محرك النمو الأوروبى يكافح لتلبية احتياجات النظام العالمى
تقوم معظم الشركات الألمانية مثل “فولكس فاجن” منذ فترة طويلة بعملية تحول لتلبية احتياجات النظام العالمى المتغير، لكن فى هذه المرة، يبدو أن المخاطر أكبر فى الوقت الذى يعصف فيه العالم بالصراعات التجارية وتحول قوة ألمانيا التقليدية إلى التقنيات الرقمية الحديثة.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن القاعدة الصناعية لألمانيا التى تركز على التصدير وتعد بمثابة المحرك لنموها أصبحت فى وضع حرج خلال الوقت الراهن، وفى مواجهة التحديات التى تفرضها الحمائية الأميركية وتراجع النمو فى الصين، فإن ألمانيا معرضة لخطر أكبر من فرنسا المجاورة بسبب اعتماد برلين الكبير على بيع السلع المصنعة.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن التحديات التى ربما تستمر على المدى الطويل فى ألمانيا قد تكون أكثر إثارة للقلق فالبنية التحتية للنقل آخذة فى الانهيار وشبكات البيانات متفاوتة وربما يبدأ السكان فى التقلص خلال العقد القادم كما أن صناعة السيارات الحيوية مهددة بسبب ظهور السيارات الكهربائية ذاتية القيادة.
وقال بيتر ويلز، الأستاذ فى كلية “كارديف” للأعمال والذى يدرس التصنيع العالمى للسيارات، إن المستوى العادى للاستثمار يسعى لتلبية الطلب الإضافى فى وقت يحاول فيه العثور على الإجابة الصحيحة لهذه التقنيات الجديدة.
أضاف أن الصناعة الألمانية كانت فى حالة تجاهل تام لآفاق السيارات الكهربائية ولكنها الآن تحاول اللحاق بالركب.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه البنك المركزى الأوروبى، عن برنامج تحفيز جديد وخفض توقعاته للنمو العام الجارى متنبأً بتوسع نسبته 1.1% فقط.
وتجنبت ألمانيا بفارق ضئيل حدوث ركود نهاية العام الماضى بعد أن أدت اختناقات السيارات من التغيرات فى الانبعاثات إلى انكماش فى الربع الثالث ومن المتوقع أن تحقق برلين النمو الأضعف العام الجارى منذ 2013 وهو الأمر الذى قد يحفز الحكومة على اقتراح سياسة صناعية وطنية لأول مرة فى حكم المستشارة أنجيلا ميركل، منذ 14 عامًا فى السلطة.
وأوضحت “بلومبرج” أن ألمانيا لايزال لديها سجل حافل من التكيف حيث خرجت من رماد الحرب العالمية الثانية لتصبح قوة صناعية فى أوروبا وكان اندماج الشرق الشيوعى بعد سقوط “جدار برلين” قبل 30 عامًا ناجحًا إلى حد كبير، وتعتبر قوة العمل فى ألمانيا من بين أكثر الكفاءات فى العالم ويضم نظامها التعليمى 10 جامعات ضمن أفضل 100 جامعة حول العالم.
وأوضح يواخيم شولز، الرئيس التنفيذي لشركة “آيسكولاب” الشركة المصنعة للأدوات الجراحية “لدينا ثروة هائلة من الإمكانيات فى ألمانيا، والتى أخشى أن أقول أنها لا توجد فى أى مكان آخر”، ويزداد الضغط بشكل خاص فى قطاع السيارات، حيث يتدافع المنتجون وصانعى المكونات على حد سواء للتكيف.
وفى الوقت الحالى تقوم الشركات الألمانية بتقليص العمالة وإصلاح شامل لأعمالها التجارية بهدف تقليل الاعتماد على محرك الاحتراق إلى جانب إحداث طفرة فى مجال الطاقة المتجددة وتوسيع عملية الاستثمار فى الإلكترونيات.
وقالت “بلومبرج” إن التغييرات الأكثر جذرية يجريها عملاق السيارات “فولكس فاجن”، والتى لاتزال تتعافى من فضيحة الغش فى الانبعاثات الصادرة عام 2015 والتى شوهت صورة الشركة وعلامة “صنع فى ألمانيا” الأوسع، وتقول أكبر شركة لصناعة السيارات فى العالم، إنها ستنفق 50 مليار دولار لتطوير عشرات السيارات التى تعمل بالبطاريات بحلول عام 2025 ومصانع إعادة تصنيعها لبناء هذه السيارات.
واقترحت الحكومة استراتيجيتها الصناعية استجابةً للمخاوف من أن تتقلص ألمانيا والصين بسبب تحول الاقتصاد العالمى إلى تقنيات جديدة، ويدعو البرنامج الجديد إلى الدفاع عن القيادة الألمانية فى القطاعات الرئيسية مثل المعادن والآلات والاستثمار فى تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعى والذى يصفه التقرير بأنه أهم تطور منذ المحرك البخارى.
وقال وزير الاقتصاد الألمانى بيتر ألتماير، “قضينا الكثير من الوقت فى مناقشة الأسئلة الصغيرة التى تواجه هذا البلد وليس الوقت الكافى بشأن الأسئلة الكبيرة حيث يتعلق الأمر بما إذا كان من الممكن الحفاظ على الثراء الهائل الذى حققناه على مدى الأعوام الـ70 الماضية”.