
وقالت موديز، للتصنيف الائتمانى، فى تقريرها الأخير عن القطاع البنكى، إن ارتباط السيولة الأجنبية بالبنوك باستثمارات الأجانب يبقيها تحت رحمة استئناف التشدد النقدى فى الأسواق العالمية، وهو ما تتوقع حدوثه خلال فترة غير بعيدة.
أضافت أن تعافى الإيرادات السياحية وارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادات عائدات تصدير الغاز يسهم فى تحسين مستوى السيولة الأجنبية فى القطاع المصرفى ويقلل مخاطر اعتمادها بشكل أساسى على استثمارات الحوافظ المالية.
ويعتزم البنك المركزى تدشين نظام تسوية لحظى بالعملة الأجنبية ويهدف إلى الحد من المخاطر الخاصة بتسوية العملات الأجنبية بين البنوك وخفض التكلفة المصرفية الخارجية للبنوك المراسلين بالإضافة إلى استخدام النظام كقاعدة رئيسية لتعاملات البنوك التجارية مع الأنظمة الدولية.