الاعتماد على المؤشرات الاقتصادية التقليدية مثل الناتج المحلى يغفل كثير من التفاصيل المهمة
قالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إن المؤشر العالمى للصحة والثروة والسعادة يضع البلدان الكبيرة والاقتصادات المزدهرة على نحو متزايد فى مؤخرة الخط.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أنه مع تكاثر التقييمات الجديدة لمستويات المعيشة العالمية ومحاولة قياس مدى اعتماد البشر السليمين والسعداء والناجحين على المكان الذي يعيشون فيه، فإن المؤشر يظهر نمطاً مختلفاً.
وأشارت إلى أن الاختلافات الطفيفة فى البيانات يمكن أن تؤدى إلى نتيجة مختلفة، إلا أن البلدان الأصغر تهيمن بشكل متزايد على قمة الترتيب بينما تتخلف البلدان الكبيرة ذات الاقتصادات المزدهرة عن الركب.
وصنف تحليل جديد نشرته شركة الاستثمار “ليتر وان” لمؤشر الرفاهية العالمى كندا كأفضل بلد من أصل 151 دولة حول العالم.
وأوضح التحليل، أن الولايات المتحدة تخلفت عن الركب ووصلت إلى المرتبة 37 بينما تأتى جنوب أفريقيا فى المرتبة الأخيرة تحت أوكرانيا ومصر والعراق.
واستناداً إلى مجموعة من المقاييس تتراوح من الإنفاق الحكومى على الرعاية الصحية إلى معدلات الاكتئاب وشرب الكحول والتدخين والسعادة وممارسة الرياضة، فإن المؤشر الجديد هو أحدث محاولة من الاقتصاديين لتقييم العالم بخلاف النمو الاقتصادى، وفى الشهر الماضى وصفت أبحاث وكالة “بلومبرج” إسبانيا بأنها الدولة الأكثر رفاهية فى العالم.
وهناك موضوع مشترك فى كلا الاستطلاعين يتمثل فى أن المراكز العليا باتت مملوءة بشكل متزايد بالبلدان الأصغر وقد يكون هذا مرتبطًا بالباحثين الذين يعملون على تطوير مقاييس جديدة للعالم الحديث وهى إجراءات لا ترتبط بالضرورة بالصحة الاقتصادية مع الصحة الفعلية على حساب مقاييس أخرى أكثر دقة.
وقال ريتشارد ديفيز، الخبير الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا المركزى، والذي قام بعملية تجميع مؤشر “الرفاهية العالمي” إن المخاوف القديمة بشأن النمو في البلدان النامية باتت غير موجودة على الإطلاق”.
وأضاف أن البيانات صنفت كندا كأفضل البلدان بشكل كبير، نظراً لبياناتها الجيدة بشأن معدل ضغط الدم والعمر المتوقع لكل شخص إلى جانب الإنفاق الحكومى على الرعاية الصحية بالإضافة إلى أنها تولى اهتماماً كبيراً بمستويات السعادة المرتفعة فى البلاد.
وعلى النقيض من ذلك سجلت جنوب أفريقيا التى كانت فى يوم ما منارة للنمو الاقتصادى نتائج ضعيفة بالنسبة لمتوسط العمر المتوقع وتعاطى الكحول والاكتئاب وانتشار مرض السكرى.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أنه فى القائمة الشاملة تكافح العديد من الاقتصادات الرئيسية عندما تم تصنيفها مقارنة بالدول الأصغر.
وضمت قائمة أفضل 10 بلدان حول العالم دولاً كبيرة مثل الفلبين وكوريا الجنوبية وأصبح أيضًا لدول مثل سلطنة عمان وأيسلندا وجزر المالديف وهولندا وسنغافورة موطئ قدم فى المراكز المتقدمة.
وفى المقابل تم تصنيف المملكة المتحدة في المرتبة الـ15، حيث عوقتها معدلات عالية من السمنة وعدم النشاط.
وفشلت الدول الكبرى مثل اليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا في حجز مكان ضمن أفضل 25 دولة مع المستويات السيئة للـ4 الكبار فى معدلات ضغط الدم المرتفع، بينما احتلت بلدان الشرق الأوسط مرتبة عالية نسبياً بسبب التراجع عن تعاطى الكحول.
وقال ديفيز، إن الولايات المتحدة تعوقها السمنة المفرطة والاكتئاب وعدم النشاط وغيرها من العوامل الأخرى التى تم إدراجها فى المؤشر.
ويركز مؤشر “الرفاهية العالمى” على عشرة مقاييس أساسية تتمثل فى ضغط الدم والسمنة ومعدل الاكتئاب والسعادة وتعاطي الكحوليات والتدخين بالاضافة إلى ممارسة الرياضة والعمر المتوقع والإنفاق الحكومى على الرعاية الصحية.
وأوضحت الوكالة، أنه تم جمع البيانات من المصادر القياسية بما في ذلك المرصد الصحي العالمي، التابع لمنظمة الصحة العالمية، والأمم المتحدة، وكذلك تقرير السعادة العالمية، وبيانات الصحة العامة.
وفى الوقت الذى تميل فيه الدول الغنية إلى القيادة فإن العديد من الاقتصادات الناشئة تسجل أعلى مستوى مقارنة ببعض الدول المتقدمة، ويعود هذا إلى الزيادات الهائلة فى متوسط العمر المتوقع في هذه البلدان في السنوات الأخيرة إلى جانب ارتفاع معدلات الاكتئاب والسمنة فى الدول المتقدمة.
والدرجات المنخفضة لبلدان مثل جنوب أفريقيا وهو اقتصاد تم الإشادة بمعدل نموه في العقد الأول من القرن الـ21 يظهر أن مجرد ترتيب اقتصاد قائم على مقاييس اقتصادية تقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي وحده يمكن أن يفوت أجزاء مهمة من القصة عندما يتعلق الأمر بالرفاهية.
وقال ديفيز، إن اقتصادات المستقبل قد يمكن الحكم عليها بـ3 مستويات ويمكن أن تشمل التدابير التقليدية للاقتصاد ككل مثل الناتج المحلى الإجمالى ومعدلات التوظيف والمؤشرات التى تشير إلى مدى عدالة ونزاهة الدولة، ولكن الطبقة الجديدة تشمل مقاييس الصحة والسعادة والرفاهية.