جذب الكفاءات الوظيفية فى المناصب القيادية يتحول لمعركة شرسة
غياب التدريب والاستثمار فى شباب المبدعين يعرض المؤسسات لخطر الركود
يمكن أن يؤدى العمل فى المراكز المالية المتقدمة إلى ظهور تحديات كبيرة فى إدارة المواهب لشركات الخدمات المالية والقطاعات الداعمة المرتبطة بها ولسنوات عديدة كان الحل هو جذب الأشخاص من داخل الدولة نفسها أو من أجزاء أخرى من العالم عبر إغرائهم بميزات كثرة أهمها الحصول على مكانة مرموقة فى العمل.
وقال تيم موزيو، كبير المستشارين فى ممارسة الخدمات المالية بـ”اودجر انتيريم”، إن انتقال الموظفين خياراً ليس سهلاً، لأن المنافسة على هذه المواهب شرسة خاصة على مستوى كبار الموظفين.
أضاف أن المكانة الوظيفية تعتبر الدافع الرئيسى للتنقل وتحتاج الشركات إلى النظر فى نقاط الجذب الفريدة الخاصة بها عندما يتعلق الأمر بالحصول على كفاءات فردية وقد يكون عامل الجذب هو مستوى المسئولية الوظيفية فى الموقع الجديد أو الفرصة للدخول فى دور أكبر، وتوجد اختلافات كبيرة حول قواعد التوظيف التى تحتاج إدارات الموارد البشرية للوصول إليها بحسب ريك هاميل، الرئيس التنفيذى لشركة “إليمنتس جلوبال سيرفيسز”.
وقال هاميل، إنه قد يفترض المرء أن المراكز المالية الدولية مثل سويسرا ولوكسمبورج متشابهة للغاية فى أساليبها لإدارة المواهب، ولكن توجد بضعة اختلافات كبيرة فعلى سبيل المثال، تفرض لوكسمبورج أسبوع عمل لمدة 40 ساعة كحد أقصى، بينما يمكن للموظفين فى سويسرا العمل لمدة تصل إلى 50 ساعة.
وقد يكون للخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى تأثير على حركة المواهب فى القارة العجوز لأن الوضع الحالى يعنى أن المواطن البريطانى قادر على العيش والعمل فى أى بلد آخر من بلدان المنطقة الاقتصادية الأوروبية دون الحاجة إلى تصريح عمل، لكن هذا الموقف قد يتغير بعد الخروج، كما أن حصول بريطانيا على المواهب سيكون أمراً صعباً.
وخارج الوظيفة نفسها، يوجد عدد من العوامل الأخرى المؤثرة على إدارة المواهب التى يجب مراعاتها، وتقول جوان دانيل، المدير العالمى لخدمات دعم الثقافات واللغات والشركاء فى “كراون وورلد موبيليتى”، إن جزر مثل “جيرسى” و”جيرنزى” ليست دائماً أماكن مثالية للعائلات نظراً لصعوبات الوصول إليها والانتقال الى أماكن أخرى، فى حين أن جزر “كايمان” تعانى من ارتفاع تكلفة المعيشة وعدم وجود نظام للرعاية الصحية الاجتماعية رغم البيئة الضريبية الجذابة.
وتشير دانيل إلى أنه من منظور إدارة المواهب، يصبح من المهم للغاية توفير التدريب لسد الفجوة بين الثقافات لمساعدة الموظفين والعائلات على الاندماج، وفى تجربة مختلفة، نقلت شركة لوكسوف للتكنولوجيا مقرها الرئيسى إلى سويسرا منذ 5 سنوات، ومنذ ذلك الحين جذبت موظفين من 15 دولة مختلفة خاصة فى الاتحاد الأوروبى حيث يعملون ويعيشون مع أسرهم بمقرها فى “زوج”.
ويقول ديمترى كوشنير، رئيس “جلوبال ديليفرى لوكيشنز”، إنه يمكن للموظفين الذين تم نقلهم استئجار أو شراء العقارات فى سويسرا بسهولة فالقيد الوحيد للشراء هو الحاجة للحصول على إذن لشراء منزل أو شقة، كما أن الأسعار المرتفعة للتأجير أو الشراء تشكل أيضاً تحدياً فى بعض الأحيان، ولكن عادة ما ينعكس ذلك فى ارتفاع الأجور لتعويض هذا الأمر.
وفى بعض المواقع، مثل سويسرا ولوكسمبورج، قد يكون اختيار موظفين مقيمين فى فرنسا أو ألمانيا القريبة خياراً، وتقول ميشيل رايلى الرئيسة التنفيذية لـ”كاتس إنترناشيونال”، إن هناك أعداداً كبيرة من الموظفين الذين يسافرون للعمل من فرنسا وألمانيا، حيث أن العيش فيها أرخص.
وتوجد خيارات أخرى لإدارة المواهب للشركات تتجاوز نقل الموظفين حيث أن الشراكة مع الجامعات أو الكليات المحلية لتوظيف الخريجين وتدريبهم يمكن أن تساعد فى تطوير الموظفين على مستوى المبتدئين، ويمكن تكملة ذلك من خلال جذب المتقاعدين الجدد للمساعدة فى نقل المعرفة إلى العمال الشباب.
وتعتبر هذه الطريقة فعالة من حيث التكلفة لنقل المهارات والمعرفة إلى القوى العاملة الشابة، وهذا يعني أيضاً أن العائدين لسوق العمل لديهم الفرصة لإعادة التواصل مع صاحب العمل القديم.
حتى أن بعض شركات التكنولوجيا تتطلع إلى تطوير خريجى الكليات والمتدربين بحسب بن كيمبتون، المدير الإدارى الاستشارى بشركة “ترينتو اكسيك”، فهذا ما يمكن لشركات الخدمات المالية النموذجية أن تسعى إلى تكراره محذراً من أن المنظمات من مختلف القطاعات التى تقرر عدم الاستجابة أو الاستثمار فى متطلبات المواهب تواجه خطر الركود فى المستقبل بسبب توظيف قوة عاملة غير متطورة.
ويقول ديفيد كارترايت، مؤسس أكاديمية “أو بى دى”، إن الاستفادة من المواهب المتوفرة لدى الشركات خيار آخر من خلال الاستثمار فى التدريب والتطوير مشيراً إلى أهمية عدم التركيز فقط على توظيف أشخاص جدد فى وقت تحتاج فيه قاعدة العمل الحالية إلى التطور.