تباينت أراء محللون ومصرفيون حول مدى جاذبية سوق الدين المحلى بعد مكاسب الجنيه أمام الدولار وتوقعت مزيدا من خفض الفائدة خلال العام الحالى ، حيث يرى البعض أنه حال استمرار تراجع الدولار سيكون دخول الأجانب للسوق المحلى مؤقتا وسيتوقف عند تسعير محدد وهو ما سيهدد قيمة الجنيه مرة أخرى ، فى حين يرى محللون أن المستثمر الأجنبى على وعى بآليات السوق ويعى أهمية الاستثمار فى سوق لديه أساسيات اقتصاد قوية ، مشيرين إلى أن قيمة الاستثمار ذاته تحمل جاذبية أكثر من أسعار الفائدة غير المستقرة والتى تمثل ربحا سريعا وغير مضمون .
وقال محمد أبوباشا، نائب رئيس قطاع البحوث فى المجموعة المالية هيرميس، إن الأسواق الناشئة تلقت تدفقات أجنبية كبيرة فى أسواق الدين، وكان نصيب مصر من تلك التدفقات كبيرا فى ظل استقرار
أساسيات الاقتصاد لديها من حيث الاحتياطى القوى وتحسن الحسابات الخارجية والعوائد المرتفعة وهو سيناريو مشابه لنيجريا، التى شهدت هى الأخرى تدفقات كبيرة عقب إجراء الانتخابات الرئاسية.
أضاف أن من بين التدفقات الجديدة هناك مستثمرين جددا يراهنون على العوائد الحقيقية نتيجة تطبيع معدلات التضخم، وذلك بجانب العائد الاسمى المرتفع تبرر توسعهم فى الدين المرتفع حيث إن أى خسارة فى سعر الصرف فى حدود من 1% إلى 2% يسهل احتوائها وتعويضها بالعائد المرتفع، كما أن المستثمرين الأوائل غير متجهين للبيع حاليًا رغم مكاسبهم الكبيرة، وذلك لمحدودية الفرص الاستثمارية المغرية الأخرى.
وقال إن ارتفاع الجنيه أعلى من 4 إلى 5% يقلل جاذبية الأوراق الحكومية بالجنيه المصري، وهى اللحظة التى قد يتوقف فيها الأجانب عن الاكتتاب ، خاصة أنه خلال النصف الثانى من العام سيبدأ الأجانب فى تحصيل أرباحهم فى ظل اتجاه العائد الحقيقى للتعادل ومخاطر انخفاض قيمة الجنيه سوف تزداد .
لكنه اشار إلى أنه على المدى متوسط سيظل المستثمرون الأجانب مهتمين بالدين المحلى فى ظل المؤشرات المواتية للحسابات المالية والخارجية، كما أن إصلاحات سوق الدين ستكون المحفز الرئيسى لاستثمارات الاجانب.
ومن جانبها قالت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس إن تماسك الجنيه وتحقيقه بعض المكاسب من شأنه زيادة جاذبية السوق المحلى وتحفيز الاستثمارات الأجنبية ، موضحة أن المستثمر الأجنبى على وعى كبير بآليات الأسواق التى يدخل بها ووجود عمله تحقق مكاسب بالتأكيد يرفع قيمه استثماراتهم ويضمن عدم حدوث مخاطر مرتفعة او خسائر مفاجأة.
واستبعدت السويفى حدوث تراجع كبير فى سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الفتره المقبلة ، مشيرا إلى ان هناك تحسنا فى مختلف المؤشرات وهو ما انعكس على قيمة الجنيه ، موضحة أن هناك تحسنا فى تدفقات العملة من السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج .
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأدوات الدخل الثابت بشركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار، إن رفع التصنيف الائتمانى لمصر ورؤيتها الإيجابية عن الاقتصاد المصرى والقدرة على سداد الديون الخارجية ستعزز دخول الأجانب فى سوق الدين المحلى، متوقعًا الوصول لمستوى ذروتهم فى فبراير 2018 ، خلال شهرين من الاَن.
أوضح أن دخول الأجانب يخفض سعر الصرف وبالتبعية التضخم ويرفع سعر العائد الحقيقى ويبقيه فى المنطقة الإيجابية لاطول فترة ممكنة ما يؤدى إلى زيادة الوزن النسبى لمصر .
أضاف أن كل ارتفاع في قيمة الجنيه هو مكسب إضافى من المتاجرة للاجانب متوقعًا الوصول لسعر 16 جنيهًا خلال النصف الأول من العام الحالى .
ورفعت فيتش للتصنيف الائتمانى لمصر إلى B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة ، بدعم من تحقيق مصر تطور كبير فى تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والمالية التى أدت لاستقرار الاقتصاد الكلى والتوحيد المالى والوصول لتمويلات خارجية قوية، كما ثبتت موديز مطلع الشهر الحالى رؤيتها المستقبلية الإيجابية لمصر ما يعنى احتمالية رفع التصنيف الائتمانى خلال 6 أشهر.
وقالت أرقام كابيتال، إن تكلفة التأمين على الديون السيادية فى مصر المرتفعة رغم انخفاضها مؤخرًا تقلل جاذبية السندات الحكومية ، لكن تراجع التضخم الاساسى إلى 9% وتحقيق مستهدفات البنك المركزى للتضخم العام بحلول 2020 يرفع هامش العائد الحقيقى عليها.
وقالت أرقام، إن مصر ثالث أكبر دولة تتيح عوائد مرتفعة على أوراق الدين الحكومى، عند 15% مقابل 17% فى تركيا و24% فى الأرجنتين، لكن تكلفة التأمين على الديون السيادية لديها أعلى 1% من مستوياتها فى تركيا و2% عن البرازيل.
وقال مدير مكتب احد البنوك الاجنبية فى مصر إن سعر الجنيه انخفض فى العقود الاجلة غير القابلة للتسليم والتى يبرمها الاجانب كاجراء تحوطى ضد مخاطر سعر الصرف ما يعنى تحسن الرؤية المستقبلية للجنيه وأن اقصى خسائره لن تتخطى 18 جنيهًا وهو عامل يحفز اكتتابات الأجانب فى أدوات الدين المحلى، خاصة مع تخلى الفيدرالى الأمريكى عن التشدد النقدى.