القائمة السوداء للجهات غير المتعاونة تركز على ملاذات التهرب الضريبى
وضع الاتحاد الأوروبى معايير الأصول الاقتصادية بهدف تنظيم التعامل مع التحركات المالية التى يمكن أن تكون باباً مفتوحاً لممارسات ملاذات التهرب الضريبى عبر المراكز المالية الدولية، وتجنباً للانضمام إلى القائمة الأوروبية السوداء أدخلت غالبية المراكز مؤخراً تشريعات تنص على متطلبات هذه المعايير لبعض الكيانات الخاضعة لولاياتها القانونية.
وفى يونيو 2018، أصدر الاتحاد الأوروبى ورقة تحديد النطاق التى تحدد متطلبات الأصول الاقتصادية التى كان يتعين على مؤسسات التمويل الدولية المستهدفة اعتمادها قبل عام 2019 فيما يتعلق بالكيانات ذات الصلة الموجودة ضمن ولاياتها القانونية، ومن المتوقع الآن أن تصبح هذه المتطلبات معياراً عالمياً لمنظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى، حيث تمت المصادقة عليها مؤخرًا من قبل المنتدى المعنى بالممارسات الضريبية الضارة.
وبعد عدة أشهر من النقاش والتفاوض مع الاتحاد الأوروبى، سنت جميع الولايات القضائية الرئيسية فى مؤسسة التمويل الدولية بما فى ذلك “برمودا” وجزر “كايمان” وجزر “فيرجن البريطانية” و”جيرسى” و”جيرنزى” وجزيرة “مان”، تشريعات مماثلة على نطاق واسع بشأن الأصول الاقتصادية للوفاء بقواعد الاتحاد الأوروبى بحلول الموعد النهائى فى 31 ديسمبر من العام الماضى.
ووفقاً للتشريع الذى تم إقراره يلزم الآن مستوى كاف من إثبات الأصول الاقتصادية للكيانات التى تمارس الأنشطة ذات الصلة مثل الخدمات المصرفية والتأمين وإدارة الأموال والتمويل والتأجير التمويلى وإنشاء مقر للشركة وإجراءت الشحن وإثبات الملكية الفكرية ومراكز التوزيع والخدمات والمؤسسات التى تحمل صفة القابضة، وبشكل عام، يعنى وجود مستوى مناسب من الأصول الاقتصادية أن الأنشطة موجهة فعلياً وتدار فى نطاق الولاية القضائية وأن الأنشطة الأساسية المدرة للدخل يتم تنفيذها فى هذا النطاقة وليس مقر مسجل على الورق.
ومع الأخذ فى الاعتبار ميزات كل صناعة أو قطاع معين، تتضمن المتطلبات مستوى مناسب من وجود الأشخاص المؤهلين ونفقات التشغيل والمبانى فى نطاق الولاية القضائية، ومما لا شك فيه أن إدخال متطلبات الأصول الاقتصادية يمثل تغييراً هاماً فى مؤسسات التمويل الدولية وسيكون لبعض الكيانات خيار الاختيار بين تغيير نموذج أعمالها أو الانتقال إلى نطاق ولاية قضائية أخرى مناسب.
ومن المرجح أن يظل مدى التأثير على الولايات القضائية الفردية غير واضح لعدة أشهر قادمة، لكن بالنسبة لمؤسسات التمويل الدولية فلديها تاريخ طويل فى التكيف مع التغيير استناداً إلى الدور الهام الذى تلعبه فى الاقتصاد العالمى، والذى يتجاوز سوء استغلال المزايا الضريبية التى يركز عليها الاتحاد الأوروبى.
وتوفر مؤسسات التمويل الدولية منصات فعالة ومفيدة لتسهيل الأنشطة العابرة للحدود وتمكين استثمارات كبيرة من التدفق فى جميع أنحاء العالم، ودعم النمو الاقتصادى والوظائف وإيرادات الضرائب فى الولايات القضائية المحلية، وعندما ترغب الأطراف من مختلف البلدان التى لديها قوانين وأنظمة تنظيمية وضريبية مختلفة فى القيام بأعمال تجارية مع بعضها البعض، فإن توفير مكان آمن ومحايد لإجراء مشروع مشترك يوفر العديد من الفوائد.
وتتجه مؤسسات التمويل الدولية لتلبية احتياجات التجارة والاستثمارات الدولية مع وجود أنظمة تنظيمية متخصصة وفعالة لأنواع محددة من أنشطة القطاع المالى، وسوف تتطلع كل مؤسسة مالية دولية إلى التعامل مع آثار هذا التحدى الجديد بطريقتها الخاصة والاستفادة إلى أقصى حد من أى الفرص المتاحة ويجب أن تكون مؤسسات التمويل الدولية القوية والشفافة التى تفى بالفعل بمعايير الامتثال العالمية الحالية فى وضع جيد لإدارة عملية الامتثال للمتطلبات الجديدة.
وفى “برمودا”، على سبيل المثال، تفى العديد من الكيانات الخاضعة لولايتها بالفعل بالمتطلبات وأدرك الاتحاد الأوروبى صراحة الطبيعة الجوهرية لبعض الصناعات الرئيسية مثل التأمين وإعادة التأمين والذى يعززه الامتثال لمتطلباته التنظيمية الجديد، كما أعلنت حكومة “برمودا” مؤخراً عن تنازلات فيما يتعلق بتصاريح العمل وضريبة الرواتب لتسهيل تأسيس الأصول الاقتصادية فى نطاق الولاية القضائية لها.
وأصدر الاتحاد الأوروبى بعد مراجعة للتشريعات واللوائح المصاحبة التى وضعتها كل مؤسسة مالية دولية قائمة سوداء جرى تحديثها بالولايات القضائية غير المتعاونة من بينها “بليز” و”برمودا” و”دومينيك” و”فيجى” وجزر “مارشال” و”عمان” و”الإمارات” و”فانواتو”، واتهمها بعدم تطبيق تعهداتها وفق اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبى فى المواعيد المحددة، وتأتى هذه القائمة ضمن استراتيجية الاتحاد الأوروبى وجهوده الرامية إلى محاربة ظاهرة التهرب الضريبى عبر سياسيات ضريبية رشيدة حول العالم تسد أى ثغرات فى قواعدها الضريبية تسمح بالتلاعب.